أعلنت حكومة التبت المحلية التابعة لبكين أمس أن 105 أشخاص سلموا أنفسهم للشرطة بحلول منتصف ليلة أمس الأول، بسبب تورطهم في أعمال الشغب التي اندلعت في مدينة لاسا عاصمة منطقة التبت وأدت الى مصرع 13 مدنيا واصابة 63 من رجال الشرطة بينهم ستة في حالة حرجة وفقا للاحصائيات الرسمية الصينية.
يأتي ذلك تلبية للاعلان الذي أصدرته يوم الجمعة الماضي سلطات فرض القانون في منطقة التبت ذاتية الحكم أقصى جنوب الصين الغربي، وحثت فيه «زمرة الخارجين على القانون» المتسببين في أحداث الشغب على وقف «ممارساتهم الاجرامية» والمسارعة بتسليم أنفسهم طواعية بحلول منتصف ليلة الاثنين الماضي، متعهدة بمنح التخفيف والرأفة لمن يستسلمون وكذلك لمن يدلون بمعلومات عن بقية الخارجين وقد يتم اعفاؤهم من العقوبة وتوفير الحماية اللازمة لهم، فيما حذرت كل من يتستر أو يؤوي تلك الفئة المنتهكة للقانون« بمعاقبته بمنتهى الحزم والصرامة وفقا للقانون.
وقالت الحكومة المحلية ان بعض المستسلمين رووا للشرطة تفاصيل الأحداث والأدوار التي اضطلعوا بها طوعا أو قسرا، حيث اتفق غالبيتهم على أنهم «أجبروا على الخروج من منازلهم والا أحرقوا داخلها أحياء، وعندما استجابوا وخرجوا اذا بهم يدفعون دفعا الى وسط الاضطرابات والمظاهرات بعد أن عمت شوارع المدينة حالة من الفوضى العارمة تلفها الضبابية فلا أحد يعرف من مع من أو من ضد من».
وقام بعض المستسلمين باعادة الأموال التي نهبوها من المنشآت التي هاجموها ومن بينها مدارس وبنوك ومستشفيات ومتاجر ومكاتب حكومية ومرافق عامة.
امتداد العنف
من جهة أخرى، أفادت الأنباء الواردة أمس من مدينة لانتشو عاصمة مقاطعة قانسو شمال غرب الصين أن آلاف المواطنين ممن يقطنون تلك المقاطعة وينحدرون من قومية التبت، قاموا اليوم بتظاهرات احتجاجية شابتها أعمال عنف وشغب ليتسع بذلك نطاق تظاهرات البوذيين التبت الى خارج موطنهم الأصلي في اقليم التبت جنوب غرب الصين والمتمتع بحكم ذاتي.
وألقى المتظاهرون (قدرتهم الاحصاءات بثلاثة آلاف متظاهر) القنابل الحارقة على المبنى الرئيسي للحكومة المحلية وعدد من مراكز الشرطة وراحوا يقذفون الحجارة على المتواجدين داخل هذه المباني فأصابوا عددا منهم بجروح وصفت بالمتوسطة.
من ناحية أخرى، جددت بكين أمس على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشين قانغ اتهاماتها الى الدالاي لاما بالوقوف وراء كل تلك الأحداث، واصفة اياه بأنه «ليس ذلك الزعيم الروحي الذي يخدع العالم بابتسامته العريضة وسنوات عمره التي تخطت السبعين بل هو منشق ولاجئ سياسي ضالع في أنشطة تمزيق الصين الأم وتدمير الوحدة الوطنية ويمارس أنشطته تلك متخفيا تحت عباءة الدين».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشين قانغ ان الدالاي لاما يدعي دائما زورا وبهتانا أن «التبت دولة تحتلها الصين» منكرا بذلك حقيقة غير جدلية مفادها هي أن التبت جزء أصيل من الأراضي الصينية ومنذ الأزل السحيق، ويرفض الدالاي الاعتراف بالنظام السياسي الحالي في التبت ويحاول اقامة ما يعرف بـ «منطقة التبت العظمى» التي تغطي قرابة ربع الأراضي الصينية (البالغ مساحتها الاجمالية 9.6 ملايين كم مربع) لكنها لم تكن موجودة أبدا على مدار التاريخ.
في سياق متصل، اعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أمس ان فرنسا لا تؤيد مقاطعة حفل افتتاح الالعاب الاولمبية في بكين بسبب الوضع في التبت ولكنه لم يستبعد ان تبحث دول الاتحاد الاوروبي الـ 27 هذه المسألة.
وكان كوشنير يرد على سؤال حول طلب منظمة «مراسلون بلا حدود» من رؤساء الدول مقاطعة حفل افتتاح الالعاب الاولمبية احتجاجا على انتهاكات حقوق الانسان في الصين وقمع المتظاهرين في التبت.
وقال كوشنير خلال مؤتمر صحافي ان هذا الاقتراح «لا يلقى دعم الحكومة الفرنسية»، لكنه اشار الى ان الفكرة «وقال علينا النظر فيها».
الصفحة في ملف ( pdf )