بيروت - عمر حبنجر
الاهتمام بالقمة العربية التي افتتحت في دمشق امس بمن حضر من القادة العرب لم يشغل الاطراف اللبنانية عن التجاذبات التقليدية، حيث كانت كلمة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة محور السجال بين مؤيد لما ورد فيها ومعارض.
وكان السنيورة قد اطلع جميع الوزراء على الكلمة قبل ارسالها الى القادة العرب الى عواصمهم، وبالتالي قبل القائها عبر الشاشات، وكان الرئيس السوري بشار الاسد بين الرؤساء والذي حرص السنيورة على ارسال كلمته اليه من خلال الفاكس التابع لمكتبه في القصر الجمهوري بدمشق.
وقد جاء هذا الايضاح من جانب اوساط السنيورة بعد قول وزير الخارجية السورية وليد المعلم انه لن يستمع الى كلمة الرئيس السنيورة لأنه لا وقت لديه لذلك.
اما السنيورة فقد انشغل امس بمتابعة اصابة الطفل علي احمد الساحلي الذي اصيب برصاصة طائشة في رأسه خلال اطلاق النار والمفرقعات من قبل انصار الحكومة وقوى 14 مارس ابتهاجا بكلمة السنيورة امس الاول، وقد كلف وزير الداخلية حسن السبع والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي بمتابعة اصابة هذا الطفل الموجود في مستشفى بهمن في حارة حريك للعلاج.
واستنكر رئيس الحكومة هذا الاسلوب في التعبير، وقال في تصريح له امس: لقد سبق ان حذرنا من التمادي في اسلوب استعمال السلاح وان منطق القوة هذا دليل تراجع في القيم والمعايير الانسانية والحضارية التي لطالما كنا في لبنان ندعو اليها.
النائب تويني: قمة الأزمات
النائب غسان تويني وصف قمة دمشق بـ «قمة الازمات»، مشيرا الى ان الاسد امام ازمة اختيار بين ان يستمر في السياسة البعثية الهجومية من العراق الى لبنان واما ان يتحول الى شخصية رئاسية كرئيس للقمة العربية لمدة سنة ولو كانت فارغة.
وتمنى تويني، في حديث اذاعي له امس، ان يكون بعض القادة العرب قد حضروا الى القمة للدفاع عن لبنان او المهاجمة عنه، ووصف موقف السنيورة بالواضح جدا والجريء الذي لا يمكن الا ان نؤيده.
وقال تويني: لو ذهب رئيس الحكومة الى القمة لكانت المشكلة اكبر، لأن الجانب السوري ما كان سيتحمل ما سيقوله، لافتا الى ان السنيورة يقوم بواجباته كرئيس للحكومة، وقد طرح القضية اللبنانية كما يراها بوضوح وجرأة، محملا سورية مسؤولية الازمة اللبنانية.
ودعا دمشق الى اثبات انها براء مما تتهم به، ملاحظا ان سورية «لم تبلع» خروجها من لبنان، داعيا الى المزيد من العلاقات معها بدءا من ترسيم الحدود وتبادل العلاقات الديبلوماسية لايجاد قناة مخاطبة غير المخابرات والصحف والخطابات اضافة الى تطبيع العلاقات وتهدئتها.
تويني نصح العماد ميشال عون بالانتقال الى قصر بعبدا ووضع النواب امام الامر الواقع.
الأحدب واليد اللبنانية الممدودة
من جهته، امل النائب مصباح الاحدب، بعد لقائه السنيورة امس، ان تأخذ سورية بعين الاعتبار اليد الممدودة الصادقة للتوصل الى تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية غير الطبيعية القائمة اليوم، مؤكدا عدم التنازل عن ثوابت الدولة اللبنانية.
عدوان: لا حوار إلا في بعبدا
النائب جورج عدوان (القوات اللبنانية) اكد من جانبه ان الحوار المطروح من قبل رئيس المجلس نبيه بري لن يجري الا في قصر بعبدا وبرعاية الرئيس الجديد للجمهورية، مشيرا الى ضرورة فتح المجلس النيابي ليقوم بعمله التشريعي الطبيعي.
وشدد عدوان، خلال عشاء تكريمي للمهندسين المنتمين الى حزب «القوات» على ان التسوية لن تبدأ الا بانتخاب الرئيس ومن ثم طرح قضية السلاح، معتبرا ان مشكلة لبنان ليست بالشراكة الوظائفية بل بالقرار المتعلق بالحرب والسلم.
الفرزلي: كلام السنيورة للاستثمار الداخلي
اما المعارضة، فقد صب بعض اطرافها جام الغضب على موقف السنيورة وتحميله سورية مسؤولية سلة الازمات اللبنانية العامرة، فالنائب السابق ايلي الفرزلي اعتبر ان كلام السنيورة للاستثمار الداخلي مستغربا كيف انه لم يأت على ذكر مطالبة الامم المتحدة بانسحاب اسرائيل من مزارع شبعا لتسهيل ترسيم الحدود.
ورأى الرئيس السابق اميل لحود ان مجرد انعقاد قمة عربية في عاصمة تدافع عن حقوق العرب يجعل من الصعب تمرير المطالب الخارجية التي تملى على بعض الدول العربية خلافا لتطلعات شعوبها.
فنيش: السلطة عاجزة
اما الوزير المستقيل محمد فنيش (حزب الله) فاعتبر ان غياب لبنان عن القمة العربية في دمشق انحياز واضح من فريق السلطة في لبنان لمصلحة المشروع الاميركي في المنطقة، وشدد في احتفال اقامه حزب الله في تحويطة الغدير بمناسبة المولد النبوي الشريف على ان فريق السلطة بات عاجزا عن اتخاذ اي قرار مستقل.
وتساءل فنيش عن الشعارات التي اطلقت حول ضرورة العلاقات الطبيعية مع سورية او التي تحدثت عن مد اليد لسورية، وسأل: اين اتفاق الطائف الذي اكد ان لبنان لن يكون ممرا لأي عدوان على سورية؟
من جهته، رأى النائب بطرس حرب ان لبنان خسر بعدم مشاركته في القمة، وتساءل بعد لقائه السفير البريطاني فرانسيس غاي: هل كانت مشاركة لبنان في القمة ستغير شيئا؟
وقال: لقد خسر لبنان ان يسمع صوته في القمة.
يذكر ان النائب حرب بدأ يبتعد عن قوى 14 مارس منذ تخلت عنه في مرحلة «البازارات» الرئاسية، وهو يتجه الآن لتشكيل خط سياسي مستقل عن هذه القوى نسبيا.
القومي وأمل
علي قانصو رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي رأى بعد استقباله المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل ان مقاطعة «الحكومة غير الشرعية» للقمة قرار غير مسؤول، وهي خطوة تصعيدية تزيد الازمة اللبنانية تعقيدا.
النائب خليل لم يستغرب هذا الموقف للسنيورة بحسب قوله، وقد توقف امام ما وصفه بهجمة «فريق السلطة» على مجلس النواب ورئيسه ومشروعه الحواري.
وادعى ان السنيورة لم يجرؤ على الذهاب الى دمشق لأن في هذا مخالفة صريحة لتعليمات السيد الاميركي الذي عبر عن رغبته في عدم انجاح هذه القمة واي لقاء يوحد او يعيد صياغة الموقف العربي الموحد.
وقال خليل ان المعارضة سترفع صوتها بشكل عال امام كل المخالفات الدستورية والسياسية الحاصلة.
الصفحة في ملف ( pdf )