يتوجه الناخبون في ايران اليوم الى صناديق الاقتراع لاختيار 290 من بين 4500 مرشح لشغل عضوية البرلمان الثامن منذ اعلان الجمهورية الاسلامية عام 1979.
وتعتبر هذه الانتخابات محسومة النتائج الى حد بعيد بعد رفض ترشيحات عدد كبير من الاصلاحيين مما وضع حدا للمواجهة التقليدية بين المحافظين والاصلاحيين في ايران، ولهذا فمن المنتظر ان تنتهي الانتخابات باستمرار سيطرة المحافظين على مجلس الشورى الايراني.
وتعد المقاعد الثلاثون المخصصة للعاصمة طهران الاكثر اهمية من الناحية السياسية بينما يؤخذ في الاعتبار الجوانب الفنية وليست السياسية لانتخابات الاقاليم.
وتجرى الانتخابات في الوقت الذي يتزايد فيه التوتر بين ايران والغرب بشأن برنامجها النووى، كما انها تجرى والاقتصاد الايراني في وضع متخبط وهناك بوادر ركود وتضخم.
ولهذا تسعى الحكومة الايرانية الى رفع نسبة المشاركة في الانتخابات بهدف تأكيد شرعيتها في مواجهة خصومها في الغرب، وتوجيه رسالة قوية لهم، حيث شارك 51% من الناخبين في الانتخابات التشريعية الاخيرة.
ولن تؤثر نتيجة الانتخابات بشكل مباشر على منصب الرئيس او على السياسات الرئيسية للدولة مثل البرنامج النووي الايراني، والتي يرجع القول الفصل فيها الى المرشد الاعلى للثورة الاسلامية علي خامئني، لكن المحللين يشيرون الى ان النتيجة ربما تؤثر على النقاش في البرلمان وقد تبرز المزيد من التحديات السياسية امام الرئيس احمدي نجاد
3 أجنحة رئيسية
وتتنافس في هذه الانتخابات 3 اجنحة رئيسية، والجبهات الثلاث رغم مرجعيتها الواحدة الا انها تختلف في الاسلوب ووسائل الادارة، ويخوض المحافظون الانتخابات بلوائح منفصلة نتيجة طموحات بعض مسؤوليهم تجاه الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2009، وتجمعت غالبية المحافظين في «الجبهة الموحدة للمدافعين عن المبادئ» التي تضم انصار الرئيس محمود احمدي نجاد وحركته «عطر الخدمة».
وبرز جناح محافظ جديد شكل ائتلافا موسعا سمي «بالمدافعين عن المبادئ»، اما الجناح الثالث فهو المعارضة الاصلاحية.
ويضم جناح الرئيس نجاد اساسا الجناح الذي شكل في السنوات الاربع الماضية الاغلبية في البرلمان، ويحاول المحافظون الذين يعتبرون انفسهم المدافعين عن مبادئ الثورة الاسلامية توحيد صفوفهم رغم ان كثيرا منهم يعارضون احمدي نجاد بسبب اسلوب معالجته للاقتصاد.
وتتمتع ايران بإيرادات كبيرة من صادرات النفط لكن المحللين يشيرون الى ان سياسات الانفاق التي يطبقها احمدي نجاد اشعلت التضخم الذي بلغ حاليا نحو 19% وفشلت الحكومة في الحد من البطالة التي يعاني منها 10% من المواطنيين اضافة الى ارتفاع الاسعار وتدهور مستوى الخدمات.
ولهذا يتخوف المحافظون من ان يؤثر الاداء المتوتر في السياسة الخارجية وكذلك ملفات البطالة والركود وتداعيات العقوبات الاقتصادية على حصة الاسد التي يستأثرون بها في مؤسسات الدولة ويسيطر المحافظون على كل الهيئات السيادية في ايران بما فيها القوات المسلحة والهيئات القضائية والهيئات الاخرى القوية والبرلمان والرئاسة.
تأييد ثوري
وقد اعلن محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري في ايران عن تأييده للمحافظين في الانتخابات التشريعية وهي المرة الاولى التي يعلن فيها قائد الحرس الثوري الذي عين في سبتمبر الماضي دعمه بشكل واضح للمحافظين، علما بأن العسكريين في ايران من المفروض انهم لايتدخلون بشكل مباشر في الامور السياسية.
