بيروت - عمر حبنجر
غابت الحلول السياسية، كما في كل يوم من ايام المرحلة اللبنانية الصعبة، لتحضر بعض المواقف والتصريحات، المعلنة أو خلف الكواليس، والتي كان ابرزها امس اعلان العماد ميشال سليمان قائد الجيش اللبناني، والمرشح التوافقي الوحيد لرئاسة الجمهورية، عزمه الحصول على تقاعد مبكر في الحادي والعشرين من اغسطس، طبقا لما اشارت اليه «الأنباء» في عدد اول من امس. في هذا الوقت عاد رئيس مجلس النواب نبيه بري من جولة اوروبية، كان حكي عن استكمالها عربيا، وكان اول نشاط له امس، تلقيه برقية من رئيس مجلس الامة السابق جاسم الخرافي، جوابا على تهنئته بعيدي الوطني والتحرير، «نؤكد حسن الروابط اللبنانية - الكويتية».
السنيورة يؤكد على الجولة
الرئيس السنيورة اكد امس ان جولته العربية لا تزال قائمة، وقد تسبقها جولة مشاورات داخلية، مشيرا الى ان تطورات المنطقة وما نتج عن القمة العربية يستوجب تزخيم جهد الحكومة لمواجهة اي استحقاقات مقبلة. في هذا الوقت، نقلت صحيفة النهار اللبنانية عن مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع ان الاتحاد الاوروبي على استعداد لتحرك ما أو بتكليف فرنسا مجددا بايجاد الآلية الملائمة لانقاذ الوضع في لبنان، خصوصا ان المخاوف من عودة الاغتيالات السياسية من قوى 14 مارس أو المؤيدين لها أو افتعال صدامات مذهبية جديدة، على نطاق واسع. وكان مرجع سياسي لبناني أمل من وفد ألماني زاره مطلع هذا الاسبوع ان يجري الاتحاد الاوروبي اتصالات مع الاميركيين والروس، لاقناع السعوديين والسوريين بحمل حلفائهما في لبنان، على القيام بخطوات متقابلة نحو الحل الذي يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية.
سليمان: سئمت من التجاذبات
ويبقى الموقف المستجد للعماد ميشال سليمان محور الاهتمام والمتابعة، كونه يضع مختلف الاطراف المعرقلة للانتخاب الرئاسي في زاوية مصالحها المهددة.
وكان العماد سليمان اعلن سأمه من التجاذب المستمر حول اسمه كمرشح توافقي للرئاسة، وانه بدأ يستشعر نوعا من المس بكرامته نتيجة تعليق هذا الامر على توافق داخلي يزداد صعوبة يوما بعد يوم وتوافق عربي يقارب المستحيل.
وأوضح لصحيفة «السفير» انه لن ينتظر حتى اليوم الاخير من خدمته العسكرية، ومن ثم احالته الى التقاعد في 21 نوفمبر 2008، بل قرر الانسحاب مستفيدا من مأذونياته، في موعد أقصاه 21 اغسطس المقبل. وقال سليمان انه ابلغ المجلس العسكري اخيرا قراره النهائي الذي لا عودة عنه بالذهاب الى بيته.
وحول تداعيات هذه الخطوة قال قائد الجيش انه سعى بكل ما اوتي من امكانيات للحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية الضامن الوحيد للوحدة الوطنية، وقال «اعتقد انني بقراري هذا اسعى الى تحميل الجميع مسؤولياتهم، وان يدركوا أن استمرار الامور على ما هي عليه انما يؤدي الى استنزاف الجيش يوميا، وكذلك استنزاف اللبنانيين الذين تعبوا من السياسة والسياسيين، فضلا عن الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يئنون تحت وطأتها». وبحسب المصادر فإن حكومة الرئيس السنيورة في ظروفها الراهنة ستتجنب تعيين قائد جديد للجيش بسبب تعقيدات قانونية وسياسية قد لا تسهل هذا الامر، وليس بالمستطاع اقناع العماد سليمان بتمديد ولايته في قيادة الجيش، كما حصل لسلفه الرئيس اميل لحود، علما ان التمديد يتطلب تعديل القانون في مجلس النواب المغلق منذ ما يقرب من السنتين.
على ان آخر المقترحات والفتاوى لحظت امكانية اعادة تعيين العماد سليمان بمرسوم في مجلس الوزراء، بعد احالته الى التقاعد على غرار ما حصل مع العماد اسكندر غانم الذي استدعي من الاحتياط ليتسلم القيادة في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية.
لكن العماد سليمان كان حريصا في تصريحه الاخير على رفض التمديد وسواه من الاجتهادات التحايلية على القانون.
من القيادة العسكرية الى الزعامة
وفي معلومات «الأنباء» ان العماد سليمان الذي بات يحظى بشعبية حاسمة في منطقته «جبيل» ومعظم الجزء الشمالي من جبل لبنان، سيتفرغ للعمل السياسي والشعبي ولن ينتهي كضابط كبير متقاعد.
وتشكل قيادة سليمان لحرب تحرير مخيم النهر البارد الفلسطيني من ارهابيي «فتح الاسلام» علامة مميزة في سجله العسكري والشعبي اللبناني ولو ان هذا العمل الجبار ألب عليه بعض القوى المحلية والاقليمية، التي تضررت من انتصار الجيش في نهر البارد، واعتبرت انه تجاوز في نهر البارد الخط الاحمر.
وعن موضوع التوافق على رئاسة الجمهورية، قال انا كنت قبلت بذلك ومازلت على استعدادي لخدمة بلدي وتوفير حل لمصلحة الجميع، لكن اذا كان انتهاء ولايتي على رأس المؤسسة العسكرية من شأنه تسهيل التوافق على مرشح بديل فأنا لن اكون عقبة ابدا.
الصفحة في ملف ( pdf )