بيروت - عمر حبنجر
لا احد يعرف كيف تجددت المواجهات المسلحة بين المعارضة والموالاة في البقاع الاوسط ليل اول من امس والتي مازالت مرشحة للتجدد رغم الهدنة الغامضة التي فرضها مغاوير الجيش ودبابات لوائه الاول.
وتبعا لغياب الشاهد العدل على كيفية تجدد المواجهات بين ابناء البلدة الواحدة او المنطقة الواحدة، غابت ايضا الدوافع الحقيقية لما جرى، ما اتاح المجال للتوسع في الاستنتاجات، فمن قائل ان قوى المعارضة وبالتحديد حزب الله المرابطة في تلال تعلبايا وسعد نايل اشعلت المواجهة الهامدة منذ اسبوعين، من قبيل الضغط على الموالاة من اجل التجاوب مع الرغبات الوزارية للمعارضة، خصوصا بعد فشل اللقاء الذي جرى بين الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون في القصر الجمهوري في التوصل الى صيغة للوزارات السيادية تتيح للعماد عون الحصول على وزارة سيادية لكتلته، الى قائل إن زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس المفاجئة الى بيروت، واختيارها مقر الرئيس نبيه بري في عين التينة لتحدد الموقف الاميركي الذي يعتبر حزب الله منظمة ارهابية؟
في موضوع لقاء سليمان - عون في بعبدا قالت المصادر المطلعة ان الرئيس سليمان اصر بالمقابل على بقاء المر في اليرزة دون شروط اضافية مقترحا على العماد عون ان يتشاور معه باسم وزير الداخلية، وان يتولى هو اي عون، الضغط على الرئيس السنيورة كما يوليه حقائب وزارات اساسية.
مصدر موثوق في التيار الوطني الحر قال ان جواب العماد عون على طرح العماد سليمان كان سلبيا.
وتقول مصادر ان اتصال العماد عون بالرئيس سليمان، والذي مهد لزيارته في بعبدا، ثم بعد اتصال مسؤول قطري بالعماد عون وحثه على الاتصال وتسهيل الامور، عبر المشاركة بالحكومة.
الداخلية والدفاع
المصادر اكدت لـ «الأنباء» ان الرئيس سليمان لن يتنازل عن حقيبتي الداخلية والدفاع الوزاريتين ولن يرضخ لطلبات اي جهة بتنحية الياس المر عن وزارة الدفاع، لئلا يبدأ عهده ضعيفا، فضلا عن ان الياس المر يشكل حالة مطلوبة عربيا ودوليا.
وبالنسبة لزيارة كوندوليزا رايس، يقول نائب عضو في كتلة عون، ان اعضاء الكتلة لم يكونوا على علم بموعد عون في بعبدا، ولا بمجيء رايس الى بيروت، ولاحظ تأثر كتلته بعدم زيارة رايس للعماد عون واكتفائها بلقاء اركان الموالاة.
اما على الأرض فقد اتهم النائب حسين الحاج حسن، عضو كتلة الوفاء للمقاومة «بعض» فريق تيار المستقبل في البقاع الاوسط، برفض المصالحة التي كان يعمل عليها الجيش بين اهالي المنطقة المتورطين بالاحداث الفتنوية.
وقال الحاج حسن انه كان يجري التحضير للمصالحة بالتنسيق مع قيادة الجيش والقيادات الدينية والاجتماعية، امس، لكن فريق تيار المستقبل اعتذر عن عدم الحضور.
وقد رد نائب المستقبل جمال الجراح بالقول: ان تياره اكد على سحب مسلحي حزب الله من المرتفعات وعلى عدم طرح الامور السياسية قبل تشكيل الحكومة، الا ان الفريق الآخر، اصر على موقفه، وقال الجراح: مؤسف، استخدام الموضوع الامني لتحقيق مكاسب سياسية، معتبرا ان هناك طرفا لا يريد للرئيس سليمان الامساك بزمام الامور الامنية.
بدوره النائب علي المقداد، عضو كتلة الوفاء للمقاومة رفض التوغل في الموضوع الامني المحسوم بيد الجيش انما تحدث عن محاولات تسلل منظمة الى الاحياء الداخلية مما اوقع القتلى.