ويركز المراقبون على الجناح المحافظ الجديد الذي تشكل استعدادا للانتخابات التشريعية ويضم التحالف الموسع والشعبي للمدافعين عن المبادئ وهم محافظون برغماتيون يتجمعون حول المفاوض السابق علي لاريجاني كبير المفاوضين النوويين الايرانيين سابقا وهو مستشار مقرب من الزعيم الديني الاعلى علي خامئني وقد رشحته مجموعة من الاحزاب المحافظة المعتدلة مرشحا لها في الانتخابات، وكشفت استقالته في اكتوبر الماضي عن خلافات مع احمدي نجاد بشأن التكتيكات في اسلوب معالجة المفاوضات مع الغرب فيما يتعلق بالطموحات النووية الايرانية ويضم الجناح المحافظ الجديد قائد الحرس الثوري السابق محسن رضائى، وعمدة طهران محمد باقر قاليباف وهو احد الموالين للنظام الحاكم ولكنه عكس نجاد يتبع مسارا اكثر اعتدالا وهو يتمتع بشعبية كبيرة كعمدة لطهران ويعتبر اكبر منافسي الرئيس نجاد في انتخابات الرئاسة المقبلة في يونيو 2009 وقد شدد نجاد عليه وعمل على اضعافه من خلال حجب التمويل الحكومي عن بلدية طهران.
ولاتوجد اختلافات جوهرية بين التيارين المحافظين وذكر المسؤول التنفيذي في الائتلاف الموسع - ضمن عائلة الثورة هناك اختلافات في الاسلوب ووسائل الادارة ولكن لاتوجد اختلافات جوهرية.
جناحان إصلاحيان
أما الاصلاحيون فقد شكلوا ائتلافا ضم 21 حزبا سياسيا يقوده الرئيسان السابقان محمد خاتمي واكبر هاشمي رفسنجاني، كما يوجد جناح اصلاحي اخر يخوض الانتخابات هو «حزب الثقة القومي» الذي يقوده رئيس البرلمان السابق مهدي كروبي المقرب من الرئيس السابق محمد خاتمي وهو حزب اصلاحي معتدل يؤيد مشاركة شعبية اكبر في الحياة العامة.
وحاول الاصلاحيون الاستفادة من الاستياء الشعبي المتنامي تجاه الرئيس احمدي نجاد بسبب الاوضاع الاقتصادية المتردية إلا ان الرئيس نجاد لايزال يحظى بدعم المؤسسات الرئيسية ذات النفوذ الواسع في الدولة كما يحظى بدعم مؤسسات الحرس الثورى.
وقد رفضت الهيئات المحلية المكلفة بتنظيم الانتخابات والاشراف عليها طلبات عدد كبير من الاصلاحيين وصل الى اكثر من 2000 شخص، وقضى مجلس صيانة الدستور بعدم اهلية مرشحيهم لأسباب ايديولوجية.
ويعطي القانون الانتخابي السلطة لمجلس الوصاية للتدقيق في المرشحين والاشراف على الانتخابات، ويتألف هذا المجلس من 12 خبيرا قانونيا ودينيا منهم 6 رجال دين معينين من قبل الزعيم الاعلى علي خامئني وستة خبراء قانونيين مرشحين من قبل السلطة القضائية يوافق عليهم البرلمان وهم مسؤولون فقط امام المرشد الاعلى وتعتبر قراراتهم ملزمة.
وشكا الاصلاحيون من ان كثيرا من افراد معسكرهم الراغبين في الترشيح منعوا لدرجة انه قد لاتمكنهم المنافسة سوى على نحو 30 مقعدا فقط من 290، وقال متحدث باسم تحالف الاصلاحيين «كنا نأمل في ان نتمكن من تحقيق حضور في المنافسة لشغل ثلث مقاعد البرلمان لكن للاسف مع موقف مجلس صيانة الدستور لايمكننا ان نخوض منافسة على اكثر من 10% من المقاعد في احسن الاحوال».
ويشكو الاصلاحيون من ان عملية التصويت لم تكن في صالحهم خلال انتخابات المجالس المحلية والبرلمانية والرئاسية السابقة بسبب استبعاد الكثير من مرشحيهم الامر الذي ترك الساحة لمرشحين اكثر تشددا بينما يرد مؤيدو احمدي نجاد بأن هذه الشكاوى من قبيل الدعاية السياسية.
ورغم رفض المرشحين الاصلاحيين بأعداد كبيرة الا ان مختلف الاحزاب الاصلاحية ترفض مقاطعة الانتخابات، وكانت مقاطعة المرشحين الاصلاحيين بكثافة لانتخابات عام 2004 قد أتاحت للمحافظين السيطرة على البرلمان ويرى المراقبون ان الايرانيين سئموا المنازعات بين الاصلاحيين والمحافظين بشأن السياسات الخارجية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وان معايير الناخبين قد تغيرت وان الازمة الاقتصادية جعلت الاقتصاد الموضوع الرئيسي في الانتخابات باعتبارها المشكلة الرئيسية للشعب.
يذكر ان أول مجلس شورى ايراني بعد الثورة الاسلامية تم انتخابه عام 1980 وكان عدد اعضائه 237 عضوا، وزاد هذا العدد حاليا الى 290، وطبقا للدستور الاسلامي في ايران فإن المجلس لايمكن حله.
الصفحة في ملف ( pdf )