رعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بحضور الملك الاسباني خوان كارلوس ملك مملكة إسبانيا، افتتاح أعمال المؤتمر العالمي للحوار الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي على مدى 3 أيام وتستضيفه مملكة إسبانيا في العاصمة مدريد.
ويشارك في المؤتمر المعنيون بالحوار من مختلف أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات المعتبرة، وذلك استجابة لدعوة خادم الحرمين للحوار.
وفي كلمته الافتتاحية دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز أمس الى «حوار بناء» بين الاديان والى فتح صفحة جديدة يحل فيها الوئام بإذن الله محل الصراع.
وشدد امام مجموعة من المسؤولين الدينيين على القواسم المشتركة بين الاديان السماوية الكبرى.
ديـن الاعتدال
واضاف: جئتكم من مهوى قلوب المسلمين، من بلاد الحرمين الشريفين حاملا معي رسالة من الأمة الإسلامية، ممثلة في علمائها ومفكريها الذين اجتمعوا مؤخرا في رحاب بيت الله الحرام، رسالة تعلن أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية والتسامح، رسالة تدعو إلى الحوار البناء بين أتباع الأديان، رسالة تبشر الإنسانية بفتح صفحة جديدة يحل فيها الوئام بإذن الله محل الصراع.
وتابع إننا جميعا نؤمن برب واحد، بعث الرسل لخير البشرية في الدنيا والآخرة واقتضت حكمته سبحانه أن يختلف الناس في أديانهم، ولو شاء لجمع البشر على دين واحد، ونحن نجتمع اليوم لنؤكد أن الأديان التي أرادها الله لإسعاد البشر يجب أن تكون وسيلة لسعادتهم.
وأكد خادم الحرمين أن المآسي التي شهدتها الانسانية لم تكن بسبب الاديان وإنما بسبب التطرف لدى بعض اتباع الديانات والعقائد السياسية، واوضح «علينا أن نعلن للعالم أن الاختلاف لا ينبغي أن يؤدي إلى النزاع والصراع، ونقول إن المآسي التي مرت في تاريخ البشر لم تكن بسبب الأديان، ولكن بسبب التطرف الذي ابتلي به بعض أتباع كل دين سماوي، وكل عقيدة سياسية».
الفراغ الروحي
وقال خادم الحرمين إن البشرية اليوم تعاني من ضياع القيم والتباس المفاهيم، وتمر بفترة حرجة تشهد بالرغم من كل التقدم العلمي تفشي الجرائم، وتنامي الإرهاب وتفكك الأسر، وانتهاك المخدرات لعقول الشباب، واستغلال الأقوياء للفقراء، والنزعات العنصرية البغيضة، وهذه كلها نتائج للفراغ الروحي الذي يعاني منه الناس بعد أن نسوا الله فأنساهم أنفسهم، ولا مخرج لنا إلا بالالتقاء على كلمة سواء، عبر الحوار بين الأديان والحضارات.
واشار الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى ان فشل معظم الحوارات في الماضي كان بسبب تحولها «إلى تراشق يركز على الفوارق ويضخمها، وهذا مجهود عقيم يزيد التوترات ولا يخفف من حدتها، أو لأنها حاولت صهر الأديان والمذاهب بحجة التقريب بينها وهذا بدوره مجهود عقيم فأصحاب كل دين مقتنعون بعقيدتهم ولا يقبلون عنها بديلا».
ودعا الى التوجه «إلى القواسم المشتركة التي تجمع بيننا، وهي الإيمان العميق بالله والمبادئ النبيلة والأخلاق العالية التي تمثل جوهر الديانات» إذا أريد لهذا اللقاء التاريخي أن ينجح.
إن الإنسان قد يكون سببا في تدمير هذا الكوكب بكل ما فيه، وهو قادر أيضا على جعله واحة سلام واطمئنان يتعايش فيه أتباع الأديان والمذاهب والفلسفات، ويتعاون الناس فيه مع بعضهم بعضا باحترام، ويواجهون المشاكل بالحوار لا بالعنف.
ووجه الدعوة للمؤتمرين قائلا: «ليكن حوارنا مناصرة للإيمان في وجه الإلحاد، والفضيلة في مواجهة الرذيلة، والعدالة في مواجهة الظلم، والسلام في مواجهة الصراعات والحروب، والأخوة البشرية في مواجهة العنصرية».
مسيرة السلام
بدوره أشار الملك خوان كارلوس إلى دعم إسبانيا الدائم والمستمر لمسيرة السلام في الشرق الأوسط ولمسيرة الحوار في البحر الأبيض المتوسط.
وأكد أن إسبانيا من الداعمين للتعمق في شؤون السلام والحوار والتعاون على الصعيد الدولي.
وأعرب عن أمله في أن يدعم المؤتمر العالمي للحوار احترام الهويات والمعتقدات والقيم والأخلاق التي تمثل القواسم المشتركة بين الأديان السماوية والثقافات والحضارات المختلفة ويؤدي إلى التفاهم المتبادل والتعايش السلمي بين البشر متمنيا عالما يسوده السلام والعدل والإنصاف ويسمح للأجيال الحاضرة والمستقبلية بأن تنمو في عز وكرامة.
المشاركون
ويشارك نحو 200 شخص في هذه التظاهرة تحت عنوان «المؤتمر العالمي حول الحوار»، بينهم ممثلون للاسلام والمسيحية واليهودية وايضا البوذية.
ومن ابرز المشاركين في الجلسات التي تستمر حتى الجمعة الامين العام للمؤتمر اليهودي العالمي مايكل شنايدر والمسؤول عن الحوار مع الاسلام في الڤاتيكان الكاردينال جان لوي توران.
خطوة مهمة
واعتبر الحاخام داڤيد روزين، رئيس اللجنة اليهودية الدولية للحوار بين الأديان، في تصريح ل «ايلاف»، أن مجرد عقد مؤتمر يجمع بين رجال الدين من الديانات الثلاث هو أمر مهم في حد ذاته وخطوة مهمة على طريق فتح آفاق الحوار والتفاهم بين أتباع الديانات المختلفة.
واعتبر روزين أنه يعتقد أن المؤتمر سيبتعد عن قضايا الصراع السياسي، مثل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، لكنه يأمل أن يمهد هذا المؤتمر في المستقبل إلى لقاء أوسع في المملكة العربية السعودية نفسها.
وقال: إن أحد أهم مميزات المؤتمر كونه يعقد بمبادرة من المملكة العربية السعودية، وأن خادم الحرمين عندما قام بمبادرته هذه، كان استشار بداية كافة علماء الدين، فنحن نعرف الأهمية التي توليها السعودية لرأي الدين، وقد كان العاهل السعودي طرح المبادرة أيضا في سياق مهم هو المؤتمر الإسلامي.