القاهرة - أيمن صقر
شهد مجلس الشعب المصري الأسبوع الماضي صداما حادا بين المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والحكومة ممثلة في وزير المالية د.يوسف بطرس غالي، ود.مفيد شهاب وزير الشؤون البرلمانية حول الحساب الختامي لموازنة الدولة عن عامي 2006/2005 و 2007/2006.
وقال المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات: إن الجهاز عين السلطة التشريعية على النشاط الاقتصادي للدولة، وهو القائم على الرقابة المالية وعلى الأداء ومتابعة تنفيذ الخطة والمراقب العام على حسابات الدولة.
وأعلن جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ان للحكومة 12 إيجابية و22 سلبية مؤكدا أنه حدث تحسن واضح في معدل النمو الاقتصادي بنسبة 7% فزاد الفائض في ميزان المدفوعات وكذلك تدفقت الاستثمارات إلى مصر لتصبح الأولى على افريقيا وارتفع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي إلى 28.5 مليار دولار.
وحول السلبيات التي رصدها الجهاز على الموازنة قال الملط: إن عجز الميزان التجاري السلعي بلغ 15 مليار دولار ولا يتجاوز التبادل التجاري مع دول افريقيا 1% ووجود تضارب في البيانات الخاصة بحل أزمة البطالة.
وبدأ الملط في توجيه سهامه، وقال إن الحكومة تتعامل بازدواجية، لأنها تتحدث عن الإيجابيات فقط وتترك السلبيات، وتعمل بشعار «الجو بديع والدنيا ربيع»! موضحا أن عائد الإنجازات لم يتم توزيعه بطريقة عادلة.
وأضاف أن الفجوة مازالت مستمرة بين المصروفات والإيرادات، مع استمرار الزيادة في رصيد المتأخرات المستحقة للحكومة، التي وصلت إلى 99 مليار جنيه، كما انتقد ارتفاع الدين الداخلي إلى نحو 637 مليار جنيه.
وأشار إلى اهتمام الحكومة بالجوانب الاقتصادية على حساب الخدمات في قطاعات: الإسكان والنقل والصرف الصحي ومياه الشرب، فضلا عن عدم الاستخدام الأمثل للمنح والقروض الخارجية، مما يعد إهدارا للمال العام.
ووصف أحوال المحليات بالتسيب الذي وصل إلى حد الفساد، خصوصا في قطاع الإسكان والبناء، واستمرار الخلل في استخدام الصناديق الخاصة في المحافظات، وتوجيه أموالها للإنفاق المباشر على التهاني والتعازي.
وأعرب عن حزنه بسبب زيادة تدفقات استثمارات المصريين إلى خارج البلاد للعام الثاني على التوالي.
كما انتقد ارتفاع أسعار السلع الغذائية، خصوصا المنتجة محليا، بنسب تتراوح بين 6% و46%، واتجاه بعض التجار لسياسة تعطيش السوق، مؤكدا أن المواطنين أصبحوا عاجزين عن مواجهة زيادة الأسعار.
وأكد الملط أن الحكومة فشلت في تطوير التعليم بكل أنواعه، مشيرا إلى وجود أزمة ثقة بينها وبين المواطنين، بسبب غياب التنسيق وضعف الاتصال بين الحكومة المركزية والأجهزة التابعة لها في المحافظات.
وأشار إلى وجود تضارب في البيانات الخاصة بحل أزمة البطالة وقال إن هناك أزمة ثقة بين المواطنين والحكومة نتيجة ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة مما يؤدي إلى تحميل المواطنين بأعباء كبيرة.
وقال إن حكومة د.أحمد نظيف حققت نجاحات واسعة لكنها للأغنياء فيها ولم يشعر بها محدودو الدخل والفقراء.
واضاف ان الحياة ليست «بمبي» كما تقول الحكومة وليست سوداء كما نصورها لكن هناك ايجابيات وسلبيات وان جهاز المحاسبات ليس خصما للحكومة لكنه عين السلطة التشريعية على أدائها المالي.
وقال الملط: لقد طلبت الحكومة مني أن أحول الـ 22 سلبية التي ذكرتها في بيان الجهاز المركزي للمحاسبات عن أداء الحكومة إلى إيجابيات، ليصبح عدد الإيجابيات 34 والسلبيات «مفيش»!
وأكد أن دفاع الوزراء عن الحكومة ورفضهم السلبيات يظهر الأمر كأنه لا توجد سلبيات في أداء الحكومة.
من جانبها اتهمت الحكومة بيان الجهاز المركزي بأنه كلام مرسل، ولم يحدد وقائع معينة لما ذكره عن تعطيش الأسواق أو فساد المحليات وغيرها من القضايا، وانه يبدو كأنه ممثل للبنك الدولي.
وعقب الملط بأن الجهاز يرسل 150 تقريرا عن أداء الحكومة كل عام تصل إلى أكثر من 30 ألف صفحة، ويتم إرسالها إلى الوزارات والمصالح والمحافظات والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وكان الشيء اللطيف أن تلك الجهات اعترفت بتلك السلبيات، وووعدت بتلافي هذه الملاحظات في السنوات المقبلة.
وقال: إن الحكومة على مستوى الوزراء والمحافظين تقر بتلك الملاحظات ود.مفيد شهاب ينفي ذلك ويقول مفيش سلبيات، وكأن الدنيا لبن حليب وقشطة!
وطلب د.الملط أن يعتذر د.يوسف بطرس غالي عما قاله بشأنه ومن أنه يراه كأنه ممثل للبنك الدولي وقال ان هذه العبارة تعد سبا وقذفا، كما طلب شطب هذه العبارة من المضبطة.
وأكد أن الجهاز جزء من النظام وليس حزبا معارضا وانه يمثل الجهاز وليس البنك الدولي.
وتدخل د.سرور لفض الاشتباك مطالبا الجميع بضبط كلامهم حتى لا يتحول الى ضابط مطافي وطلب من غالي أن يوضح موقفه فقال الوزير انه لا يقصد أمرا شخصيا. وشطب رئيس المجلس العبارة مؤكدا احترام المجلس للجهاز ورئيسه.
وتقدم عشرات من نواب المعارضة بطلب للدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب بتحويل تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الى النائب العام للتحقيق فيما ورد به من مخالفات وسلبيات يعاقب عليها القانون.
وطالب مقدمو الطلب في طلبهم تقديم الوقائع التي وردت في التقرير والذي اعتبروها إهدارا متعمدا للمال العام وتعمد الصمت على السلبيات التي تضرب اقتصاد مصر ومعظم الملاحظات وردت في تقارير سابقة للجهاز مما يدل على عدم قيام الحكومات المتعاقبة بمعالجة هذه السلبيات.
وأعلنت المعارضة تعاطفها مع رئيس الجهاز والذي قال انه قادر على الدفاع عن نفسه حيث اعاد المطالبة باعتذار وزير المالية الذي جلس ولم يرد!
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )