كل الأنظار في لبنان الآن، نحو المبادرة العربية وعنوانها انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، فتشكيل حكومة اتحاد وطني، فإعداد قانون انتخاب جديد، في اطار اطلاق عجلة الدولة اللبنانية من جديد.
الموالاة الداعمة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة التزمت بالتفسير الرسمي للمبادرة، من حيث الأولويات التي تضمنها وتبناها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، أي انتخاب رئيس للجمهورية فورا (العماد ميشال سليمان) ثم تشكيل الحكومة وبعد قانون الانتخابات.
لكن المعارضة المؤلفة أساسا من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، اشترطت التفاهم على الحصص الوزارية والمبادئ السياسية للحكومة قبل انتخاب رئيس، وأن تكون لها شراكة فعلية في القرار الحكومي من خلال اعطائها «الثلث الضامن» في مجلس الوزراء، الأمر الذي رفضته الموالاة خشية اسقاط المعارضة للحكومة عند أول منحدر سياسي، وفي حين اقترحت الجامعة العربية من خلال أمينها العام صيغة مدروسة، لا تسمح للموالاة بالحصول على أكثرية الثلثين المرجحة، ولا تسمح للمعارضة بالحصول على الثلث المعطل، في حين تبقى الكفة الراجحة لرئيس الجمهورية.
بيد ان المعارضة أصرت على الثلث الضامن، أو على «المعاشرة» أي عشرة وزراء للأكثرية وعشرة للمعارضة وعشرة لرئيس الجمهورية، وهذا ما اعتبره الموالون مغايرا للدستور الذي جعل من رئيس الجمهورية حكما، في حين يجعل منه هذا التوزيع للمقاعد الوزارية طرفا.
رئيس مجلس النواب حصل على تكليف المعارضة لمفاوضات الموالاة، ولما لم يتوصل الى نتيجة، تخلى عن هذا التفويض الى العماد ميشال عون، الذي قاطعته الأكثرية لقناعتها بأنه ليس صاحب القرار الحقيقي، ثم عادت ووافقت على الجلوس معه. بعد انضمام الرئيس أمين الجميل الى النائب سعد الحريري كمفاوضين لها تحت اشراف عمرو موسى.
جلسة واحدة انعقدت في مجلس النواب على مستوى الأقطاب، الثانية هبطت الى مستوى المساعدين، بسبب عارض صحي ألم بالعماد عون، وكان واضحا بعدها ان حوار الطرشان مستمر، وان الأمين العام للجامعة، لم يعد يستوعب ما يسمع من مجادلات بيزنطية في بيروت.
من جهته، اعتبر حزب الله ان الحكومة متورطة بقرار نزع سلاحه، رغم تأكيداتها العكسية، ورأى ان حكومة السنيورة والقوى الداعمة لها، معادون له قاصدين تقليص حجمه مع جعل لبنان منحازا الى المشروع الأميركي، وعلى هذا الأساس بادر الحزب ومعه حركة أمل (حليفه الأساسي) الى نقل حركة الصراع بكل صلابة وقوة بسحب الوزراء الشيعة من الحكومة، والنزول الى الشارع بقصد الاطاحة بها، لكن ذلك لم يحصل.
هذا الدور الكبير لحزب الله في راهن الأزمة اللبنانية القائمة، جعله محور التقرير الدوري لمجموعة «كرايسز غروب» الدولية المهتمة بالشرق الأوسط، عن شهر اكتوبر الماضي، وهو التقرير الحصري التداول الذي حمل عنوان «حزب الله والأزمة اللبنانية».
و«كرايسز غروب» منظمة مستقلة غير حكومية وغير ربحية وتضم 120 شخصية في القارات الخمس يعملون من خلال تحليلات ميدانية وحوارات رفيعة المستوى، للحيلولة دون وقوع النزاعات الخطيرة والعمل على حلها، وتوزع تقاريرها على وزارات الخارجية والمنظمات الدولية، ويضم مجلس ادارتها شخصيات مرموقة في ميادين السياسة والديبلوماسية والاعلان ويتقاسم رئاسة مجلس ادارتها الآن مفوض العلاقات الخارجية الأسبق في الاتحاد الأوروبي كريستوفر باتن والنائب الأول لرئيس شركة بوينغ السفير الأميركي السابق توماس بيكرينغ، اما مديرها التنفيذي فهو وزير خارجية استراليا الأسبق غاريت ايفانز.
تقرير خاص في ملف ( pdf )