هي أول محمية طبيعية تم تأسيسها في البادية السورية، كنقطة انطلاق للتنمية البيئية، وتوفر الحماية للنباتات والحيوانات البرية التي تعيش في المنطقة، والتي استمرت لآلاف السنين، وتعرضت اعدادها للتدهور نتيجة الإهمال والعبث بمواردها الطبيعية.
لذلك، تم إصدار عدة قرارات لمنع الفلاحة التي كانت من أهم العوامل المسببة لحالة التدهور، ومنع احتطاب وقلع الشجيرات، والرعي الجائر.
وفي هذا الاطار، اتفقت الحكومتان السورية والإيطالية على تمويل مشروع إعادة تأهيل المراعي في البادية السورية، وتأسيس محمية طبيعية فيها، بموقع التليلة- شرق تدمر نحو 17 كم- على أرض تبلغ مساحتها 108 آلاف هكتار، نفذت من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بالتعاون مع وزارة الزراعة.
وبدأ العمل بالمرحلة الأولى للمشروع في فبراير عام 1996 وانتهى في فبراير عام 2000، تلاه تنفيذ المرحلة الثانية بدءا من شهر مارس 2000 وانتهاء في شهر يناير 2003.
وضم المشروع ثلاث جمعيات فلاحية، تشمل 426 أسرة يبلغ عدد أفرادها 3050 شخصا يعملون في تربية الأغنام ويملكون 95 ألف رأس من الغنم، واحتفل رسميا تحت رعاية السيدة أسماء الأسد بتدشين مشروع المحمية.
وتعتبر عملية التوعية البيئية لأبناء البادية إحدى الأولويات لحماية المراعي والنباتات، وكذلك عملية المشاركة الواسعة لهم، والتي يجب أن تتواصل حفاظا على المراعي وأكبر نسبة ممكنة من الموارد الطبيعية، وكذلك للحفاظ على الحيوانات البرية الموجودة فيها.
ويهدف المشروع أيضا إلى رفع المستوى المعيشي للمجتمعات المحلية، من خلال التوظيف المباشر ورفع مستوى المهارات، وخلق مصادر جديدة للدخل.
نفذت أنشطة المشروع عبر 3 محاور هي: تحسين المراعي وحماية الأحياء البرية والتنوع الحيوي، وإشراك المجتمعات المحلية في نشاطات التنمية، ورفع مستواها المعيشي.
وتم إنشاء مواقع لانطلاق الحيوانات البرية، مساحتها 14 كم مربع، جهزت بالمظلات ومناهل المياه. وفي عام 1996 تم إدخال 30 غزالا من الريم الصحراوي، و8 رؤوس من المها العربي التي نجحت بالتوالد.
وجرى تحديد 257 نوعا من الطيور و22 نوعا من الثدييات و21 نوعا من الزواحف، ونوع واحد من البرمائيات، وعدد كبير من الحشرات، وتم أيضا اكتشاف طائر النوق (أبومنجل)، وكان من المعتقد أن هذا الطائر قد انقرض من سورية، منذ الثمانينيات، ولم يتبق منه سوى مجموعتين في شمال غرب المغرب، ويبلغ عددها 220 فردا وتم تناقل أخبار هذا الاكتشاف على الإنترنت على المستوى العالمي.
وفي أبريل من عام 2002، تمكن فريق وطني صغير بإشراف الخبير الإيطالي جان لوكا سيرا، وبمساعدة أهالي المنطقة، من رصد وتوثيق اكتشاف مستعمرة، مكونة من 3 أزواج تحضن البيض وطائر مفرد من نوع أبومنجل الأصلع الشمالي، وذلك على جروف الجبل الأبيض، على بعد 10 كيلومترات من بحيرة وادي أبيض شمال مدينة تدمر.
كان هذا الاكتشاف مذهلا بكل المعايير، حتى أن منظمة «حياة الطيور» وصفته بأنه أهم كشف يتعلق بالطيور في الشرق الأوسط منذ 40 عاما.
ويوجد ما يقارب 30 نوعا من الطيور تحمل تسمية أبومنجل (نظرا لشكل المنقار الذي يشبه المنجل) ومعظمها يواجه تهديدا بالانقراض أما أكثرها تهديدا فهما نوعان:
أبومنجل الأبيض الكتفين، ويقدر عدد أفراده في العالم بأقل من 250 طائرا، ويتواجد في عدد من دول جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى أبومنجل الأصلع الشمالي، ويقدر عدد أفراده بحدود 227 طائرا، ويتواجد في الأسر، في المغرب وتركيا، وكمجموعة صغيرة مهاجرة تعشش في سورية.
وكان الطائر معروفا لقدماء المصريين إلى جانب قريبه الوثيق الصلة أبومنجل المقدس ذو اللون الأبيض. وقد اكتشفت لطائر أبي منجل الأصلع الشمالي تماثيل في قبور الفراعنة، تعود إلى 3 آلاف عام قبل الميلاد. كما جرى تحنيطه وتمثيله كأحد النقوش الهيروغليفية.
لقد أدى إنشاء السدود، والتوجه نحو الزراعات المكثفة، من خلال الاعتماد على المبيدات الكيميائية، إلى تخريب مواطن طائر أبي منجل، والإخلال بوسطه الحيوي، ومن ثم القضاء عليه، نتيجة لسموم المبيدات التي احتواها غذاؤه من الحشرات، والزواحف الصغيرة.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )