القاهرة - شيماء فاروق
في خضم الاحتجاجات والمظاهرات والإضرابات العمالية التي شارك فيها ما لا يقل عن 200 ألف عامل مصري ضموا جميع القطاعات والمحافظات المصرية للمطالبة بزيادة الأجور، عقد المجلس القومي للأجور برئاسة عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية اجتماعه السادس لتحديد الحد الأدنى لأجور العاملين في ظل التطورات الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة وتأثيرها على محدودي الدخل.
وقال عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية خلال مؤتمر صحفي عقده الاسبوع الماضي انه تم الاتفاق على المطالبة برفع الحد الأدنى للأجور مع الأخذ في الاعتبار العبء الذي يفرضه ذلك على الموازنة العامة للدولة، وفي ضوء ذلك اقترح المجلس رفع الحد الأدنى لما يتقاضاه العامل شهريا مع التمييز بين ثلاثة مستويات أساسية هي 250 جنيها (للمشتغل بدون مؤهل)، 275 جنيها (للمؤهل المتوسط)، و300 جنيه (للمؤهل العالي).
وأشار عثمان إلى أنه سيتم مناقشة هذه الأرقام من خلال التشاور مع الأطراف المعنية (ممثلي اتحادات العمال، وممثلي منظمات الأعمال) قبل اعتمادها وإقرارها.
وأوضح عثمان أن المجلس قدم مجموعة من التوصيات لتنفيذ هذا الاقتراح منها تعديل القانون 53 لسنة 1984 بشأن الحد الأدنى للأجور في الحكومة والقطاع الأعمال العام وذلك برفع الحد الأدنى لما يتقاضاه المشتغل من 35 جنيها إلى ما لا يقل عن 250 جنيها شهريا وصدور التشريعات اللازمة لتقنين هذه المستويات، وأن يتم تطبيق هذا الأجر على جميع العاملين سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وأن يكون ذلك هو الأجر التأميني الذي يحتسب على أساسه المعاشات وأن يراعى ذلك في القانون الجديد للتأمينات والمعاشات.
وأن يكون هذا الأجر هو الأساس في حالة الأعمال المؤقتة والموسمية، كما يمكن زيادة ما يتقاضاه المشتغل عن هذا الحد وفقا لطبيعة بعض النشاطات الاقتصادية أو المحافظات.
وطالب عثمان بتعديل المادة 34 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 لتعطي المجلس القومي للأجور الصلاحية بالتشاور مع الجهات المعنية في إقرار العلاوة السنوية في ضوء المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وفي ضوء معدلات التضخم الرسمية المعلنة (مع إلغاء النص على تحديد الحد الأدنى للعلاوة السنوية بـ 7% من الأجر الأساسي).
كما أكد على الالتزام الكامل بتحقيق الهدف الذي جاء في البرنامج الانتخابي للسيد الرئيس والخاص بمضاعفة الأجور الأساسية لمحدودي الدخل قبل انتهاء فترة البرنامج (6 سنوات)، مع العلم بأنه قد يتم بالفعل زيادة الأجر الأساسي لصغار الموظفين بالحكومة وقطاع الأعمال العام بحوالي 72% تقريبا خلال العامين الأخيرين، مع التأكيد على أهمية دور أصحاب الأعمال والمنشآت ليس فقط في دفع جهود استثماراتهم وفتح مزيد من فرص العمل والتشغيل، ولكن أيضا في العمل على تحسين أوضاع المشتغلين، والالتزام بالقوانين والإجراءات المتصلة بتسوية الأجور.
وكانت الأيام الماضية قد شهدت عددا من الاحتجاجات والإضرابات والمظاهرات في قطاعات مختلفة في عدد من المحافظات أبرزها المنوفية والغربية وبورسعيد والإسماعيلية والفيوم والمحلة الكبرى احتجاجا على تدني الأجور وارتفاع الأسعار وعدم تصدي الحكومة لارتفاع الأسعار.
كما كان من المقرر أن تنظم قوى التحالف العمالي المشتركة بالتضامن مع بعض الأحزاب والقوى السياسية مظاهرة احتجاجية سلمية أمام المجلس القومي للأجور وقت انعقاد الاجتماع الخاص بتحديد الحد الأدنى للأجور، للتعبير عن الأهمية القصوى لمعالجة مشكلة تدني الأجور ومن بينها الحد الأدنى للأجور، فضلا عن المطالبة برفع الحد الأدنى لرواتب العاملين إلى 1200 جنيه، إلا أن الأمن المصري قام بتهديد كل من يقترب من المنطقة وقام بسحب تراخيص السيارات التي كانت ستنقل المشاركين، مع وجود أعداد غير قليلة من الأمن المصري حول المجلس القومي للأجور.
وقد لاقت هذه المقترحات استياء من قبل أحزاب المعارضة والتي أوضحت أن تصريحات رئيس المجلس القومي للأجور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية كشفت نوايا الحكومة عن اتجاهها لإقرار زيادة طفيفة على الحد الأدنى للأجور لا توازي الزيادات الهائلة في أسعار السلع والخدمات في السنتين الأخيرتين والتي لن تعوض العمال عما طرأ على أحوالهم المعيشية من تدهور حاد نتيجة لذلك، أو اتجاه الحكومة للابتعاد بمسألة الحد الأدنى للأجر عن غايتها الأساسية وهي توفير نفقات معيشية تكفي لمجموعة من السلع والخدمات الأساسية التي تفي باحتياجات العامل وأسرته بشكل لائق وكريم، والعمل على إحداث توازن بين الأجور في حدها الأدنى والأسعار المنفلتة.
وأوضحت أحزاب المعارضة في بيان صحافي أن وزير التنمية الاقتصادية عثمان محمد عثمان حصر الأمر في تحديد الفئات التي تحتاج الرعاية وابتعد بالموضوع عن كونه حقا يجب إقراره على المستوى الوطني إلى مجال الرعاية الاجتماعية.
وأشارت الأحزاب إلى أنه رغم صدور قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ونصه في المادة 34 على إنشاء المجلس القومي للأجور ورغم صدور قرار رئيس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 بتشكيل هذا المجلس، فإن المجلس طوال السنوات الخمس الماضية لم يقم بالدور المنوط به على الرغم من الزيادة المستمرة في الأسعار والتي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للعمال وانخفاض أجور العاملين بأجر بما لا يتناسب مع هذه الزيادة. وطالبت الأحزاب بضرورة أن يغطي الحد الأدنى للأجر المزمع إقراره الضرورات المعيشية للعاملين وأسرهم، وزيادة الحد الأدنى للأجور طبقا للنسبة المئوية للزيادة السنوية لأسعار السلع في بداية شهر يوليو من كل عام، فضلا عن توحيد الأجر الأساسي لجميع العاملين بحيث يشمل جميع ملحقات الأجر فيما عدا الحوافز التي تقرر على أساس الإنتاج والجودة والانتظام، وغيرها.
وطالبت الأحزاب برفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه شهريا، موضحين أن الحكومة المصرية يمكنها تدبير الموارد المالية اللازمة لذلك بوضع حد أقصى لإجمالي دخل الوظيفة بحيث لا يزيد الحد الأقصى على 10 أضعاف الحد الأدنى.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )