جورج سارجنت
هناك آمال عراض معلقة على بادي اشدون، ذلك السياسي البريطاني الذي يشغل حاليا منصب المبعوث الدولي إلى البوسنة، حيث تم تعيينه كممثل جديد للامم المتحدة في افغانستان. الرجل صاحب اعصاب فولاذية والغرب بحاجة ماسة اليه من أجل المساعدة على تحديد الاتجاه الذي يتوجب السير فيه وسط ظروف غير عادية تمر بها افغانستان تهدد بقلب المشروع الغربي هناك رأسا على عقب، فتمرد افغانستان انتشر من مناطق صغيرة تحصنت بها طالبان خلال فترة استعدادها لتنظيم صفوفها، ثم انطلقت منها لتسيطر على معظم جنوب افغانستان فيما يسمى بالحزام البشتوني الذي يمتد ليشمل اجزاء من باكستان المجاورة.
البرد القارس والثلوج لم تمنع طالبان من مواصلة عملياتها، حيث اقدم احد عناصر الحركة على تفجير نفسه في افخم فندق في كابول في 14 يناير مما ادى إلى مقتل ثمانية من النزلاء والعاملين.
هناك اجماع عام في اوساط الديبلوماسيين الغربيين والجنود على ان الأوضاع سيئة في افغانستان وهي مع ذلك مرشحة لتكون أسوأ مما هي عليه الآن.
تعبت اميركا من الطلب إلى حلفائها الاوروبيين ارسال المزيد من الجنود والمعدات إلى افغانستان، وقررت بالتالي ان تبعث المزيد من قواتها إلى هناك حيث اعلنت عن خطط لنشر 3200 جندي من المارينز في شهر ابريل المقبل.
وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس أزعج الاوروبيين عندما قال عنهم انهم لا يعرفون التكتيكات الخاصة بمكافحة التمرد.
ان المشكلة في افغانستان اخطر بكثير من مجرد وجود نقص في اعداد الجنود فالحلفاء الـ 39 يقومون بشن حملاتهم العسكرية الخاصة بهم في جهد غير منظم في مناطق القتال. كذلك تقوم هذه الدول بممارسة سياسات مختلفة في مجال المساعدات. تشارك كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وپولندا وهولندا في القتال الدائر في الجنوب، في الوقت الذي يرغب فيه الكثير من الدول في البقاء بعيدا عنه.
تقدم الولايات المتحدة مساعداتها عبر متعاقدين خاصين من أجل تجنب حدوث عمليات فساد في الوقت الذي تقدم فيه بريطانيا معظم مساعداتها مباشرة للحكومة الافغانية من أجل تشجيعها على تنمية قدراتها في هذا المجال الانساني.
وورد أخيرا عن المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي تقرير تضمن الكثير من النقد ومنه العبارة التالية «ان دول الاتحاد الاوروبي تتعامل مع الجهود المبذولة في افغانستان كما لو كانت تشارك في عشاء خيري يجلب فيه كل ضيف صحنه الخاص به».
في بداية النزاع اعطت الامم المتحدة افغانستان الكثير من الأولوية، ولكن تراجع الاهتمام بذلك البلد بعد ان تم تسليم السيادة للحكومة الافغانية بقيادة الرئيس حامد كرزاي. وفي الوقت الذي ساءت فيه الأوضاع الأمنية، وجدت الأمم المتحدة وكالاتها المتخصصة نفسها عاجزة عن العمل في الكثير من الأقاليم.
لسنوات كان القادة ينظرون إلى بادي اشدوان على انه الشخصية التي افغانستان في امس الحاجة اليها. الآن اعطى اشدون التحذير التالي «اننا نخسر افغانستان وستكون الهزيمة فيها اشد وقعا من هزيمة تحدث للغرب في العراق. فهل بإمكانك إدارة دفة السفينة الغربية في هذا البلد؟».
تعيين اشدوان لا يزال في طور الاتصالات والمشاورات، ولكن من الواضح انه لن يتمتع بالسلطات التي كان يتمتع بها في البوسنة حيث كان بإمكانه اقالة المسؤولين المحليين والغاء القوانين.
سيحل اشدوان محل السياسي الألماني توم كونيكس المبعوث الدولي الحالي وهو لن يمثل الاتحاد الاوروبي والجانب المدني في الناتو. قادة الناتو يقولون انهم بحاجة إلى توجه سياسي، وكونه عضوا سابقـــــا في القوات الخاصة التي شاركت في عمليات مكافحة التمرد في بورنيو في الستينــــــيات، فإنه لن يجد صعوبة في التـــــحدث مع القادة العسكريين الميدانيين.
كثيرا ما اشتكى كرزاي من انه يتلقى الكثير من النصائح والمشورات المتناقضة من داعميه الغربيين، ولكنه بالتأكيد يشعر بشيء من الانزعاج مع وصول اشدون إلى كابول لأنه سيركز ضمن عمله على مكافحة الفساد المستشري في الحكومة ومعالجة عدم فاعليتها في بلد يشكل الافيون ثلث الناتج المحلي الاجمالي فيه.
وقد طالب كرزاي بالحصول على توضيحات عن طبيعة عمل اللورد اشدوان وصرح المتحدث باسمه قائلا اننا لن نقبل املاءات من أحد. القضية الاخرى الشائكة هي أميركا، فهي تقدم معظم الجنود والتدريب للقوات الافغانية والمساعدات وربما لا ترغب واشنطن في التنسيق مع «بريطاني» وربما لن تقبل به في النهاية لأن البديل له هو الفشل.
عن «فورين افيرز»
صفحة قضايا في ملف ( pdf )