بيروت - عمر حبنجر
دمشق ـ هدى العبود
لم يكن تحويل مسار دعوة سورية للبنان الى القمة باتجاه بيروت مباشرة بدلا من المرور بالجامعة العربية امس مفاجئا للكثيرين، فقد كشفت ردود الفعل اللبنانية المتحفظة او «الصامتة» عن ان هذه الخطوة السورية مقررة منذ بضعة ايام قد ارتبطت باتصال هاتفي «جامد» بين الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير الخارجية السوري وليد المعلم.
تقول مصادر قريبة من دوائر الاتصالات ان موسى اتصل بالمعلم وابلغه برفضه السفر الى بيروت لتسليم الحكومة اللبنانية الدعوة السورية الى القمة، ونصحه بتشكيل وفد سوري لنقل الرسالة الى لبنان، مؤكدا عليه وبلهجة حاسمة ضرورة حضور لبنان القمة والا ستكون هناك مفاجآت كبيرة. واضافت المصادر ان موسى قال للمعلم: انا اكلمك بصفتي الامين العام للجامعة العربية،
وفي نهاية الاتصال، قال له المعلم: دعنا ندرس الموضوع، ثم استطرد قائلا: اعدك بارسال وفد وسنباشر تشكيله حالا.
وقد احيطت الحكومة اللبنانية علما وسارع عدد من الوزراء الى التصريح بأهمية الدعوة من الناحية الشكلية، سواء من حيث مستوى الوفد او من حيث طريقة المخاطبة او المرجع الذي ستسلم اليه.
ما حصل أمس هو أنه اختير لرئاسة الوفد سفير برتبة معاون لوزير الخارجية هو السفير احمد قاووق عرنوس، وضم الوفد مدير مكتبه بسام الخطيب وممثلا للمجلس اللبناني - السوري الاعلى هو احمد الحاج حسن.
توقيت سياسي
لم يكن توقيت حضور الوفد الحامل للدعوة خاليا من المعاني السياسية، كما هو حال الدعوة نفسها الموجهة من رئيس وزراء سورية محمد ناجي عطري الى «دولة السيد فؤاد السنيورة» دون ذكر صفته الحكومية، وواضح اختيار وقت وجود الرئيس السنيورة في عاصمة السنغال ممثلا لبنان في القمة الاسلامية للمجيء الى بيروت لتسليم الدعوة الى الوزير المستقيل فوزي صلوخ بدلا من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر ممثلا.
وتقول المصادر لـ «الأنباء» ان ثمة من حذر الوزير صلوخ مقدما من تسلم رسالة الدعوة، اولا لأنه مستقيل وثانيا لأن حاملها اقل من مستوى وزير على غرار الوزراء السوريين الذين حملوا الدعوة الى الزعماء العرب الآخرين، وثالثا لأنها موجهة من رئيس وزراء سورية وليس من رئيس الجمهورية بشار الاسد، كما هي حال الدعوات الى الملوك والرؤساء الآخرين، لكن ظروف الوزير المستقيل فوزي صلوخ لم تمكنه من اقفال الباب بوجه رسالة الدعوة السعودية.
والسؤال المطروح الآن مزدوج: هل يتولى الوزير المستقيل شخصيا تسليم رسالة الدعوة السورية الى السنيورة مباشرة؟ وفي هذه الحال، هل يتسلم رئيس الحكومة دعوة شابتها كل هذه الظروف السلبية؟
بالعودة الى كلمة صلوخ للصحافيين بعد خروج الموفد السوري من باب السكرتارية تجنبا لمواجهة الاعلام، يتبين انه قال «ستسلم الوزارة هذه الدعوة لدولة الرئيس فؤاد السنيورة لدى عودته الى لبنان».
وقال «ستسلم الوزارة» الدعوة ولم يقل سأسلم الدعوة انا شخصيا، خشية ان تشكل مبادرته الشخصية اعترافا بشرعية الحكومة الحالية.
في هذه الحالة، هل يقبل رئيس الحكومة والقائم كمجلس وزراء مقام رئيس الجمهورية بتسليم دعوة القمة بواسطة الامانة العامة لوزارة الخارجية؟
أوساط المعارضة والموالاة
بعض اوساط قوى 8 مارس لم تعلق على ملابسات توجيه الدعوة، بل اعربت عن اعتقادها ان الوفد اللبناني الى القمة سيكون برئاسة وزير المال جهاد ازعور بصفته وزيرا مارونيا بعيدا عن الاجواء السياسية.
