بيروت
عمر حبنجر ـ خلدون قواص
أحمد منصور ـ ناجي يونس
اقل ما يمكن ان يقال عن الحشد الذي تقاطر على ساحة الشهداء امس ان مظاهرة 14 مارس 2005 تكررت في 14 فبراير 2008 (امس)، لا الثلوج ولا الامطار ولا الامواج البحرية العالية اعاقت زحف جماهير قوى 14 مارس الى بيروت للمشاركة في الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري شهيد عهد الاستقلال الثاني.
وزير الداخلية حسن السبع قدر حجم المشاركين في هذه المناسبة بمليون مواطن في ساحة الشهداء، مقدرا عدد الذين حشرتهم الزحمة في الطرقات وسمرتهم بالسيارات على مداخل بيروت الشرقية والشمالية بنصف مليون شخص، تحدوا غضب الطبيعة واقبلوا في السيارات والحافلات والشاحنات المكشوفة والمراكب الصغيرة والكبيرة باتجاه بيروت في عناد وغضب استجابة لنداءات الموالاة وعلى رأسها رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الذي تخطى الوقائع السياسية والتعقيدات الامنية ليعلن مد اليد «الى شركائنا في الوطن»، اي المعارضة التي غابت عن هذه المناسبة الرمزية، لانشغالها بتشييع احد رموز حزب الله الحاج عماد مغنية الذي قضى بتفجير استهدف سيارته في دمشق.
واعتبرت مصادر الاكثرية الحشد الجماهيري امس استفتاء شعبيا هائلا قد حصل لمصلحة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، كما اعتبرت ان بين الفائزين الكبار في هذا الاستفتاء البطريرك الماروني نصرالله صفير.
بدأ الاحتفال في الساعة 11 من قبل ظهر امس بتوقيت بيروت بالنشيد الوطني، ثم كانت قصيدة طلال حيدر، وتولى التقديم الصحافي جورج بكاوسني ثم تتالى على الكلام كل من نسيب لحود رئيس حركة التجدد الديموقراطي والنائب عاطف مجدلاني (مستقبل) ورئيس المكتب السياسي في الجماعة الاسلامية د.علي الشيخ عمار والنائب الياس عطاالله (يسار ديموقراطي) والياس ابوعاصي (حزب الاحرار) والوزير محمد الصفدي (التكتل الطرابلسي) والعلامة السيد محمد علي الامين (مفتي صور وجبل عامل) والوزيران جان اوغاسبيان وميشال فرعون والنائب باسم السبع.
وعند الساعة الواحدة ظهرا دقت الساعة ساعة حصول الجريمة، ورفع خلالها من المآذن التكبير وقرعت اجراس الكنائس.
ثم اعتلت المنبر الوزيرة نايلة معوض (الشؤون الاجتماعية) تلاها النائب وليد جنبلاط (رئيس اللقاء الديموقراطي) وعقبه الرئيس امين الجميل ثم د.سمير جعجع (رئيس القوات)، وختم الحفل بكلمة القاها رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري الذي قال: قبل ثلاث سنوات حاولت يد الغدر والاجرام والارهاب اغتيال لبنان، اغتيال لبناننا كما نعرفه، وكما نريده، باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
الحريري: لا قيمة لقمة عربية من دون رئيس للبنان
وقبل ثلاث سنوات جئتم انتم، اللبنانيين الاحرار، الشرفاء الوطنيين، جئتم الى هذه الساحة، ومنعتم اغتيال لبنان فانسحب نظام الوصاية والتسلط.
جئتم مطالبين بالحقيقة، فكان التحقيق الدولي، جئتم مطالبين بالعدالة فكانت المحكمة الدولية، جئتم لتقولوا ان لبنان لن يركع، وان رفيق الحريري باق في كل واحد منا، وها انتم اليوم مرة جديدة تلبون نداء الحرية والسيادة والاستقلال، تعودون الى هذه الساحة، لتمنعوا مرة جديدة محاولة اغتيال لبنان، ولتقولوا بأعلى الصوت نريد رئيسا للجمهورية، نحن نقول لكم سيكون لنا رئيس للجمهورية باذن الله، فلا قيمة لقمة عربية من دون رئيس لبناني.
محاولة اغتيال لبنان مستمرة
واضاف: في الحقيقة ان لبنان يتعرض لمحاولة اغتيال مستمرة، ان اعداء لبنان مازالوا يحاولون اغتيال لبناننا، تماما كما حاول العدو الاسرائيلي اغتيال لبناننا في حرب يوليو 2006، لأن المحاولة هي نفسها، تارة من اسرائيل وطورا لا بل اطوارا من المنتج الاسرائيلي الجاثم على قلب العروبة النابض، المنتج الاسرائيلي الذي يسمي نفسه نظاما في دمشق، المنتج الاسرائيلي الذي يضمن للعدو منذ 34 عاما الهدوء التام والسلم الثابت على ارض الجولان العربي السليب، ويمنع شعبه البطل من اي مقاومة او محاولة لتحرير ارضه الطاهرة.
المنتج الاسرائيلي الذي لعب دورا اساسيا في ضرب وحدة الشعب الفلسطيني، نعم هذا هو المنتج الاسرائيلي بعينه، الذي يحاول اليوم تنفيذ حلم العدو الاسرائيلي بجر المقاومة الى حرب اهلية.
وقال: انها المحاولة نفسها، المحاولة المستمرة، لاغتيال لبنان، وهي المحاولة التي فشلت بالامس وتفشل اليوم، وستظل تفشل.
