افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي ويستمر ثلاثة أيام وذلك بقصر الصفا في مكة المكرمة وبحضور نحو 400 عالم ومفكر اسلامي، وفي كلمته أمام المؤتمر لفت خادم الحرمين الى التحديات الراهنة التي تواجه الامة الاسلامية من داخلها وخارجها وقال «ما أعظم قدر هذه الأمة، وما أصعب تحدياتها في زمن تداعى الأعداء من أهل الغلو والتطرف من أبنائها وغيرهم على عدل منهجها».
ورحب الملك عبدالله بالمجتمعين قائلا «إنكم تجتمعون اليوم لتقولوا للعالم من حولنا، وباعتزاز أكرمنا الله به، إننا صوت عدل، وقيم إنسانية أخلاقية، وأننا صوت تعايش وحوار عاقل وعادل، صوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن» وحذر من الذين تداعوا بعدوانية سافرة، استهدفت سماحة الإسلام وعدله وغاياته السامية.
ولهذا جاءت دعوة أخيكم لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل، وضيق الأفق، ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة دون عداوة واستعداء (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
واضاف سيبقى الإسلام منيعا بالله - جل جلاله - ثم بوعي علمائه ومفكريه وأبنائه، فعظمة الإسلام أسست لمفاهيم الحوار، وحددت معالم الطريق له، يتجلى ذلك في قوله تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
وقال خادم الحرمين سيكون الطريق للآخر من خلال القيم المشتركة التي دعت إليها الرسالات الإلهية، والتي أنزلت من الرب - عز وجل - لما فيه خير الإنسان والحفاظ على كرامته، وتعزيز قيم الأخلاق، والتعاملات التي لا تستقيم والخداع، تلك القيم التي تنبذ الخيانة، وتنفر من الجريمة، وتحارب الإرهاب، وتحتقر الكذب وتؤسس لمكارم الأخلاق والصدق والأمانة والعدل، وتعزز مفاهيم وقيم الأسرة وتماسكها وأخلاقياتها التي جار عليها هذا العصر وتفككت روابطها، وابتعد الإنسان فيه عن ربه وتعاليم دينه.
وختم خادم الحرمين كلمته «من جوار بيت الله الحرام بدأنا، ومنه - بإذن الله - سننطلق في حوارنا مع الآخر بثقة نستمدها من إيماننا بالله ثم بعلم نأخذه من سماحة ديننا، وسنجادل بالتي هي أحسن، فما اتفقنا عليه أنزلناه مكانه الكريم في نفوسنا، وما اختلفنا حوله نحيله إلى قوله سبحانه تعالى (لكم دينكم ولي دين).
بعد ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة أكد فيها أنه مما يسر المسلم اجتماع فئة من اخوتنا في الله تربطهم بنا رابطة الدين والعقيدة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز واضاف هذا الاجتماع أهميته في تدارس هؤلاء النخبة من علماء المسلمين ومفكريهم من أقطار العالم الإسلامي وغيره ليجتمعوا للتفاهم حول موضوع يهم حياتهم ألا وهو الحوار.
وقال آل الشيخ إن الحوار بين البشر من ضروريات الحياة فهو وسيلة للتعارف والتعايش وتبادل المصالح بين الامة وإن الخلاف بين الناس أمر موجود في طبائعهم وأخلاقهم وهم متفاوتون في ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم وعقولهم سنة كونية وإن اختلاف الناس في آرائهم ومعتقداتهم قضية أقرها القرآن.
وبين أن الله تعالى بعث محمدا ژ برسالته الى كافة جميع الخلق وختم به الأنبياء والرسالات بعقيدة تدعو إلى إخلاص الدين لله وتوحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وهي عقيدة جميع المرسلين.
وأكد أن أصول شرائع الأنبياء واحدة أوحى الله بها إليهم ودعا سابقهم لاحقهم إليها والأنبياء دينهم واحد.
وأوضح أن أهمية الحوار في الإسلام تنبع من خلال تقييم الإسلام لهذا الحوار ودعوته إليه للنهوض بالشعوب والأمم، لاسيما في الدعوة إلى الله وان الحوار طبيعة البشر.
وكان خادم الحرمين استقبل الرئيس الايراني السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني في مكة المكرمة قبل مؤتمر الحوار الاسلامي بهدف التشاور حول مبادرة عقد مؤتمر للحوار بين الاديان.
ويهدف المؤتمر الى التشاور بين المسلمين حول مؤتمر الحوار بين الاديان السماوية الثلاثة الذي اقترح خادم الحرمين عقده.
ويرأس رفسنجاني مجمع تشخيص مصلحة النظام، اعلى هيئة تحكيمية في ايران، ويرأس ايضا مجلس الخبراء المكلف باختيار مرشد الثورة في الجمهورية الاسلامية ومراقبة عمله، ويعد رفسنجاني محافظا براغماتيا.
الصفحة في ملف ( pdf )