بيروت - خلدون قواص - اتحاد درويش - زينة طبارة
لليوم الثاني على التوالي وبمناسبة ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري الثالثة والتي يحييها اللبنانيون اليوم كل حسب طريقته، استطلعت «الأنباء» آراء رجال دين وسياسة لبنانيين أجمعوا على «وطنية المناسبة» لما كان يمثله فكر ومسار الرئيس الشهيد من نقطة تلاق يفتقدها اللبنانيون الآن. حيث قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ د.محمد رشيد قباني ان «اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وما تلاه من اغتيالات سبب لكل ما نحن فيه».
وذكر لـ «الأنباء» ان الرئيس الشهيد قيادة تاريخية نادرة بصدقه واخلاصه وايمانه ومحبته للناس ولوطنه وأمته والعالم، اراد الخير للجميع وبذل من عقله وفكره وقلبه وجهده، لقد كان اغتياله رحمه الله تعالى محاولة لاغتيال لبنان واغتيال أمنه وسلامه واستقراره ووفاق ابنائه وعيشهم المشترك، وكان الرئيس الحريري حريصا على أمن لبنان واللبنانيين ووحدة لبنان ووحدة شعبه وعروبته، فيجب ان نكون أمناء على رسالته التي كان يوجهها للبنانيين في كل حين، واوفياء لذكراه بكل القيم التي كان يعمل من اجلها.
واضاف د.قباني يجب الا ننسى في زحمة هذه الاحزان والآلام المتتالية الحزن والألم الكبيرين اللذين اصابا جميع اللبنانيين باغتيال الرئيس الحريري رحمه الله تعالى، فنعمل جميعا مع المجتمعين العربي والدولي لتأخذ المحكمة الدولية طريقها لكشف القتلة والمجرمين وانزال العقوبات الرادعة بهم.
علامة تاريخية فارقة
وفي هذه الذكرى الأليمة قال وزير التربية د.خالد قباني: باستشهاد الرئيس رفيق الحريري افتقد لبنان رجلا كبيرا، شكل علامة فارقة في تاريخ لبنان، وبغيابه فقد لبنان الاستقرار ومؤسساته الدستورية ونمط حياتنا العادية والطبيعية، وفقدنا بغيابه الفرح وروح الوحدة الوطنية التي كانت تظلل لبنان وتعطيه هذه الميزة في المنطقة العربية وفقدنا روح الوفاق الوطني ولغة التخاطب الجميلة وابتعدنا عن بعضنا، وفقدنا التواصل والحوار. واضاف: ان الرئيس الشهيد كان يجمع الجميع في قلبه وفي دارته وفي مجالسه، وكان يضع لبنان كله في قلبه، ويعمل مع كل القوى ومع كل اللبنانيين من أجل رفعة لبنان ونصرته وبنائه، هذه المسيرة نفتقدها اليوم.
ذكرى جامعة
وتابع يقول: المطلوب في هذه المرحلة ان تكون ذكرى استشهاد الرئيس الحريري جامعة لكل اللبنانيين ولكل القوى السياسية من أجل العودة الى الحوار والتخاطب بالكلمة الطيبة، ونريد هذه الذكرى ان تغسل قلوب اللبنانيين وان تبصرهم بمأساتهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
محطة للتسوية
وقال نائب طرابلس عن تيار المستقبل سمير الجسر ان لبنان يفتقد اليوم بغياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري واكثر من أي وقت مضى، رجلا كبيرا وعظيما، صاحب الرؤية الحكيمة، رجل الوفاق والحوار، ونشعر مع كل يوم يمر بالخسارة الفادحة التي ألمت بلبنان، نستذكر قدراته على معالجة جميع الأمور بصدره الرحب، وصبره وثباته وانفتاحه على الجميع.
ومن جهته اعتبر نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي في حديث لـ «الأنباء» ان اغتيال الرئيس الحريري كان انقلابا حقيقيا في الحياة اللبنانية، وضربة موجعة لكل الشعب اللبناني بمختلف اطيافه، فهو ضرب الاستقرار الذي بدأت الدولة تعيشه خصوصا بعد انتصار المقاومة في عام 2000، وفي ظل تطور الاوضاع الايجابي باتجاه تكريس السلم الاهلي والسياسي. وتابع قماطي قائلا لقد فوجئ اللبنانيون بهذه الجريمة النكراء التي كانت فاتحة عهد التآمر على لبنان، معتبرا ان المؤامرة الكبرى في لبنان افتتحت باغتيال الشهيد رفيق الحريري، واعقب ذلك استثمار دولي واميركي لهذه الجريمة اثر سلبا على العمليات الاقليمية عامة وعلى الوضع في لبنان خاصة، ومايزال حتى اليوم. وتمنى ان تكون ذكرى اغتياله مناسبة وطنية جامعة لكل اللبنانيين، متأسفا بأخذها في الاتجاه الآخر وتحييدها عن المنحى الاساسي الذي يجب ان تسلكه. من جانبه عبر عضو اللقاء الديموقراطي النائب ايلي عون في حديث لـ «الأنباء» عن تأثره العميق لغياب رجل من كبار رجالات لبنان والعالم، بفعل مؤامرة دنيئة وجبانة كواضعيها حيكت ضده وأودت بحياته وبحياة رفاقه الأبرار. واعلن النائب عون ان قوى 14 مارس ستملأ ساحة الشهداء بقياداتها وجماهيرها بصرخة الافتقاد لحكمة الشهيد في الظروف الراهنة، كما انها ستعبر عن وفائها له، في اطار التحديات التي تواجه البلد، لاثبات إرادتها بتحرير الوطن من محاولات رهنه للخارج، ولاثبات حقها في لبنان سيدا حرا ومستقلا ولاثبات رغبتها في التوافق والعيش المشترك.
إرادة رافضة للخضوع
ومن جهته وصف النائب انطوان زهرا عضو كتلة القوات اللبنانية، الذكرى الثالثة لاستثمار الرئيس الحريري بأنها محطة وطنية اضافية، تظهر وعي اللبنانيين بمخاطر الفجور الذي يتعرضون له، ومؤكدا أنهم لن يستسلموا للتخويف.
زهرا، قال لـ «الأنباء»: «انها لحظة تاريخية سيثبت فيها الشعب اللبناني توافقه على رفض الوصاية وكل ما تمت ممارسته في حقه وحق قضاياه ومصالحه ومستقبل أبنائه».
ولفت الى ان استشهاد الحريري كان نتيجة هذا الفجور والى انه اللحظة المناسبة التي ظهرت فيها الارادة اللبنانية الجامعة التي هدفت الى التخلص من أي وصاية خارجية والى العودة الى التلاحم الوطني، والالتزام بمشروع بناء الدولة على أساس اتفاق الطائف الذي يؤمّن التوازن والشراكة الوطنية بين اللبنانيين.
وقال ان الذكرى الثالثة لاستشهاد الحريري مهمة، لانها تسهم في التأكيد مجددا على الارادة الوطنية التي تبلورت في 14 مارس 2005 وفي القول لمن يعنيهم الأمر ان اللبنانيين لن يستسلموا للتخويف، والترهيب، والابتزاز.
القضاء على الارادة
بدوره قال نائب عالية، عضو اللقاء النيابي الديموقراطي المحامي فؤاد السعد: ان الهدف من اغتيال الحريري كان القضاء على اي ارادة وطنية لبنانية.
واستدرك قائلا لـ «الأنباء»: «لكن حسابات الحقل لن تنطبق على حسابات البيدر».
واشار الى ان اللبنانيين عبروا عن رفضهم للهيمنة وخرق الدستور وفرض النظام الأمني والوصاية على لبنان مرات عدة كان آخرها الوقوف في وجه التهديد للرئيس السابق اميل لحود عام 2005.
وفي الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس الحريري قال انه سينزل اللبنانيون الى ساحة الشهداء ليؤكدوا مرة اضافية تمسكهم بالدولة ومؤسساتها وباستكمال انشاء المحكمة الدولية، واجراء الانتخابات الرئاسية لاثبات ان عقارب الزمن لن تعود الى الوراء الى زمن الوصاية والهيمنة والاقتتال وضرب المؤسسات الدستورية والوفاق الوطني.
واعتبر ان اللبنانيين قادرون على ان يحققوا انجازات وطنية جديدة، اذ ان الشعوب هي التي تفرض ارادتها على مسار الامور، ويجب ان تكون ذكرى 14 فبراير هذا العام محطة اضافية في مسار لبناني يتوق الى تحقيق طموحات الجيل الصاعد في لبنان.
الصفحة في ملف ( pdf )