بيروت
عمر حبنجر - داود رمال
امضت طرابلس ليلا هادئا على وقع انتشار الجيش وقوى الامن الداخلي في مناطق التوتر وانكفاء المسلحين من الطرفين، وهذا ما جعل الرئيس ميشال سليمان يجري اتصالا هاتفيا بقائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري، ثم باللواء اشرف ريفي المدير العام لقوى الامن الداخلي، مستطلعا الاجراءات المعتمدة ومشددا على ضرورة تثبيت الاستقرار في عاصمة الشمال وتجاوبا مع رغبة الاهالي بردع المخلين بالامن، مؤكدا على اهمية التنسيق بين الجيش وقوى الامن.
وعادت الحركة طبيعية الى اسواق المدينة واحيائها خصوصا في باب التبانة وسوق الخضار وجبل محسن والملولة، وشوهد مواطنون يتفقدون املاكهم الخاصة وسياراتهم التي مرت عليها العاصفة العنيفة، فيما منع الجيش دخول الاهالي الى المناطق التي كانت تشكل خطوط تماس تمهيدا لتنظيفها مما قد يكون فيها من قذائف والغام.
وسجلت اضرار كبيرة في حي «البقار» الذي احترق فيه الكثير من المتاجر والمنازل، كما ترك بعض المسلحين عبارات حادة على جدران المباني تعكس وجهات نظرهم ما تطلب من بلدية طرابلس معالجتها بسرعة، فضلا عن مطالبات من جانب الاهالي بالتعويض، خصوصا ممن خسروا منازلهم بالكامل.
اجواء الهدوء في طرابلس عززتها اجواء الوئام والمحبة التي سادت القمة الروحية في القصر الجمهوري التي انعقدت على مدى ساعة من الوقت، وكان البارز فيها مسارعة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالامير قبلان الى عناق بعضهما وتبادل القبل في مشهد مؤثر، الامر الذي علق عليه امين عام لجنة الحوار الاسلامي - المسيحي محمد السماك بالقول: الشيخ قبلان لمن لا يعرفه انه كتلة من المحبة والتسامح وقلبه قلب طفل، وكذلك المفتي قباني.
وخرج الشيخان قباني وقبلان من قاعة الاجتماع يدا بيد ثم انضم اليهما البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير وتوجهوا معا الى قاعة 25 مايو حيث اقيمت مأدبة الغداء على شرف رئيس مجمع دعاوى القديسين في الڤاتيكان الكاردينال خوسيه ساراييفا مارتينيس.
وتولى الامينان العامان للجنة الحوار الاسلامي - المسيحي محمد السماك وحارث شهاب اذاعة البيان الختامي.
بدوره اكد الرئيس ميشال سليمان في كلمة الافتتاح ان الجميع يشعر بوقع الاخطار المحدقة بلبنان، وخصوصا بعد اشهر طويلة ومريرة من الشحن الطائفي على كل المستويات، في الشارع كما في السياسة، في الاعلام كما في باحات الجامعات، وما يقلقنا حقا، ليس فقط النتائج المباشرة لهذا الشحن، والتي تترجم على الارض عنفا وتنابذا ومخاوف متنقلة، بل ابعد من ذلك، وقلقنا ان يتراجع دور لبنان في محيطه والعالم، وان تشوه رسالته وتصبح تاليا علة وجوده الاساسية عرضة للخطر الشديد.
وتابع: رسالتكم قوية جدا اليوم ايها الاخوة، فبلقائكم وانتم رجال دين من طوائف مختلفة، تحت سقف سياسي، تقولون للبنانيين والعالم، ان وطننا مبني على القيم والاخلاق وسيادة السلام والمحبة وان الساسة فيه يجب ان يكونوا ابناء هذه القيم، ورسل السلام والعيش المشترك، الذي شهدناه بالامس في ساحة الشهداء، مع تطويب الاب يعقوب الحداد الكبوشي نموذجا مشرفا له.
واضاف سليمان «لا يجدر بنا اليوم ان نتعامى عن الدرك الذي وصل اليه لبنان، في السياسة، والاقتصاد، والامن، والاهم القلق على الوجود والمستقبل، علينا على الاقل ان نبدأ بتحديد نقطة البداية للانطلاق نحو معالجة المشاكل وتضميد الجروح والتعافي، مؤكدا ان خلافات اللبنانيين اليوم وصلت الى حد الانتحار، فالخلاف على هذه الارض لا يحله الا الحوار والنقاش بقلب مفتوح ونوايا صادقة، داعيا للعمل منذ اللحظة على ابعاد ما هو داهم من الخلافات والصراعات على الارض في لبنان، لمنع انعكاسها خلافات مذهبية وطائفية لا تخدم الا مصلحة العدو الاسرائيلي، ثم الانطلاق بعدها الى البحث في مختلف الملفات الخلافية وسبل دفع البلاد في مسيرة النهوض والاصلاح والرقي.
وختم سليمان: «لعل التعبير الاقوى عن هذه الرغبة يكون من خلال الاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة على نحو يعكس ارادة اللبنانيين وتطلعاتهم الى غد افضل، ويعبر ايضا عن ارتقاء القيادات السياسية الى مستوى المسؤولية الوطنية الحقيقية تجاه بلدهم وشعبهم، حتى لو تطلب ذلك تقديم تضحيات وتنازلات، مهما غلت، فانها ترخص امام مصلحة الوطن الذي يواجه ظروفا بالغة الدقة تفرض وقفة ضمير ومبادرات شجاعة قبل فوات الاوان.
وبعد انتهاء اعمال المؤتمر وصل الرئيسان نبيه بري وفؤاد السنيورة وتوجها الى قاعة 22 نوفمبر وعقدا لقاءات جانبية ابرزها بين بري وصفير وبري وقباني والسنيورة وصفير والسنيورة وقبلان.
بعدها صافح الرئيس سليمان وعقيلته المدعوين الى الغداء وتوجهوا جميعا الى مأدبة الغداء.
الصفحة في ملف ( pdf )