القاهرة - ليلى نور
بوادر أزمة لاحت في الأفق بين المجلس القومي للأمومة والطفولة ومجمع البحوث الإسلامية بعد أن رفض الأخير التعديلات التي أدخلها المجلس القومي بشأن قانون الطفل والزواج.
وتعود الأزمة إلى الرسالة التي بعثت بها السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي للأمومة والطفولة إلى شيخ الأزهر د.محمد طنطاوي للوقوف على رأيه فيما يتعلق بتعديل بعض أحكام قانون الطفل رقم 12 لسنة 96 تأهيلا لتقديمه لمجلس الشعب لإقراره تشريعيا.
السفيرة مشيرة خطاب قالت لـ «شؤون مصرية»: شرعنا في تنفيذ استراتيجية لتطوير المنظومة القانونية ونشر ثقافة حماية الطفولة، وقطعنا شوطا كبيرا في إجراء بعض التعديلات على عدة مواد قانونية منها المادة 42 من القانون الخاص بإثبات نسب الطفل والمادة 94 برفع الحد الأدنى لسن المسؤولية، والمادة 7 مكرر أ الخاصة بإيذاء الطفل من جانب والديه أو ولي أمره، وتعديل المادة 7 مكرر أ والمتعلقة بشرط الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل توثيق عقد الزواج فأصبح من الضروري ان يقدم الزوجان شهادة طبية تفيد خلوهما من الأمراض الوراثية، ومن يخالف ذلك تطبق عليه عقوبة على أن يكون ذلك نصا واضحا في وثيقة الزواج، كذلك رفع سن الزواج إلى 18 عاما حتى يمكن القضاء على الزواج المبكر.
وأضافت خطاب: ولعل ظاهرة ختان الإناث تعد مثالا صارخا على العنف الجسماني والنفسي الواقع على البنات الصغيرات ونعمل ضمن خطة مدروسة لمكافحة الظاهرة ونجحنا إلى حد ما في الحد من تفشيها إلا أن القانون الجديد للطفل يستجيب لأحدث التطورات التي طرأت في مجال حماية الطفولة ويحقق مستوياتها المنشودة، ومن ضمن التعديلات التي نجحنا في تحقيقها يأتي قانون الجنسية بحيث يصبح من حق الابن والابنة الحصول على جنسية الأم المصرية المتزوجة من أجنبي وتم إنشاء محاكم الأسرة لتهيئة مناخ اجتماعي يحمي الطفل من مسببات النزاع والتوتر والتي تعد مقدمات غير مباشرة للعنف.
واضافت: القانون الجديد يحمي الأطفال من العمالة المبكرة وسوء استخدامهم لهذا فإن المجلس القومي للأمومة والطفولة عندما اقترح التعديل ارتأى ضرورة استمزاج رأي الشريعة ممثلا في الأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء وشيخه الموقر د. طنطاوي والذي سبق ان أعلن في مشاركته لنا دعم قانون الطفل الجديد والانتصار على العادات البالية التي ترسخ القناعات الموروثة التي تنتهك آدمية الأطفال في مصر.
د.سيد طنطاوي شيخ الأزهر تحفظ على مشروع القانون الجديد ومقترحات تعديله وقام بتحويله إلى لجنة البحوث الفقهية التابعة لمجمع البحوث الإسلامية.
وقال: إن التقرير سيناقش ويراجع بنوده بدقة من الناحية الشرعية ولن نستعجل في إصدار القرار فنحن جميعا نسعى كي نحمي أولادنا ونناهض العنف الذي يقع عليهم ونؤيد القوانين التي تحميهم ونأمل أن نصل إلى صيغة توافقية مع العلماء الأجلاء، وأعتقد أننا لن نتراخي في دعم البنود التي تحقق الحماية والرعاية وحقوق الإنسان كما نص عليها ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة.
وعلمت «شؤون مصرية» من مصادر مطلعة بالمجمع أن اللجنة أصدرت تقريرها الرافض لاقتراحات المجلس القومي للأمومة والطفولة وقال الشيخ أحمد عثمان عضو اللجنة: لقد جاء التقرير وفقا للحكم الشرعي مع تحقيق مصلحة المجتمع وفقا للمنظور الاجتماعي والفقهي في آن واحد، وقد وافقت اللجنة على بعض التعديلات مثل رفع سن المسؤولية واعترضت على الربط بين توثيق الزواج والفحص الطبي بسبب أن الفحص ليس شرطا يتوقف عليه العقد فالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» ولم يعقب بعد كلمة «فزوجوه» قائلا: بعد فحصه طبيا، فهذا الاقتراح مخالف للشرع وضد عقد الزواج.
وقال الشيخ فرحات المنجي أحد أعضاء اللجنة بمجمع البحوث الإسلامية: إن الأحكام الشرعية كفيلة بتيسير حياة المسلمين دون تدخل للبشر بشرط تطبيق أحكام وقوانين الإسلام التي جاءت في القرآن والسنة ومنها الأحكام المتعلقة بالأسرة والأحوال الشخصية فقد حدد الشرع شرطين للزواج، دون تحديد سن محددة كما يطالب المجلس القومي للأمومة والطفولة، وهي القدرة المالية والجنسية حتى أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قرر عدم جواز الإقدام على الزواج لمن فقد شرطا من الشرطين حيث قال: «ومن لم يستطع فعليه بالصوم» وأضاف: إن الإسلام أول من طالب بفحص طبي للزوجين قبل الزواج عن طريق التحذير من زواج الأقارب لنقل الأمراض الوراثية ولكن أن يلزم ذلك بعقد الزواج فإننا بذلك نكون قد أبطلنا عقد الزواج بشرط غير ملزم، واتهم الشيخ فرحات المجلس القومي بأنه يريد تطبيق أجندة أجنبية عن طريق منظمات غربية لهدم الأسرة عبر مؤتمراتها.
وقال: إنه تم رفض توقيع عقوبة قانونية بالحبس أو الغرامة على الوالدين إذا تسببا في إيذاء طفليهما خاصة أن ذلك يتنافى مع النظرة الإنسانية ولا يمكن تقييم الحالات الفردية بحيث تجعل ذلك بمنزلة الواقع العام، فالإسلام لم يبن أحكامه على حالات فردية فقد قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ): «لا يضار والد بولده ولا سيد بعبده» باعتبار أن الأب هو سبب وجود ابنه فلا يكون الابن سببا في قتل والده.
صفحات شؤون مصرية في ملف ( pdf )