وتابع يقول: اننا هنا اليوم لنقول انهم لن ينالوا من لبناننا، واننا سنبقى صامدين صابرين، مهما بلغت التضحيات، واننا سنبقى مصممين على احقاق الحق في المحكمة الدولية لحماية لبنان واللبنانيين من كل من كان يعتقد ان جرائمه مهما كبرت بحق لبنان وشعبه يمكنها ان تبقى من دون عقاب، وسنبقى معكم مصممين على انتخاب العماد ميشال سليمان، نعم على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية لفتح مرحلة جديدة من التوافق والحوار والتعاون لمصلحة الوطن والمواطن.
وقال: هدف رفيق الحريري هدف كل اللبنانيين المحتشدين في ساحة الحرية اليوم، والمحتشدين في الضاحية الجنوبية لتشييع قيادي في المقاومة سقط بالامس في دمشق تحت انظار النظام السوري، والله اعلم.
واضاف: قلناها بالامس، ونرددها اليوم ليسمعها شركاؤنا في الوطن: اننا ندعوكم الى لقاء الساحات لا صدامها، ندعوكم الى فتح الطرقات، لا اقفالها، ندعوكم الى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية الآن لا غدا، لنجلس معا في حكومة وحدة وطنية تلتزم اتفاق الطائف نصا وروحا لا حكومة تعطيل وطني.
جعجع: بعبدا لن تبقى رهينة
من جهته، قال رئيس حزب القوات د.سمير جعجع: كنا بالامس نقول المحكمة آتية، اما اليوم فنقول المحكمة اتت.
وتوجه للمعارضة قائلا: لا لخيمكم، لا لفوضاكم، لا لغوغائيتكم، لا لتعطيلكم، لا لوعيدكم ولا لتهديدكم.
واضاف: ويل لامة لا تفخر الا بالخراب ولن نقبل بحرماننا من رئيس للجمهورية، ولن نقبل ببقاء بعبدا رهينة بين ايديكم ولن نقبل باعطائكم امكانية تعطيل الحكومة لتعطلوها كما عطلتم المجلس النيابي والوسط التجاري وانتخاب رئاسة الجمهورية وكل ما وقعت ايديكم عليه، حتى بكركي تحاولون تعطيلها، لكن خاب ظنكم.
وقال: من اعطى مجد لبنان، لن يقوى عليه من اعطي مال ايران، وخنجر الشام، كم من الجرائم ترتكب باسمك يا جنوب.
وقال للمعارضة: تريدون المشاركة اهلا وسهلا بكم، شاركونا نضالنا لتحرير قرارنا الوطني كليا، شاركونا سعينا لترسيم حدود بلادنا، وترسيخ سيادتها واستقلالها نهائيا، شاركونا وجعنا ولا تتحالفوا مع قتلة شهدائنا والعابثين بأمن شعبنا، شاركونا سلاحكم وبقرار السلم والحرب.
الجميل: لا للنظام الشمولي
من ناحيته، قال الرئيس امين الجميل: في هذه المناسبة بالذات، نعيد التأكيد على تصميمنا على انقاذ الكيان والمؤسسات. واضاف: لبنان اليوم هو الشغل الشاغل للامم المتحدة، كما ان الجامعة العربية تهتم بلبنان، وتطلق المبادرة تلو المبادرة، فنحن في هذه الرحلة نؤكد تضامننا مع مبادرة الجامعة العربية، انما بالمقابل كانت المناورات تمارس علينا، قدمنا كل التسهيلات ولم يقبلوا بها، لأنهم لا يريدون الحل، بل يريدون خراب لبنان.
وقال: لن نقبل ان يمر مشروع النظام البديل، النظام الشمولي، بديلا عن النظام الديموقراطي الحر الذي ارتضيناه لوطننا لبنان، لن نقبل ان يفرضوا علينا ثقافة الموت، ونؤكد اننا سننتخب قريبا رئيس جمهورية جديدا للبنان، نريد ان ننتخب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان لنحافظ على رمزية الرئاسة،وعلى الدور المسيحي في هذا البلد، نريد ان نفتح مجلس النواب ليستعيد حيويته ونشاطه لينتصب النظام الديموقراطي في لبنان، نريد حكومة في لبنان تحكم باسم لبنان ومن اجل لبنان، نريد جيشا تطلق يده للحفاظ على السيادة ويطمئن الشعب اللبناني، نريد ان نحرر الوسط التجاري.
جنبلاط: إنهم ينهشون بعضهم
بدوره، جدد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط هجومه العنيف على سورية وطهران اللتين تدعمان المعارضة اللبنانية. وحذر في خطابه امس من «الاستسلام والتخلي امام النظام السوري والعصابات الملحقة به من اجل تمرير انعقاد القمة» العربية المتوقعة في اواخر مارس في دمشق.
واضاف «في اللحظة التي قد ينتاب احدنا الخوف والشك والتردد من ان التسوية ممكنة على شروط الاجرام، في اللحظة التي قد ينتخب فيها رئيسا للبلاد مع ثلث معطل (في الحكومة) مع ثلث الاجرام السياسي والاغتيال، في اللحظة التي نتخلى فيها عن رئاسة الوزارة لغير نهجك (نهج الرئيس الحريري) تكون لحظة تسليم لبنان الى ريف دمشق والتخلي عن الطائف، لحظة الاستسلام امام الشر الاسود السوري - الايراني».
وفي اشارة الى اغتيال المسؤول في حزب الله عماد مغنية الثلاثاء الماضي في دمشق، قال جنبلاط «ما حدث بالامس في دمشق انهم ينهشون بعضهم».
الصفحة في ملف ( pdf )