خفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جورج بوش في التوصل الى اتفاق بشأن منظومة الدرع الصاروخية التي تنوي الولايات المتحدة نشرها في أوروبا، بعد المحادثات الثنائية التي عقداها في آخر قمة بينهما أمس.
وذكرت وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي) أن الزعيمين فشلا في تجاوز خلافاتهما بشأن القواعد الصاروخية، وأعلنا استمرار الخلافات بشأن مسألة الأسلحة الاستراتيجية ويبدو ان الرئيسين تركا هذا الخلاف الشائك لخلفيهما حيث يسلم بوتين الحكم لخلفه ميدفيديف الشهر المقبل، في حين لم يعرف بعد من سيتسلم المكتب البيضاوي من بوش بعد عدة أشهر.
وفي مؤتمر صحافي أعقب محادثاتهما في سوتشي امس، لفت بوتين الذي تنتهي ولايته الشهر المقبل الى ان «موقفنا من خطة الولايات المتحدة بنشر قواعد دفاع صاروخية لم يتغير». لكنه وصف المقترحات التي قدمتها واشنطن لطمأنة موسكو وتهدئة قلقها بأنها ستكون «مهمة ومفيدة في حال تطبيقها». واشار الى انه من حيث المبدأ توصلت المحادثات المشتركة الى مواقف جيدة لحل هذه القضية الا أن الامر متروك الان للخبراء ليدرسوا تفاصيل الموضوع الفنية.
وكذلك أشار بوتين الى أنه لا تزال هناك خلافات بشأن مسألة الأسلحة الاستراتيجية قائلا «هناك اختلاف في كيفية مقاربة الموضوع».
وذكر ان المحادثات كانت ايجابية عموما، لافتا الى أن اللقاء كان موجها الى اجراء حوار صريح بشأن، قضايا الاستقرار الاستراتيجي والأمن الدولي.
ورحب الرئيس الروسي بتفهم شركاء موسكو في حلف شمال الأطلنطلي (ناتو) موقف روسيا بشأن توسع الحلف شرقا، لافتا في الوقت نفسه الى أن بيان سوتشي الصادر عن الجانبين يعكس التفاهم القائم بين موسكو وواشنطن.
وأكد بوتين أن موسكو وواشنطن لديهما رغبة مشتركة في انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية بشروط مقبولة بما لا يؤثر على المصالح الاقتصادية الروسية، معربا عن رغبته في الوقت نفسه في مواصلة التعاون التجاري بين البلدين وتوسيع الاستثمار بينهما.
وأضاف الرئيس الروسي قائلا «ان هذا آخر اجتماع له مع الرئيس جورج بوش بصفته الحالية وقد وجدت أنه من الشيق التعامل معه لما يتمتع به من نزاهة وانفتاح نحو العالم».
وقال بوتين انهما استغلا اللقاء «من أجل بحث جميع المواضيع المهمة الملحة وفي مقدمتها القضايا التي تتعلق بالاستقرار الاستراتيجي والأمن الدولي على مدى بعيد».
وأشار الى انه يقيّم ايجابيا نتائج العمل مع نظيره جورج بوش خلال السنوات الثماني الأخيرة على الرغم من الخلافات بصدد بعض المسائل. ونوه بالعلاقات «الصريحة والمفتوحة» التي أقيمت بينهما منذ اللقاء الأول في ليوبليانا في العام 2001.
اختراق مهم
بدوره عبر الرئيس الاميركي عن ارتياحه لحصول «اختراق مهم» في المسألة الشائكة المتعلقة بمنظومة الدرع المضادة للصواريخ في اوروبا.
وقال «انه اختراق مهم. كنت معنيا جدا بهذا الملف واعلم كيف تقدمت الامور». لكنه اقر في الوقت نفسه بأن «لدينا كثيرا من العمل لاقناع الخبراء بأن النظام ليس موجها ضد روسيا».
ووصف بوش نظيره الروسي بالزعيم القوي، لافتا الى أن اللقاء بينهما هو الأخير كرئيسي بلدين.
وقال «لقد التقينا مرارا في السنوات الأخيرة. انني احترمك لكونك زعيما قويا لا يخاف من التعبير عن رأيه بدقة وصراحة»، شاكرا لبوتين العشاء والحفل الموسيقي اللذين أقامهما على شرفه اول من امس.
وكشف بوش، أن الولايات المتحدة وروسيا ترغبان في اقامة درع صاروخية في اوروبا يكون البلدان شريكين فيها.
وأضاف أن واشنطن تدعم أيضا جهود روسيا للانضمام لمنظمة التجارة العالمية. وتابع أنه يفضل التخلي عن بند جاكسون فانيك الذي يعود الى فترة الحرب الباردة ويربط التجارة مع روسيا بحقوق الانسان. وجدد بوش تأكيده على أهمية الدرع الصاروخية لحماية بلاده، مضيفا «لقد استغللت علاقتي مع بوتين في محاولة للتوصل الى شيء تكون روسيا مرتاحة له». وجدد الرئيس الأميركي جورج بوش التأكيد على ان نظام الدفاع الصاروخي ليس هجوميا بل هو لمواجهة اخطار وتهديدات يواجهها الجميع على حد تعبيره. وحول امكانية اقناع المسؤولين في جمهورية التشيك وپولندا فيما يتعلق بنشر نظام الدفاع الصاروخي قال الرئيس الاميركي «ان من المهم لقادة هذين البلدين ان يفهموا ان روسيا ليست عدوا فهي بلد يجب التعاون معه رغم الاختلافات». وأشار بوش الى أنه بحث مع الرئيس الروسي مسألة الملف النووي الايراني، مضيفا أنه أكد أن ايران بإمكانها الحصول على الطاقة النووية السلمية ولكن دون الحاجة الى القيام بتخصيب اليورانيوم.
أطر استراتيجية
من جهة أخرى، وقع الرئيسان اعلانا «بشأن الأطر الاستراتيجية للعلاقات الروسية - الأميركية»، أكدا فيه نية روسيا والولايات المتحدة مواصلة تقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية.
وجاء في الاعلان «لقد أكدنا مجددا على النية في تقليص الطاقات الاستراتيجية الهجومية للطرفين حتى أدنى مستوى ممكن يستجيب لمتطلبات أمنهما القومي والتزاماتهما التحالفية».
اعتبر البيت الأبيض امس ان خليفتي الرئيسين الاميركي جورج بوش والروسي فلاديمير بوتين يمكن ان يتابعا المفاوضات الاميركية - الروسية حول ملف الدرع المضادة للصواريخ.
وقال مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي ستيفان هادلي للصحافيين تعليقا على عدم توصل بوش وبوتين الى حل ملف الدرع المضادة للصواريخ في اوروبا خلال قمة سوتشي «لا اعتقد ان هذا الامر يطرح مشكلة». واضاف في تصريح صحافي مقتضب على متن الطائرة الرئاسية الاميركية «يمكنها ترك هذا الامر لخليفتيهما». وبشأن توسيع حلف شمال الاطلسي الذي يشكل مصدر قلق لروسيا قال هادلي «لا اعتقد ان هذا الامر سمم بأي طريقة من الطرق لقاء سوتشي».
الصفحة في ملف ( pdf )