روبرت بريس
مع ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل، يتحدث الجميع عن الحاجة إلى «الاستقلال في مجال الطاقة» وفي أواخر العام الماضي، وقع الرئيس بوش على قانون استقلال وتأمين الطاقة لعام 2007؛ وصرح السيناتور جون ماكين قائلا: «نحن نحتاج إلى استقلال في مجال الطاقة»، ودعا السيناتور باراك أوباما إلى «قيادة جدية لجعلنا نبدأ السير في طريق استقلال الطاقة» وهذه يمكن أن تكون جميعها سياسة طيبة، ولكن فكرة أن الولايات المتحدة، وهي أكبر مستهلك للطاقة في العالم، يمكن أن تكون مستقلة عن تجارة الطاقة التي قدرها 5 تريليونات دولار في السنة - وهي أكبر صناعة في العالم - فكرة مضحكة والدفع نحو استقلال الطاقة قائم على مقدمات زائفة وهنا القليل من المقدمات الخاطئة الشهيرة:
1- استقلال الطاقة سيحد من الإرهاب أو يقضي عليه:
في خطبة له العام الماضي، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي أيه» السابق جيمس ووسلي لأصحاب السيارات الأميركيين: «في المرة القادمة التي تدخلون فيها إلى محطة غاز لملء سياراتكم بالغاز، انحنوا قليلا وألقوا نظرة فاحصة في مرآة الباب الجانبي. ما سترونه هو شخص مساهم في الإرهاب ضد الولايات المتحدة» إن ووسلي معروف بأنه محافظ، ولكن كثيرا من الليبراليين تبنوا بشغف أيضا المبدأ الذي مفاده أن مشتريات أميركا من النفط الأجنبي تمول الإرهاب.
ولكن الخيال لا يضاهي الحقيقة تذكروا أن أكبر موردين للنفط الخام إلى السوق الأميركي هما كندا والمكسيك - وأي منهما ليست معروفة تماما بأنها ملاذ آمن للإرهابيين المحاربين.
علاوة على ذلك، فإن الإرهاب هو تكتيك قديم يسبق حقبة النفط وهو لا يعتمد على البترودولارات وحتى الكميات الصغيرة من الأموال يمكن أن تضمن مؤامرات مروعة، فكما أشار تقرير لجنة التحقيق في أحداث 11/9، فإن «المتآمرين في 11/9 أنفقوا في النهاية بين 400.000 دولار و500.000 دولار للتخطيط لهجومهم وتنفيذه» ويسمي العقيد المتقاعد من الجيش الأميركي جي آي ويلسون والذي حارب في العراق وكتب باستفاضة عن الإرهاب والحرب غير النظامية، يسمي الدمج بين النفط والإرهاب بـ «الحيلة والاختلاق» فالدعم الذي لصالح الإرهاب «لا يأتي من النفط»، كما يقول «ولكنه يأتي من المخدرات والجريمة وتجارة البشر وتجارة السلاح».
2- الدفعة الكبيرة نحو الوقود البديل ستكسر حاجز تعاطينا للنفط:
يتطلب مشروع قانون الطاقة الجديد أن ينتج البلد 36 مليار غالون من الوقود الحيوي في السنة بحلول عام 2022 وهذا يبدو أنه كثير، ولكن الولايات المتحدة تستخدم أكثر من 320 مليار غالون من النفط في العام، يُستورد منها 200 مليار غالون تقريبا.
ولذا فإن الوقود الحيوي لا يمكن أن يغني الولايات المتحدة عن النفط دعونا نقول إن البلد حوَّل كل فول الصويا الذي يزرعه مزارعون أميركيون إلى ديزل حيوي، فإن ذلك سيوفر فقط حوالي نسبة 1.5% من إجمالي الاحتياجات النفطية الأميركية السنوية وإذا تم تخصيص محصول الذرة الأميركي بكامله لإنتاج الإيثانول، فإنه سيوفر فقط حوالي 6% من الاحتياجات النفطية الأميركية وماذا عن الإيثانول السلولوزي، الوقود الحيوي الذي يُتكلم عنه كثيرا والذي يمكن إنتاجه من العشب والخشب والمصادر النباتية الأخرى - فوفرته التجارية هي شيء يُحكى عنه مثل الحكي عن الجني: كثيرون يعتقدون به، ولكن لا أحد حقيقة يراه حتى مع دعم فيدرالي ثقيل، استلزم الأمر 13 سنة قبل أن أصبح قطاع إيثانول الذرة قادرا على إنتاج مليار غالون من الوقود في السنة ومر عقدان ونصف العقد من الزمان قبل وصول إنتاج إيثانول الذرة السنوي إلى 5 بلايين جالون، كما حدث في عام 2006. و
لكن الكونغرس الأميركي يطالب الآن بأن تنتج تجارة الإيثانول السلولوزي - على نحو سحري - أضعافا كثيرة من مقدار الوقود المنتج في 15 سنة وهذا لن يحدث.
