واشنطن - أحمد عبدالله
«استطيع الليلة ان اعلن انني مرشح الحزب الديموقراطي لانتخاب رئيس الولايات المتحدة»، بتلك العبارة بدأ باراك اوباما خطابه في العاشرة والربع من مساء امس الاول بتوقيت ولاية مينيسوتا، منهيا واحدة من اكثر المباريات التمهيدية في تاريخ السباق الرئاسي الاميركي ضراوة وحدة.
ونقلت شبكة «سي.إن.إن» عن أوباما في خطابه بعد إعلان نتائج ولايتي داكوتا الجنوبية ومونتانا، والتي تقاسمها مع هيلاري قوله «الليلة نحن نحدد نهاية رحلة تاريخية واحدة مع بداية أخرى، رحلة ستجلب يوما جديدا وأفضل لأميركا».
واشاد أوباما بمنافسته الديموقراطية قائلا «السيناتور هيلاري كلينتون صنعت التاريخ في هذه الحملة «الانتخابية» ليس فقط لأنها إمرأة استطاعت القيام بما لم تقم به أي امرأة من قبل، لكن لكونها قائدة تلهم ملايين الأميركيين بقوتها وشجاعتها والتزامها بالأسباب التي أوصلتنا إلى هنا الليلة».
من جانبها هنأت كلينتون، في خطاب ألقته في نيويورك قبيل كلمة أوباما، منافسها الديموقراطي على الحملة الانتخابية التي خاضها، لكنها لم تشر إلى اتجاهها للإقرار بالهزيمة أو خوض الانتخابات مع أوباما في نوفمبر المقبل كنائب للرئيس.
وأضافت: «السؤال الآن هو أين نذهب من هنا، وذلك نظرا إلى البعد الذي قطعناه وتوجهاتنا كحزب، إنه سؤال لا أستخف به»، وأردفت «كانت هذه حملة طويلة، ولن أقوم باتخاذ أي قرارات الليلة».
وأوضحت كلينتون أنها ستلتقي مناصريها وقادة الحزب في الأيام المقبلة من أجل تحديد خطواتها المقبلة.
وطلبت من مناصريها زيارة موقعها الإلكتروني و«تشاركوني أفكاركم وتساعدوني بأي طريقة تستطيعون».
وفي سياق متصل، قال باراك اوباما ان ايران تمثل خطرا شديدا في الشرق الأوسط وتعهد بمنعها من الحصول على سلاح نووي، وقال: «سأفعل كل شيء بوسعي لمنع ايران من الحصول على سلاح نووي.. كل شيء».
وأكد في خطاب ألقاه امام الاجتماع السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «إيباك» اقوى منظمة مؤيدة لاسرائيل في الولايات المتحدة على ان القدس يجب ان تبقى عاصمة «موحدة» لاسرائيل.
وبفوز اوباما دخلت حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية مرحلة جديدة، حيث يتواجه مرشحان يختلفان على جميع المواضيع، هما اول مرشح اسود للرئاسة الاميركية باراك أوباما (46 عاما) واكبر المرشحين سنا جون ماكين (71 عاما).
وأيا كان الفائز في نهاية المطاف، فستكون هذه اول مرة ينتخب فيها سيناتور في سدة الرئاسة الاميركية منذ فوز جون كينيدي في 1960.
الأكبر والأسود
بالمقابل، خصص أوباما القسم الأكبر من خطابه لتوجيه انتقادات لاذعة نحو منافسه الجمهوري، جون ماكين، معلنا فتح المعركة الرئاسية بين الديمقراطيين والجمهوريين على مصراعيها قائلا: «أرحب بماكين وأقدر إنجازاته، وإن رفض الاعتراف بانجازاتي، خلافي معه ليس شخصيا بل سياسيا لأن وقوفه مع بوش في 98% من المناسبات أمام الكونغرس ونيته المحافظة على سياسته الاقتصادية والاجتماعية وخطته حيال العراق لأربعة أعوام مقبلة ليس تغييرا».
وأضاف: «لن أقف هنا وأقول أن هناك الكثير من الخيارات في العراق، لكنني أقول انني لن أقبل بقاء القوات الأميركية فيه لمائة عام،رغم تشتت الجيش وتجاهلنا للمخاطر الأمنية الأخرى وعزل الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية، يجب أن نخرج من العراق بحرص شديد كما دخلنا بطيش شديد».
وحدد أوباما معالم سياسته الخارجية بالقول: «يجب مواصلة مطاردة قادة القاعدة بأفغانستان ومواجهة المخاطر العالمية المقبلة من أمراض ومسائل طاقة، وجعل قادة الديكتاتورية حول العالم يعرفون موقفنا».
وقال السيناتور الديموقراطي: «ماكين تفاخر بزيارة العراق، ولكن حبذا لو زار المدن الأميركية لرأى وفهم ما يحدث من مصاعب اقتصادية».
ونفى أوباما أن تكون الانتخابات قد تسببت بانقسام في الحزب الديمقراطي، قائلا إن التنافس الديمقراطي أقنع كل الأميركيين بأن الأمر «لا يقتصر على تغيير الحزب الحاكم في واشنطن، بل تغيير واشنطن نفسها»، مشيرا إلى أصوات الناخبين السود وأصحاب الأصول اللاتينية القياسية خلال الفترة الماضية.
في غضون ذلك ألقى المرشح الجمهوري جون ماكين خطابا هاجم فيه باراك اوباما ونفى ان تكون سياساته نسخة من سياسات جورج بوش.
وقال ماكين «لم يعرفني الاميركيون منذ الامس على عكس بدء معرفتهم للسيناتور اوباما الآن فقط».
وقال ماكين انه اختلف مع ادارة الرئيس بوش في امور كثيرة منها الطريقة التي اديرت بها حرب العراق وبطء التدخل لمساعدة سكان نيواورلينز عند وقوع كارثة اعصار كاترينا.
وشن ماكين هجوما حادا على أوباما، متهما إياه بأنه يجسد ما سماه «التغيير السيئ التراجع»، في إشارة إلى حملة أوباما التي تحمل شعار «التغيير».
حقبة عاصفة
في الجهة الديموقراطية المقابلة، يبدو أن حقبة سياسية عاصفة على وشك الانتهاء مع توقف آلة «بيل وهيلاري كلينتون» السياسية أخيرا.
فأوباما، بفوزه التاريخي بالترشيح الديمقراطي، يعني انه للمرة الاولى في اكثر من 16 عاما، قد لا يكون اي من الزوجين كلينتون مرشحا للرئاسة او جالسا في المكتب البيضاوي او يخطط لحملة رئاسية.
وبالرغم من التقلبات التي عرفها الزوجان (كلينتون 61 وهيلاري 60) عاما في علاقتهما، الا انهما اثبتا رغم الاخطاء التي كلفتهما ربما النصر، عن قدر من التشبث والصلابة وقدرة على النهوض مجددا والنهم للعمل السياسي، ما يجعل أي مراقب رصين يتردد قبل التنبؤ بانسحابهما من الحياة السياسية.
وظلت هيلاري كلينتون مساء امس الاول وفية لصورتها كامرأة متصلبة فرفضت الاقرار بهزيمتها، وقالت لمؤيديها في نيويورك «لن اتخذ قرارات الليلة»، تاركة الغموض يلف مستقبلها.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )