استبق الرئيس الباكستاني برويز مشرف مساءلة وشيكة كان الائتلاف الحاكم أعلن اعتزامه القيام بها، واعلن استقالته امس في كلمة متلفزة ليحسم الجدل السياسي الدائر في بلاده منهيا تسع سنوات مضطربة من الحكم.
وتعرض مشرف الذي استولى على السلطة في انقلاب ابيض عام 1999، لضغوط هائلة من الائتلاف الحاكم، لتقديم استقالته قبل بدء أول اجراءات مساءلة في تاريخ باكستان منذ استقلالها قبل 61 عاما.
صلاة شكر واحتفالات
وبعد اعلان مشرف استقالته، شهدت مدن باكستانية عدة احتفالات ورقص الناس في الشوارع كما أقام عدد من البرلمانيين والمواطنين الباكستانيين صلاة شكر امام مقر البرلمان بوسط العاصمة اسلام آباد ونظم مواطنون في عدد من المدن، بينها اسلام آباد وكراتشي ولاهور وكويتا وبيشاور احتفالات شعبية ابتهاجا بهذه المناسبة، وقام خصوم مشرف السياسيون بتوزيع الحلوى والمشروبات المثلجة.
من جهة أخرى تجمع مئات النشطاء من حزب الشعب الباكستاني أمام منزل آصف علي زرداي زعيم الحزب للتعبير عن فرحتهم باستقالة الرئيس برويز مشرف.
كما وصفت شيري رحمن وزيرة الإعلام إعلان الرئيس برويز مشرف الاستقالة من منصبه بأنه نصر للديموقراطية ونتيجة لجهود الزعيمة الراحلة بينظير بوتو التي ضحت من أجل الديموقراطية.
كما حطت في القصر الرئاسي الباكستاني مروحيتان عسكريتان، يتوقع ان تنقلا الرئيس مشرف الى الوجهة التى يرغب في الوصول اليها بعد ان قدم استقالته وقال مشرف «بعد دراسة الوضع واستشارة المستشارين القانونيين والحلفاء السياسيين، وبعد نصيحتهــم قررت الاستقالة».
واضاف «اترك مستقبلي في ايدي الشعب».
وخلال الايام الاخيرة ترددت انباء عن مفاوضات تتيح لمشرف الاستقالة دون مواجهة القضاء ولم يتضح على الفور مصير مشرف.
مصلحة الدولة
وجاء اعلان مشرف المفاجئ بالاستقالة في كلمة مطولة قال فيها انه لا يمكن اثبات التهم التي تشملها المساءلة.
واكد انه «لا يمكن اثبات اي تهمة في اطار المساءلة ضدي لانني لم افعل اي شيء مطلقا لمصلحتي الشخصية بل كان كل شيء من اجل مصلحة باكستان».
ودافع مشرف، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، مطولا عن فترة حكمه.
وقال انه ساعد على ارساء القانون والنظام في البلاد، كما ساهم في تحسين وضع حقوق الانسان والديموقراطية، واصبحت باكستان دولة مهمة على الساحة الدولية.
واضاف «على خارطة العالم، اصبحت باكستان الآن دولة مهمة بفضل الله».
واكد انه قاد البلاد على الدوام «بنية حسنة» خصوصا في مواجهة المشاكل الاقتصادية وتهديد التمرد الاسلامي، وقال ان خصومه وجهوا «اتهامات خاطئة» له.
وقال «لقد كانت فلسفتي هي باكستان اولا»، وتابع «لكن لسوء الحظ وجه بعض العناصر الذين يتصرفون بدوافع من المصلحة الخاصة، الي اتهامات خاطئة وضللوا الناس ولم يفكروا في الضرر الذي يمكن ان يحدثه ذلك على البلاد».
الأسباب والنتائج
وتراجعت شعبية مشرف كثيرا العام الماضي عندما حاول اقالة رئيس القضاة الباكستاني وكذلك خلال موجة التفجيرات الانتحارية التي نفذها مقاتلو طالبان وادت الى مقتل اكثر من الف شخص من بينهم رئيسة الوزراء السابقة بوتو.
وتزايدت التكهنات بشأن مصير مشرف ليل امس الاول عندما صرحت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بأن الولايات المتحدة لا تفكر حاليا في منح مشرف اللجوء السياسي.
وقالت «هذه ليست مسألة مطروحة على الطاولة واريد ان اواصل التركيز على ما يجب عمله مع حكومة باكستان الديموقراطية».