3- استقلال الطاقة سيجعل أميركا تكبح تدفق الأموال إلى الدول البغيضة:
يدفع مشجعو الاستقلال في مجال الطاقة بأنه إذا أوقفت الولايات المتحدة شراء الطاقة الأجنبية، فإنها ستمنع أموالا عن الدول البترولية مثل إيران وڤنزويلا التي يحكمها هوغو شاڤيز وغيرها من الدول ولكن السوق العالمي لا يعمل على هذا النحو فالنفط هو سلعة عالمية وسعره يتقرر عالميا، وليس محليا. ومشترو النفط يسعون دائما إلى المورد الأقل في التكلفة ولذا فإن أي نفط خام سعودي يتم تحميله في ميناء ينبع على البحر الأحمر لا تشتريه مصفاة نفط في كوربوس كريستي أو هوستون سيذهب بدلا من ذلك إلى سنغافورة أو شنغهاي.
4- استقلال الطاقة سيعني إصلاحا في العالم الإسلامي:
وأكثر المؤيدين المعبرين عن ذلك هو الكاتب الصحافي بصحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان، الذي يدفع بأن الولايات المتحدة يجب أن تبني «حائط استقلال الطاقة» حول نفسها ومن ثم تخفض أسعار النفط العالمية: «قلصوا المورد النفطي وسيضطرون إلى فتح اقتصاداتهم ومدارسهم وتحرير نسائهم حتى يمكن لشعوبهم أن تتنافس إن الأمر بسيط» فعندما تكون الدول البترولية مفلسة، كما يدفع بذلك فريدمان، سنرى إصلاحا سياسيا واقتصاديا من الجزائر لإيران».
هل الأمر بهذه البساطة - بين حوالي عام 1986 وعام 2000، بقيت أسعار النفط عموما تحت 20 دولارا للبرميل، وبنهاية عام 1998، كانت منخفضة حيث بلغت 11 دولارا للبرميل وكما أشار آلان رينولدز في مايو 2005 في «المراجعة الوطنية» الأميركية المحافظة على الإنترنت، فإن هذه الفترة المطولة من النفط الرخيص لم تفعل شيئا لدعم الحرية الاقتصادية أو السياسية في الجزائر أو إيران أو أي مكان آخر وهذه النظرية تم اختبارها - وفشلت تماما.
5- استقلال الطاقة سيعني مزيدا من توريد الطاقة الأميركية الآمنة:
فكروا مرة أخرى في عام 2005: فبعد أن اجتاحت الأعاصير ساحل خليج المكسيك، مبتلعة المصافي عند مرورها، وقد ابتلي العديد من المدن الأميركية الجنوبية بنقص وعجز في الغازولين ولحسن الحظ فإن ذلك النقص والعجز كان قصير الأجل والسبب - هو الغازولين المستورد من المصافي في فنزويلا وهولندا وأماكن أخرى وطوال 9 أشهر الأولى من عام 2005، استوردت الولايات المتحدة حوالي مليون برميل من الغازولين في اليوم وبحلول منتصف أكتوبر عام 2005، أي بعد ستة أسابيع فقط من الإعصار «كاترينا»، ارتفعت تلك الواردات إلى 1.5 مليون برميل في اليوم.
ولذا فإننا مرتبطون ومتشابكون مع بقية العالم - وسنظل باقين على هذا النحو. واليوم، وبالإضافة إلى واردات الغازولين، تشتري الولايات المتحدة النفط الخام من انغولا والوقود النفاث من كوريا الجنوبية والغاز الطبيعي من ترينيداد والفحم من كولومبيا واليورانيوم من أستراليا وهذه الواردات تظهر أن سوق الطاقة العالمي هو هكذا: عالمي وأي امرئ يدفع بأن الولايات المتحدة ستكون أكثر أمنا باضطلاعها بالأمر لوحدها في مجال الطاقة لا يقوم بالواجب.
عن «واشنطن بوست»
صفحة قضايا في ملف ( pdf )