وقال الوزير احمد فتفت ان حزب الله يحاول تشديد الضغط الامني في بعض المناطق عله يحصل على مكاسب سياسية لم يحصل عليها حتى الآن، سواء اكان في تأليف الحكومة او في البيان الوزاري، ولم يستبعد ان يجري الحزب عملية نظيفة في البقاع كما فعل في بيروت.
واضاف فتفت: لقد بات واضحا ان كل العرقلة في تأليف الحكومة من طرف واحد، والا ما معنى الاجتماع الذي عقد في بعبدا الاثنين بناء على تدخل من الرئيس ميشال سليمان، حيث عمل على اقناع العماد ميشال عون بمنطق حكومة الاتحاد الوطني وبالتالي، فإن المعارضة تقوم بعرقلة سياسية وامنية لتشكيل الحكومة وبالتالي لاتفاق الدوحة، وربما تحاول توجيه مجموعة من الرسائل لرئيس الوزراء.
فتفت دعا الدول العربية الى رعاية تنفيذ اتفاق الدوحة، الذي يتعرض لهجمات ضمنية، وقال ان القول ان هذا الموضوع لبناني - لبناني لا يكفي، خصوصا عندما نسمع تصريحات المسؤولين الايرانيين، وما نرى على الساحة السورية - الاسرائيلية ندرك تماما ان هناك امورا اكبر مما يجري على الساحة اللبنانية.
وعن الرسائل التي حملتها رايس الى بيروت قال فتفت ان وزيرة الخارجية الاميركية استغلت فرصة وجودها في المنطقة للمجيء الى لبنان لتهنئة الرئيس سليمان والتأكيد على دعم لبنان.
من جانبه النائب ناصر نصرالله عضو كتلة البقاع الغربي عن حركة امل، شدد على الاسراع بتشكيل الحكومة لقطع الطريق على المصطادين في المياه العكرة ومفتعلي الاشتباكات.
الوضع على الأرض
إلى ذلك، دخلت هدنة نظمتها مخابرات الجيش اللبناني عند السادسة من صباح امس بين طرفي الموالاة والمعارضة في المنطقة، تحت مسؤولية مغاوير الجيش الذين استقدموا من بيروت ليفرضوا الهدوء على الطرق العامة والمحاور الرئيسية في قرى البقاع الاوسط فيما يستمر الوجود المسلح لكلا الطرفين في الاحياء الخلفية، فيما انتشرت دبابات اللواء الاول في الجيش على حدود المناطق المتداخلة بين الطرفين.
وسجل اغلاق للمدارس ونزوح بعض العائلات الى اماكن اكثر امانا، فيما تولى النائب العام لمنطقة زحلة القاضي عبدالله بيطار التحقيق في الملابسات التي افضت الى سقوط ثلاثة قتلى.
وكانت شرارة الاحداث اندلعت اثر مرور سيارة مسلحة على طريق بر الياس واطلاق من فيها النار عشوائيا، ما ادى الى مقتل المدرسة سميرة شكر مظلوم اثناء وجودها على شرفة منزلها، وقتل حسن علي ؟الطقش وجرح ابنه اثناء مروره بالسيارة وشخص ثالث من آل غازي، فضلا عن اربعة جرحى.
«حزب الله» و«أمل»
الى ذلك، اصدرت قيادتا حركة امل وحزب الله بيانا حول احداث سعد نايل وتعلبايا واعتبرتا ان الهدف مما حصل وقف جهود المصالحة والوئام بين المواطنين في هذه المنطقة الحساسة.
وشددت القيادتان على ضرورة الرد على ما وصفته بالفتنة بإكمال المساعي واتمام المعالجات، وحملتا على اعلام المستقبل الذي كشف ان التيار هو البادئ بتغطية الجريمة من خلال اظهارها بمظهر اشتباك بين امل وحزب الله والجيش.
بدوره، شبه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالامير قبلان زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى لبنان والمنطقة، بتسلل ملك الجن الى بلادنا، ليبث تعاليمه على انصاره واعوانه.
واستنكر قبلان الاقتتال بين الاخوة في البقاع مطالبا بنزع سلاح المتقاتلين وعدم التساهل بمعاقبة المعتدين.
الصفحة في ملف ( pdf )