بيروت - عمر حبنجر
انها العودة الى الدوامة، دوامة الاغتيال والتفجير بطريقة ارهابية تتجاوز ايذاء الشخص المستهدف بمعزل عما اذا كان يستحق الاستهداف او لا يستحق، علما ان ما من احد ممن سقطوا على طريق الموت الغادر يستحق مثل المصير الذي اختارته له يد الاجرام المطلق، فهم نجوم في كل حقل، في السياسة والاعلام والامن، جمعهم هدف وحيد، هو سيادة واستقلال وحرية لبنان، وفرقهم غادر واهم، يعتقد ان بمثل هذه الوسائل الاجرامية المفرطة يمكن ان يلوي ارادة اللبنانيين بالحرية الحقة والعيش المشترك بعيدا عن التبعية والارتهان.
المستهدف ضابط مهندس في فرع المعلومات في الامن الداخلي، هو النقيب وسام محمود عيد من بلدة دير عمار في المنية (شمال لبنان) الذي يشغل وظيفة رئيس القسم الفني في فرع المعلومات الذي يعد من اكثر الاقسام تطورا في هذا الفرع الذائع الصيت.
التقرير الرسمي يقول ان عيد (32 عاما) كان في طريقه من منزله في الدكوانة الى مقر عمله في المديرية العامة للامن الداخلي وبرفقته الرقيب اول اسامة مشهور مرعب من بلدة البيرة بعكار (31 عاما)، وعند الساعة 10.05 صباحا دوى انفجار كبير في محلة الشيفرولية - الحازمية بلغ ارجاء بيروت، وصاحبت الانفجار حرائق في العديد من السيارات المركونة في موقف لشركة نوكيا تحت الجسر العابر في المنطقة.
ألسنة لهب واشلاء جثث متناثرة على اتساع المكان، وكان بين هذه الجثث جثتا النقيب عيد ومرافقه مرعب، اضافة الى جثة محترقة واخرى مشوهة تماما.انه الانفجار الثاني الذي يستهدف شخصية عسكرية بعد اللواء فرانسوا الحاج مدير عمليات الجيش.
حضر الى المكان اللواء اشرف ريفي المدير العام لقوى الامن الداخلي ومدعي عام التمييز سعيد ميرزا والقضاة العسكريون وخبراء المتفجرات وباشروا اجراءات التحقيق، بينما كان رجال الدفاع المدني يلاحقون النيران المندلعة في السيارات التي تواجدت في المكان.
الخبراء عثروا على محركين لسيارتين احداهما بي.ام.دبليو والثانية نيسان صني على بعد 5 امتار من موضع الانفجار يفترض ان احداهما كانت محشوة بالمتفجرات. واظهر الكشف الاولي ان السيارة المفخخة كانت في موقف سيارات موظفي شركة نوكيا عند زاوية المنعطف التي يتعين على المنتقل من الجسر الى الخط الآخر ان يبطئ سيره، وقال عامل في المرآب ان السيارة المفخخة ادخلت المرآب بعد الساعة الثامنة، اي بعد اكتمال عقد سيارات موظفي الشركة.
وقال شاهد عيان ان مجزرة سيارات وقعت من جراء الانفجار 90% منها لموظفي نوكيا والصحة و4 سيارات فقط للمارة.
النقيب عيد
واشار مصدر امني لـ «الأنباء» الى ان النقيب عيد سبق ان استهدف باعتداءات مجهولة، فمنذ سنة زرعت متفجرات في منزله تم اكتشافها، ومرة اخرى اصيب بالمواجهات مع فتح الاسلام في شارع المئتين بطرابلس. وما ان كشف عن هوية النقيب النقيب كصاحب الجثة الممزقة في السيارة من خلال البطاقة العسكرية لمرافقه، حتى بادر اهالي بلدته دير عمار الى اقفال الطريق العام الشمالي باطارات المطاط المشتعلة، الا انهم عادوا وفتحوا الطريق بتدخل من القوى الامنية.
ضرب العمود الفقري
وزير الداخلية والبلديات حسن السبع اكد ان الحملة التي تستهدف قوى الامن الداخلي، خصوصا فرع المعلومات، هي نتيجة العطاء والنتائج التي حققها هذا الفرع والنقلة النوعية لقوى الامن من العام 2005 حتى الآن.
واضاف: ليست المرة الاولى التي تســـتهدف المؤسسة الامنية بهذه الطريقة، وهذا لن يؤثر على معنوياتنا، ولا يدفعنا الى تغيير الاتجاه، والعمل للوصول بالبلد الى شاطئ الامان.
وقال: ان النقيب عيد هو من اهم الضباط في فرع المعلومات، ووضع استشهاده واستشهاد اللواء فرانسوا الحاج قبله في خانة محاولة ضرب العمود الفقري للدولة اللبنانية الذي هو الامن، والمتمثل بالجيش وقوى الامن الداخلي وبقية الاجهزة الامنية، لكن هناك تصميما وارادة على العمل نحو الهدف الذي هو الاستقلال والحرية.
وعن استهداف شخصية قضائية غير النقيب عيد، قال: حتى الآن لا معلومات.
وردا على سؤال ان الشهيد عيد ربما كان آتيا من جلسة مع لجنة التحقيق الدولية، قال: كل ما علمته انه كان آتيا من منزله في الدكوانة الى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، واستهدف في هذه المنطقة التي يجب ان يمر بها حكما.
ريفي: لديه ملفات مهمة
بدوره، تفقد المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي موقع الانفجار، واعتبر ما حصل رسالة ارهابية الى قوى الامن الداخلي بعد الرسالة التي وجهت الى الجيش اللبناني عبر اغتيال اللواء الحاج.
وكشف اللواء ريفي ان النقيب عيد كان مكلفا بالعمل على ملفات مهمة جدا تتعلق بكل التفجيرات الارهابية التي حصلت في لبنان.
فك رموز مليون اتصال خليوي
وفي معلومات «الأنباء» ان عيد مهندس اتصالات، وقد تولى فك رموز نحو مليون اتصال هاتفي خليوي رصدت خلال فترة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتوصل مع الرائد سمير شحادة، الذي تعرض لمحاولة اغتيال افضت الى استشهاد اربعة من مرافقيه، فيما اصيب هو بجراح خطيرة، الى معلومات مهمة حول بعض منفذي الاغتيالات بالتفجير، ويبدو ان معلومات سمير شحادة كانت وراء استهدافه، كما ان معلومات وتقنيات وسام عيد وراء رغبة الجناة بازاحته من الطريق. من جهته، اسف البطريرك الماروني نصرالله صفير لجريمة التفجير، وقال انهم يستهدفون الواحد تلو الآخر، وان المخطط يستهدف البلد، بحيث لم يعد هناك امان في اي مكان.
وتحدث البطريرك صفير عن مكيدة وخطة لتفكيك البلد يحبكها الطامعون بلبنان، وقال ان المخطط كان مستورا وبات الآن مكشوفا، وليس من صنع اللبنانيين، فاليد لبنانية والمخطط غير لبناني، وهذا يظهر من خلال التدمير المنهجي لكل المؤسسات.
وقال صفير ان هناك نية لعدم انتخاب رئيس الجمهورية، واضاف ان قسما من وزراء الحكومة فعال بخلاف القسم الآخر في حين ان مجلس النواب مقفل بشكل غير طبيعي.
وشدد على ان الكنيسة تستهدف بعدما استهدف الجيش واليوم يستهدفون الامن الداخلي لأنهم يريدون الانتقام ممن يعملون لخدمة لبنان.
المفتي قباني يدين الجريمة
من جانبه، ادان مفتي لبنان د.محمد رشيد قباني جريمة الاغتيال، واعتبر ان مسلسل التفجيرات في لبنان هو عمل ارهابي لن يثني القوى الامنية اللبنانية عن متابعة رسالتها وحماية لبنان من براثن المتضررين من استقراره ونجاح المبادرة العربية وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
واكد ان استهداف المؤسسات الامنية اللبنانية من جيش وقوى امن داخلي يأتي في اطار زعزعة استقرار لبنان ودفعه نحو الفوضى العامة التي لن ينجح المتآمرون في تنفيذها مادامت هناك قيادات سياسية لبنانية واعية تعمل على معالجة الازمة اللبنانية بمساعدة الدول العربية.
وحذر من خطورة استمرار البعض بوضع العقبات والعراقيل بالشروط غير الدستورية في وجه المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية بعد ان حقق وزراء الخارجية العرب انجازا اساسيا ومهما في وضع الاسس العملية لانقاذ لبنان.
السبت يوم حداد وطني
في غضون ذلك، اعلن رئيس الحكومة فــؤاد السنيورة ان اليوم الســــبت يوم حداد على ضحايا الانفجار الذي وقع في محلة «الشيـــفروليه» في بيروت، قبل ظهر امــــس، حيـث تقرر اقفال المؤسسات الرسمية والاهلية.
الصفحة في ملف ( pdf )