لكن قوى 14 مارس التي تقيم احتفالا كبيرا في قاعة بيال اليوم بمناسبة ذكراها الثالثة رفضت طريقة توجيه الدعوة السورية، فالنائب انطوان زهرا (قوات لبنانية) تمنى على الحكومة ان تهملها «لأن النظام السوري لايزال يتعامل معنا كأفراد وليس كدولة». وقال زهرا لاذاعة «صوت لبنان»: مرة اخرى يتعاطى النظام السوري مع لبنان بعدم احترام وخارج الاصول مع الدولة اللبنانية، ولا يعترف بسيادة لبنان ولا يتعاطى مع المؤسسات اللبنانية، انما يتعاطى انتقائيا مع اطراف لبنانيين من منطلق رؤيته هو للوضع الداخلي اللبناني، وهنا المشكلة في العلاقات بين البلدين.
واقترح زهرا بصفته الشخصية على الحكومة اللبنانية اهمال هذه الدعوة واعتبار انها لم تصل.
وزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض رأت في تسليم الدعوة السورية الى وزير مستقيل استمرارا لسياسة التعطيل والفراغ. واعتبرت معوض بعد لقائها سفيرة بريطانيا فرانسيس غاي، ان النظام السوري يستمر في سياسة التعطيل والمماطلة كي يبقى لبنان عرضة للصراعين العربي والدولي، وهذا النظام لا يحترم لبنان كدولة، ولا يجوز ان يوجه الدعوة الى وزير مستقيل، وبعد انتظار غياب رئيس الحكومة هذه الدعوة للقمة يجب توجيهها الى رئيس الجمهورية، ولأن الرئيس غير موجود، إذن تتحول صلاحياته الى مجلس الوزراء، وبالتالي الى رئيسه فؤاد السنيورة.
وقائع تسليم الدعوة
وكان السفير عرنوس قد سلم صلوخ فور لقائهما ظرفا يحمل الدعوة الى القمة بعدما كان موكبه قد وصل الى نقطة المصنع الحدودية عند الحادية عشرة واربعين دقيقة، وكان في استقباله المستشار سامي نمير من مديرية المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية، واستقبل الوفد الذي يضم الى جانب عرنوس مدير مكتبه بسام الخطيب واحمد الحاج حسن عن المجلس الاعلى اللبناني - السوري، ثلاث سيارات تابعة لمديرية المراسم في الخارجية اللبنانية.
وكان صلوخ في وداعه على باب الوزارة ليعود فيدخل الى مكتبه ويعلن للصحافيين انه سيتحدث اليهم بعد لحظات حيث خرج ليقول: سعدت اليوم باستقبال معاون وزير خارجية الجمهورية العربية السورية احمد عرنوس مبعوثا لدولة رئيس مجلس الوزراء السوري م.محمد ناجي عطري، وقد تسلمت منه دعوة موجهة الى دولة الرئيس فؤاد السنيورة لحضور القمة العربية العشرين، وستسلم الوزارة هذه الدعوة لدولته لدى عودته الى لبنان، ولم يجب صلوخ عن اسئلة الصحافيين.
وحضر الاجتماع عن الجانب اللبناني مدير المراسم في الوزارة السفير جورج سيام ومدير الشؤون العربية السفير محمد الحجار، وقد عقد الاجتماع في مكتب الامين العام للوزارة السفير بسام نعماني الموجود في دكار بسبب اعمال اعادة تأهيل اثاث مكتب الوزير.
وفي دمشق أعلنت وزارة الخارجية في بيان ان عرنوس سلّم «وزير الخارجية اللبنانية المستقيل فوزي صلوخ دعوة لبنان لحضور القمة العربية».
وأضاف البيان «وقد اشار معاون وزير الخارجية خلال اللقاء الى انه ونظرا للفراغ الدستوري الحاصل في رئاسة الجمهورية اللبنانية فإن سورية سترحب بمن سيختاره لبنان لتمثيله في القمة العربية بدمشق».
الصفحة في ملف ( pdf )