بيروت - عمر حبنجر
يعكس البطء المؤلم في تشكيل الحكومة اللبنانية الضائقة السياسية القائمة، ويولد المزيد من الارتدادات العنيفة لاحداث السابع من مايو في بيروت والجبل والبقاع، مع الاستنزاف الواضح لقوى الجيش والامن عبر تشتيتها في ملاحقة التوترات بين بيروت والجبل والبقاع.
هذا الوضع الخارق لحصانة اتفاق الدوحة، الذي يعتبر اللجوء الى السلاح في الداخل، خروجا عن مفهوم المقاومة، مرتبط، دون شك باعتبارات خارجية، تتلطى خلف حسابات وزارية أو نيابية، واضحة المعالم.
عرض الاتصالات بدلا من المال
وفي معلومات «للأنباء» ان قيادة 14 اذار عرضت التنازل عن حقيبة «الاتصالات» الى كتلة العماد ميشال عون على امل صرفه النظر عن حقيبة وزارة المال او الدفاع، واعلانه الموافقة على التشكيلة الحكومية التي وضعها الرئيس المكلف فؤاد السنيورة بالتشاور مع الرئيس ميشال سليمان، وباطلاع رئيس المجلس نبيه بري بعد اربعة ايام من تسلمه مرسوم التكليف.
ويعتقد الموالون ان عون يستهدف باصراره هذا مقام رئاسة الجمهورية التي حصرت الحقيبتين السياديتين للمسيحيين وهما الدفاع والداخلية، بخيار الرئيس سليمان، واستشهد هؤلاء على ذلك بقول النائب نبيل نقولا، عضو كتلة عون، ان من ضحى بالرئاسة يحق له حقيبة سيادية.
وردت الموالاة بالقول ان حصة العماد عون من الحقائب الوزارية السيادية هي في ملعب المعارضة، لأنها موزعة مناصفة بين المعارضة والموالاة.
مبادلة المالية بالخارجية!
هنا طرحت اوساط العماد عون مبادلة الوزارتين السيادتين المخصصتين للموالاة والمعارضة، بحيث تأخذ المعارضة وزارة المال، والموالاة في وزارة الخارجية بدلا من ان تحتفظ الموالاة بالمال والمعارضة بالخارجية.
هذا الطرح يبدو منطقيا وعادلا من حيث المبدأ، لكن ثمة محظورين من الناحية العملية، الاول وهو رفض رئيس الحكومة التخلي عن وزارة المال، المرتبطة بها علاقات لبنان المالية الدولية، واقتناعه بأن هدف مثل هذه المطالبة احراج رئيس الحكومة، وعرقلة التشكيل الحكومي، والمحظور الآخر، هو عدم ضمان قبول مفوض المعارضة للحوار الرئيس نبيه بري التخلي عن حقيبة وزارة الخارجية لوزير شيعي من تكتل العماد عون، مما يعني عودة كتلة عون الى حقيبة الدفاع او الداخلية.
بدوره، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري (المستقبل) رد على العماد عون بالقول: ان ما يقوم به انما هو محاولة لتفريغ رئاسة الجمهورية وعرقلة انطلاقتها منذ بداية الطريق، وانه يطالب بحقيبة سيادية من تلك التي اخذها رئيس الجمهورية (الدفاع) وفي أسوأ الامور يحاول ان تتشكل الحكومة من دونه، كي يخوض الانتخابات النيابية على رأس المعارضة.
الى ذلك، اكدت مصادر حكومية ان الرئيس السنيورة تقدم بتشكيلة تراعي النسب التي اقرت في اتفاق الدوحة مع تثبيت رئيس الجمهورية العماد سليمان في موقع المحايد من خلال اعطاء حقيبتين سياديتين للرئاسة الاولى وثالثة وزارة دولة، ووزع الحقائب الاخرى على اساس 8 حقائب للمعارضة واحدة منها سيادية و12 حقيبة للموالاة واحدة منها سيادية ايضا، اما حقائب وزارة الدولة فعددها سبع، ثلاث منها للمعارضة واربع للموالاة، وترك لكل طرف ان يوزع الحقائب على وزرائه في الحكومة، واكد للمعارضة بالذات ان كل الحقائب متاحة للجميع، والمهم ان يكون هناك تماثل في التوزيع.
كل المعارضة وراء عون
من جانبها، اكدت مصادر في المعارضة لجريدة «السفير» ان الموقف من التشكيلة الحكومية مرهون بما اسمته مطالب وحقوق العماد ميشال عون. واضافت: اذا حاولوا احراجه لاخراجه واستفراده فان كل المعارضة لن تشارك في الحكومة.
اما اذا تجاوبوا دخلنا مرحلة جديدة من الشراكة والتأسيس للمصالحة والحوار.
وفي هذا السياق يرى عضو اللقاء النيابي الديموقراطي وائل ابوفاعور، انه في الساعات القليلة الماضية تحركت الامور بشكل اكثر جدية، بعد الاعاقات المنظمة التي حصلت سواء في الوضع الامني المتداعي في اكثر من منطقة، او ببعض العقد المستعصية التي أُخرجت فجأة بوجه الرئيسين ميشال سليمان وفؤاد السنيورة، بمطالبات لا تستوي مع منطق اتفاق الدوحة.
وحول مطالبة العماد عون بحقيبة وزارة المال، قال: من حق العماد عون ان يطالب، لكن هناك اتفاقا واضحا في الدوحة، ان لم يكن بالبنود فبالروحية يتحدث عن توزيع الحقائب السيادية بشكل منصف بين الاكثرية والمعارضة، واذا كانت لديه رغبة في تولي حقيبة سيادية فعليه تولي الحقيبة المخصصة لقوى 8 آذار.
مخاطر مفتعلة
وردا على سؤال حول المخاطر الامنية والتسجيل الصوتي لشاكر العبسي زعيم «فتح الاسلام» وهو يتوعد الجيش، قال ابوفاعور: واجب كل القوى السياسية التي شاركت في اتفاق الدوحة ان تحافظ على روحية اتفاق الدوحة، وان تساعد الامن اللبناني، في مواجهة موجة المخاطر المفتعلة من قبل اطراف تريد ابتزاز العهد الجديد، واخشى ان يكون هناك من يريد ابقاء هذا السيف الامني مسلطا فوق رؤوس اللبنانيين الى حين الانتخابات النيابية في ربيع 2009، وعلى القوى المعنية ان تدرك ان اللبنانيين لم يعودوا يحتملون هذا الامر.
توقع إنجاز الحكومة قبل نهاية الأسبوع
وعن تقديره لموعد صدور التشكيلة الحكومية، كرر ابوفاعور القول: حتى اللحظة لا احد يملك الجواب، انما في الساعات الاخيرة تحركت المسارات بشكل اساسي، وما قيل عن اصرار عون على وزارة المال لم نلمسه في المشاورات مع الجهات المعارضة التي نتواصل معها، هناك تحرك ايجابي على المستوى السياسي، وهناك تحرك امني للجيش وقوى الامن تنفيذا للخطة الامنية بدأ الاثنين، والامل ان تنجز الحكومة قبل نهاية هذا الاسبوع.
الصفحة في ملف ( pdf )