تصاعد الدخان الابيض وانفرجت الازمة اللبنانية بتوصل الافرقاء الى اتفاق الدوحة الذي اعلنه رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني امس.
وقال الشيخ حمد في الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار اللبناني الذي استمر ستة ايام ان الاتفاق ينص على: ان يتم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا للجمهورية في غضون 24 ساعة مع تشكيل حكومة وحدة وطنية والتوافق على قانون انتخاب يعتمد القضاء كدائرة انتخابية. واوضح ان الاتفاق يتضمن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المقبلة وستتألف من 16 وزيرا للموالاة و11 وزيرا للمعارضة وثلاثة وزراء لرئيس الجمهورية التوافقي مع تعهد جميع الفرقاء عدم الاستقالة او اعاقة عمل الحكومة.
واعلن ان جميع الاطراف «تعهدت عدم العودة الى استخدام السلاح واطلاق حوار حول تعزيز سلطات الدولة». ويشكل اتفاق الدوحة بين الاكثرية والمعارضة منعطفا جديدا في حياة اللبنانيين على صعيد استقرار الاوضاع في بلدهم التي تحمل الكثير من الآلام والجراح ودفعا نحو بناء دولة حقيقية واعادة تركيب السلطة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
وبشر هذا الاتفاق الذي اعلن عنه امس اللبنانيين بعودة الامور الى طبيعتها في بلدهم بعيدا عن اجواء العنف او الاحتكام الى السلاح، لا بل بدا ان جميع الاطراف اللبنانية كانت تواقة الى التوصل الى هذا الاتفاق الذي يعيد الاستقرار والامن الى وطنهم. وفور الاعلان عن الاتفاق، اعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار اللبناني في الدوحة رفع اعتصام المعارضة المستمر منذ نهاية العام 2006 في وسط بيروت.
وقال بري في كلمته خلال الجلسة «هدية لاتفاق الدوحة، اعلن ابتداء من اليوم باسم المعارضة رفع الاعتصام من وسط بيروت».
وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ان قائد الجيش العماد ميشال سليمان سينتخب رئيسا للبلاد هذا الاسبوع ليملأ المنصب الشاغر منذ نوفمبر الماضي. وحين سأله الصحافيون متى سينعقد البرلمان لانتخاب سليمان قال «هذا الاسبوع».زعيم الغالبية ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري اعتبر - بعد التوقيع على الاتفاق - انه «فتح صفحة جديدة رغم الجراح العميقة».
وقال الحريري في تصريح صحافي بعد اعلان الاتفاق «لقد فتح هذا الاتفاق صفحة جديدة يجب ان تبدأ بالمصالحة». وتابع: «الجراح عميقة ونأمل ان تندمل»، في اشارة الى الاحداث التي وقعت في بيروت، وقدم النائب الحريري الشكر لقطر والجامعة العربية للمساعدة في التوصل الى هذا الاتفاق، وقال «ان الجرح عميق لكن لابد من التوصل الى اتفاق يجمعنا في بلد واحد هو لبنان»، كما شكر الحكومة اللبنانية ورئيسها.
عون: «لبنان هو المنتصر»
بدوره اعتبر القطب في المعارضة اللبنانية العماد ميشال عون ان «لبنان هو المنتصر» في اتفاق الدوحة الذي اعلن قبل ظهر امس. واضاف عون في تصريح صحافي «انها مناسبة سعيدة لكل اللبنانيين والمنتصر هو لبنان وجميع الاطراف الذين عملوا على التوصل الى هذا الاتفاق». وتابع عون «هنيئا للبنانيين لم نخيب امالهم كانوا يطالبوننا بالاتفاق وقد حققناه».
وفي تعليق على المناقشات حول تقسيم الدوائر الانتخابية في بيروت قال العماد عون «لقد اخذنا هواجس الطرف الاخر بعين الاعتبار والطرف الآخر اخذ هواجسنا بعين الاعتبار».
السنيورة يشيد
رئيس الحكومة - التي تصفها المعارضة باللاشرعية - فؤاد السنيورة رحب امس باتفاق الدوحة، معتبرا انه يشكل خطوة اساسية على طريق بسط سيادة الدولة على كل اراضيها.
وقال السنيورة في كلمة القاها في المؤتمر الصحافي الذي اعلنت خلاله بنود الاتفاق ان حوار الدوحة «خطوة اساسية مهمة على طريق التعامل فيما بيننا لمعالجة المشكلات، خصوصا بسط سيادة الدولة على كامل اراضيها».
ووصف الاتفاق الذي تم التوصل اليه بعد مفاوضات عسيرة انه «اتفاق استثنائي في مرحلة استثنائية اقتضتها ظروف استثنائية». ورأى ان من اهم النتائج التي يجب استخلاصها نبذ العنف والتمسك باتفاق الطائف للوفاق الوطني (1989) وتصحيح العلاقات مع سورية التي تدعم المعارضة برعاية عربية وصولا الى علاقات اخوية سليمة. وقال «ما جرى امر كبير نستخلص منه دروسا وعبرا، اهمها نبذ العنف والا نحتكم اطلاقا الى السلاح لحل الخلافات السياسية انما نحلها بالحوار بشكل حضاري وديموقراطي». واضاف: «نعود لنتمسك باتفاق الطائف كناظم للعلاقات اللبنانية»، داعيا الى تعزيز العلاقات مع سورية «بناء على المصالح المشتركة»، وقال «نريد ان تسهم الجامعة العربية في تصويبها».ولفت الى البعد العربي للازمة اللبنانية ورفض توطين الفلسطينيين وهي تهمة غالبا ما تلصقها المعارضة بالموالاة، وقال «ما حصل في لبنان اساسه مشكلة عربية اسهمت فيها بشكل كبير مشكلة فلسطين. اللبنانيون متفقون على رفض التوطين لحل قضية فلسطين ومشكلاتنا».
القيادات تعود إلى بيروت
هذا وقد عاد الى بيروت مساء أمس القادة السياسيون اللبنانيون أعضاء مؤتمر الحوار الوطني من فريقي الموالاة والمعارضة على متن طائرة قطرية خاصة قادمين من الدوحة.
وفي مقدمة الشخصيات العائدة رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والعماد ميشال عون والرئيس الاسبق أمين الجميل ورئيس وفد حزب الله النائب محمد رعد.
وقد أقلت الطائرة القطرية أيضا اعضاء الوفود السياسية المرافقة لأعضاء مؤتمر الحوار الوطني والوفود الاعلامية اللبنانية التي تولت تغطية وقائع المؤتمر في الدوحة.
واستقل القياديون اللبنانيون سياراتهم فور نزولهم سلم الطائرة وانطلقت مواكبهم مغادرة مطار بيروت دون ان يدلى أي منهم بأي تصريحات. هذا ووصل في وقت لاحق النائب سعد الحريري الذي يصطحب بطائرته الخاصة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وكان عضو المؤتمر وزير الاشغال العامة محمد الصفدي ، عاد الى بيروت في وقت سابق بطائرته الخاصة.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )