بعد 12 عاما من الفرار سقط جزار البوسنة والهرسك رادوڤان كرادجيتش بيد العدالة، واعلن مكتب الرئاسة الصربية أن قوات الأمن الصربية اعتقلت أمس الاول زعيم صرب البوسنة الهارب رادوڤان كرادجيتش الذي يعتبر أحد أبرز شخصيتين متهمتين بارتكاب جرائم ابادة جماعية أثناء حرب البوسنة وجرائم أخرى.
وقال مكتب الرئيس الصربي بوريس تاديتش في بيان مقتضب إن كارادجيتش (63عاما) اعتقل مساء امس الاول ومثل أمام قاض بمحكمة لجرائم الحرب في بلغراد دون أن يشير إلى مكان احتجاز زعيم صرب البوسنة السابق.
وفور اعلان النبأ اندفع المئات من البوسنيين في شوارع العاصمة سراييڤو حيث اندلعت الحرب الأهلية التي كلفت نحو 200 الف قتيل، والتي قصفتها قوات كرادجيتش بدون رحمة اثناء الحصار الذي استمر 43 شهرا للاحتفال بالقبض على المتهم الاول بالابادة الجماعية في اوروبا.
وصرح حارس سيلايدجيتش رئيس هيئة الرئاسة الثلاثية البوسنية والعضو المسلم بها في سراييڤو بان اعتقال كرادجيتش يمثل يوما عظيما بالنسبة للبوسنة والهرسك.
وقال سيلايدجيتش «يوفر هذا بعض الرضا على الاقل لذوي ضحايا الحرب، ولن تتحقق العدالة بالكامل دون القبض على راتكو ميلاديتش» القائد العسكري إبان مذبحة سربرينتشا عام 1995.
ومن جانبه صرح العضو الكرواتي في الرئاسة البوسنية زيليكو كومسيتش بعد انباء اعتقال كرادجيتش في بلغراد بأن «هذا يوم عظيم بالنسبة للبوسنة والهرسك».
ووصف ميروسلاف لاجكاك الممثل الدولي الأعلى في البوسنة والممثل الخاص للاتحاد الاوروبي في البوسنة والهرسك اعتقال كرادجيتش بأنه «يبرهن على أنه لا أحد بمنأى عن طائلة القانون».
وباعتقال كرادجيتش وتقديمه للعدالة تكون حكومة صربيا الوليدة والموالية للغرب، قد انجزت أحد اهم الشروط لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، في حين لايزال يتعين عليها اعتقال القائد العسكري البوسني الصربي راتكو ميلاديتش المتهم بدوره بارتكاب جرائم حرب ومن بينها مذبحة سربرينتشا وكذلك المشتبه به يوران هادزيتش.
وهو ما رحب به في بروكسل منسق الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا معربا عن ارتياحه «الكبير» لاعتقال كرادجيتش و مضيفا أن حكومة صربيا الجديدة تمثل «صربيا جديدة» ومستوى جديدا من العلاقات مع الاتحاد الاوروبي.
وفي حديث في إطار اجتماع لوزراء خارجية الأوروبي في بروكسل قال المنسق الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد خافيير سولانا: «اليوم أريد أن أهنئ الحكومة الصربية.
إنه يوم طيب بالنسبة لدول البلقان».
وقال إنه يعتقد أن بلغراد تتعاون «تماما» مع المحكمة الدولية لجرائم الحرب.
وأضاف سولانا: «أعتقد أنهم يثبتون أنهم سيتعاونون تماما مع المحكمة الدولية».
ويمثل التعاون التام من جانب بلغراد شرطا مسبقا أساسيا وضعه الاتحاد الأوروبي للتصديق على «اتفاقية الاستقرار والشراكة» مع صربيا.
وفي واشنطن أشارت دانا برينو المتحدثة باسم البيت الأبيض إلى أن كرادجيتش لعب دورا في «حملة وحشية من التطهير العرقي» ضد غير الصرب وكذلك ارتكاب جرائم قتل جماعي ضد مسلمي وكروات البوسنة من العزل.
وأضافت برينو: «ليس هناك من إجلال لأرواح ضحايا فظائع الحرب أكثر من تقديم مرتكبيها للعدالة».
ورحب ريتشارد هولبروك مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق للشؤون الاوروبية الذي قام بدور اساسي في التوصل لاتفاقات دايتون لعام 1995 التي انهت الحرب في البوسنة باعتقال كرادجيتش ووصفه بأنه اسامة بن لادن الاوروبي و«مهندس فعلي وحقيقي للقتل الجماعي».
وجاء القبض على كرادجيتش عشية اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي من المقرر ان يناقش توثيق العلاقات مع صربيا بعد تشكيل حكومة جديدة مؤيدة للغرب يقودها الحزب الديموقراطي بزعامة تاديتش.
وقال رئيس المفوضية الاوروبية خوزيه مانويل باروزو «هذا يثبت تصميم الحكومةالصربية الجديدة على تحقيق التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن يوغوسلافيا السابقة.
وهو بالغ الاهمية ايضا لطموحات صربيا الاوروبية».
وأشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالسلطات الصربية لاتخاذها «خطوة حاسمة نحو انهاء حصانة» الذين وجهت اليهم اتهامات بارتكاب جرائم حرب في حروب البلقان.
وقال في بيان أصدرته الامم المتحدة «هذه لحظة تاريخية للضحايا الذين انتظروا 13 عاما لتقديم السيد كرادجيتش للعدالة».
وفي مشهد مناقض للفرحة التي عمت سراييڤو، اعتقلت الشرطة الصربية عدة أشخاص الليلة قبل الماضية كانوا يحتجون على اعتقال كرادجيتش أمام مبنى محكمة جرائم الحرب في العاصمة حيث يعتبر القوميون والعديد من افراد الشعب الصربي كرادجيتش بطلا قوميا.
وتلقى صرب البوسنة في بالي معقل رادوڤان كرادجيتش بعضب وسخط نبأ الاعتقال واعتبروه ظلما.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )