بيروت - عمر حبنجر
مع بدء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة وحلول «لغة الغاردينيا» بين الموالاة والمعارضة محل لغة التشاؤم والتحدي، غلبت الانطباعات المتفائلة على سرعة صدور التشكيلة الحكومية، وقد عزز هذه الانطباعات عزم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى بيروت في الاسبوع الاول من يونيو لتقديم التهاني للرئيس ميشال سليمان، حيث يفترض ان يستقبل بحكومة قائمة وليست قيد التشكيل.
واستهل السنيورة استشاراته بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم مع الرئيس السابق للمجلس حسين الحسيني، الذي لم يدل بأي تصريح.
ثم التقى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي طرح اربع ملاحظات قال انه تحدث فيها مع الرئيس السنيورة وهي أولا حكومة تنقل لبنان من الاشتباك السياسي الى الحوار السياسي، ثانيا حكومة تعبر عن التوجهات الرئيسية لخطاب القسم وتعمل على ترجمته من خلال البيان الوزاري وثالثا حكومة تعمل على تفعيل المؤسسات الدستورية ولا تتحول وسيلة لتعطيل الشأن العام ورابعا حكومة تهيئ الظروف السياسية والامنية لاجراء انتخابات نيابية لا يجوز ان تجري تحت ضغط السلاح.
وقال ان هناك اختبارا جديا اليوم للنوايا واذا كانت الاقلية تنوي فعلا فتح الباب امام المصالحة او اقصاء المصالحة وابقائها رهينة للابتزاز.
كما التقى السنيورة النائب غسان تويني.
الرئيس السنيورة لم يتحدث عن صعوبات حتى الآن، فالموالاة بيده والمعارضة المهتمة بازالة شوائب الاحداث التي خلفتها في بيروت والجبل، تظهر كل نية طيبة لتعجيل التشكيل، خصوصا انه لا خلاف على الحصص او الحقائب تقريبا، وما يجري التداول بشأنه يتعلق اكثر بالاسماء، اذ هناك اسماء تطرحها المعارضة وترفضها الموالاة والعكس بالعكس.
العقدة المنتظرة يمكن ان تظهر مع الوصول الى البيان الوزاري وما سيتضمنه حول سلاح حزب الله والمقاومة، وهذا ما يوحي لبعض اقطاب الموالاة وعلى رأسهم وليد جنبلاط بأن الصورة ليست بالنقاء الظاهر.
وقد برزت في الساعات الاخيرة مشكلة توزير بالنسبة للجانب الاسلامي، حيث تقول مصادر امل انها تطرح مع حزب الله ان تأخذ اربعة من وزراء الطائفة الشيعية الستة مقابل تسمية وزير سني ووزير درزي، على ان يسمي تيار المستقبل وزيرا شيعيا وآخر يسميه النائب وليد جنبلاط، فيما طرحت بعض المواقف التي وضعت في خانة التصعيد كتسمية النائب السابق ناصر قنديل والوزير السابق وئام وهاب، فإن مصادر في الموالاة قالت ان من حق المعارضة تسمية من تشاء مادام انه تحت سقف الاتفاق، معتبرة ان هذه الطروحات تأتي كرد على تسمية الرئيس السنيورة لتشكيل الحكومة دون رضا المعارضة، لكن المشكلة تبقى في الحقائب التي تطلبها المعارضة، فإن الموالاة لن ترضى بما يتردد عن طرح وهاب لتسلم حقيبة المهجرين، لكنها لا تعارض توزيره مع حقيبة دولة، حيث انه سيكون في الحكومة 6 وزراء دولة من دون حقائب، ستكون واحدة منها لرئيس الجمهورية واثنتان للمعارضة وثلاث للموالاة، وبذلك تكون حصة الموالاة من عدد الحقائب النصف زائد واحد، وحصة المعارضة الثلث زائد واحد تماما كما التوزيع في عدد الوزراء.
حقائب سيادية
وثمة من يقول ان المعارضة تطالب بحقيبتين من الحقائب السيادية الاربع، ومع حسم امر وزارة الداخلية لرئيس الجمهورية فإنه لن يبقى للموالاة سوى حقيبة واحدة، وتقول مصادر في الموالاة انها تقبل بذلك اذا تم التعويض في حقائب خدماتية وحساسة كوزارة الاتصالات.
ومن شبه الثابت ان حركة امل وحزب الله يريدان 5 من وزراء الشيعة على ان تسمي الموالاة الوزير السادس مقابل تسمية المعارضة وزيرا من السنة.
وهناك امر آخر، فإن حركة امل تريد المطالبة باستعادة وزير المالية، كما العرف بعد اتفاق الطائف، من منطلق اعطاء الطائفة الشيعية حق التوقيع على المراسيم الى جانب رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني.
وتقول مصادر نيابية ان هناك تأكيدا من قبل كل من المعارضة والموالاة على تسهيل عمل الحكومة وتشكيلها من منطلق انها الاولى لهذا العهد وافشالها او تعثرها سيعطل مسيرة الحل، وثانيا لا احد يريد تحمل تبعة تعطيل قرار عربي برعاية دولية.
الخليل: اسماء تجول بالخواطر
بدوره، ابلغ عضو كتلة التحرير والتنمية انور الخليل اذاعة «النور» ان الكتلة لن تحسم خياراتها بشأن التشكيلة الحكومية، لافتا الى اسماء تجول في الخواطر لأن كل ذلك يتوقف على «الخلطة» النهائية التي على اساسها ستنجز التركيبة الوزارية.
واعتبر الخليل ان الاسماء التي تطرح في الصحف بعضها وارد والبعض الآخر خاضع للتعديل والتبديل، معتبرا ان شد الحبال امر طبيعي في اي مناخ سياسي، وان المسألة ستأخذ بعضا من الوقت.
واستبعد الخليل وجود ارادة خارجية لعرقلة تشكيل الحكومة.
كتلة عون ترحب بالمبادلة
لكن عضو كتلة الاصلاح والتغيير سليم عون توقف عند ما يطرح بشأن التشكيلة الحكومية، معتبرا ان المعارضة تسعى الى التأكيد على ان الخلاف سياسي وليس مذهبيا.
وقال عون ان المبادلة المطروحة بين الموالاة والمعارضة على صعيد الوزراء امر جيد، وان حزب الله حظي بخطوة مهمة عندما قرر ان يعطي من حصته الوزارية وتسمية مرشح سني معارض او درزي معارض من حساب «الكوتا» المخصص له، بهدف اعطاء الطابع السياسي للتنافس.
واضاف: لقد تم الاتفاق في الدوحة على اعطاء وزارة الداخلية لرئيس الجمهورية ليكون على رأسها وزير محايد، اما الوزارات السيادية الاخرى فتكون مناصفة بين الموالاة والمعارضة.
من جانبها، نقلت اذاعة «النور» عن المعارضة ان لا مشكلة لديها بالنسبة الى اختيار اسماء الوزراء، لكن المسألة تتعلق بالموالاة التي تريد ارضاء مسيحيي 14 آذار، وان المعارضة رغم عدم تسميتها السنيورة فهي مصرة على التعاون.
بدوره، لم يستغرب النائب ايلي كيروز (حزب القوات اللبنانية) امتعاض العماد ميشال عون وحزب الله من اعادة تكليف الرئيس فؤاد السنيورة لأن الحلف بينهما قام على اساس فتوى اصدرتها الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ولفت كيروز الى ان الفتوى ركزت على القيمة التكتيكية التي يتسم بها الحلف مع العماد عون بهدف قلب الحكومة اللبنانية والرئيس السنيورة، واضاف: ان العماد عون يجتهد في تصوير اتفاق الدوحة، وكأنه انتصار له اعاد من خلاله الحقوق للمسيحيين، علما ان موقف القوات اللبنانية ومسيحيي 14 آذار كان ومنذ البداية يركز على انتخاب الرئيس الذي يمثل الموقع الاول في الدولة.
الصفحة في ملف ( pdf )