بيروت – عمر حبنجر
توزعت الحركة السياسية في لبنان امس على خطين، خط اللقاء التشاوري الاسبوعي بين الرئيس ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي توقع حسم موضوع تعيين قائد الجيش في جلسة مجلس الوزراء اليوم او في الجلسة التالية على ابعد تقدير، وخط زيارة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الى العراق الذي اعلن من هناك الاتفاق مع المسؤولين العراقيين على آليات معينة لترجمة الاتفاقيات قريبا.
واجتمع السنيورة في بغداد امس بنظيره العراقي نوري المالكي وبدأ معه مباحثات ثنائية تهم البلدين.
وبثت القناة الرسمية العراقية مقاطع من مراسم استقبال المالكي لنظيره اللبناني في مطار بغداد الدولي برفقة عدد من المسؤولين والوزراء العراقيين تقدمهم نائب رئيس الوزراء برهم صالح.
وقام السنيورة بتحية نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح ووزير الخارجية هوشيار زيباري كما كان في استقباله وزير المالية باقر الزبيدي والمتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ وبدوره صافح المالكي وفد الوزراء اللبنانيين المرافق للسنيورة بينهم وزير الخارجية فوزي صلوخ ووزير الاعلام طارق متري ووزير الدولة لشؤون التنمية الادارية ابراهيم شمس الدين وعدد اخر من المسؤولين في الحكومة اللبنانية.
وعقد السنيورة مؤتمرا صحافيا مشتركا مع المالكي عقب جولة المحادثات الرسمية اكد خلاله ان «عودة العراق للعرب والعرب للعراق هو هدف اساسي نعمل جميعا لاجله».
من جهته اعلن المالكي عن ترحيب بغداد بالشركات الاستثمارية اللبنانية كما اعلن عن دعم العراق للبنان في المجالين النفطي والاقتصادي.
وقال السنيورة ان زيارته الى بغداد تهدف الى تجذير العلاقات العربية – العربية، والعلاقات العراقية - اللبنانية موضحا انه سيعمل من اجل توطيد التعاون بين جميع الدول العربية لان المنطقة مقبلة على تحديات سياسية واقتصادية كبرى وتحتاج الى المزيد من العمل العربي المشترك وربط المصالح، مؤكدا انه لمس من المالكي رغبة كبيرة للتعاون في هذا المجال.
واضاف السنيورة «ان ما يجمع بين ابناء الشعب الواحد والشعوب العربية هو الكثير الكثير ويجب ان نتخطى اشكالات تولدت بسبب دور المستعمر حينا او بسبب بعض الانظمة والاشخاص حينا آخر او بسبب اسرائيل التي هي محور الاشكالات في المنطقة».
وفي مجال العلاقات الثنائية بين البلدين قال السنيورة انه تم التطرق الى الكثير من المسائل التي تعنى بالترجمة الحقيقية للمصالح المشتركة بين البلدين مضيفا «اننا اتفقنا على آليات معينة لترجمة التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والنفطية والاستثمارات في الحقول وان كل تلك المحاور ستتحول في الاسابيع القادمة الى نشاط حقيقي على ارض الواقع».
وتابع «نحن ذاهبان نحو ورشة عمل لترجمة ما اتفقنا عليه منطلقين من زاوية ايماننا بوجود مصلحة مشتركة بين بلدينا مؤكدا انه لمس استعداد حقيقيا لاعطاء لبنان معاملة تفضيلية في المجالين الاقتصادي والنفطي.
من جانبه قال المالكي «لقد اتفقنا على دور مشترك من اجل تصحيح العلاقات العربية ومن اجل ان تنعم المنطقة بالاستقرار والامن وايجاد فرص اكبر للعلاقات بين دول المنطقة».
وكشف المالكي انه بحث مع السنيورة سبل تعزيز العلاقات الثنائية وكيفية تنميتها في مختلف المجالات.
وقال ان الطرفين بحثا كذلك تقوية العلاقات الاقتصادية بينهما ليكون المستثمر اللبناني شريكا في العراق خلال عمليات الاعمار والبناء والاستفادة من الخبرة اللبنانية في الاعمار واعادة البناء معربا عن ترحيبه بالشركات اللبنانية للمساهمة في عمليات الاستثمار.
واضاف انه بحث مع السنيورة كذلك سبل التعاون في مجال الصناعة النفطية وتزويد لبنان بالنفط العراقي باسعار تفضيلية.
واضاف «ان المباحثات لم تقتصر على الملف النفطي بل شملت تبادل المصالح حزمة واحدة في مجال النفط والاستثمار وغيرها»، مشيرا الى ان المصلحة لا تتوقف على مرفق النفط فقط بل هي عملية تكاملية فلن يكون النفع لاحد على حساب الاخر بل مصلحة مشتركة للبلدين.
وبالعودة الى الملف الداخلي والى جانب التعيينات العسكرية والادارية الذي يشغل مختلف الاوساط، والى جانب اقرار التبادل الديبلوماسي مع سورية اليوم، طرأت مسألة صلاحيات نائب رئيس الوزراء التي يثيرها تكتل الاصلاح والتغيير بقوة، مع تهديد عضو هذه الكتلة النائب نبيل نقولا بتأزيم الوضع في حال عدم الاستجابة.
بري: أهل مكة أدرى بشعابها
من جهة أخرى، وبعد لقائه الاسبوعي مع الرئيس ميشال سليمان، قال الرئيس بري ان الجلسة التشريعية لمجلس النواب ستعقد الثلاثاء المقبل، اي في 26 اغسطس الجاري وعلى جدول اعمالها ثلاثون مشروعا واقتراحا بقانون، مؤكدا ان اقتراح قانون الانتخاب المقدم من النائب امين شري (حزب الله) موجود على جدول الاعمال.
وفي موضوع التعيينات رأى بري ان الموضوع الملح في هذا المجال، قيادة الجيش، مؤكدا وجود تباينات.
نافيا وجود ابعاد اقليمية او غير اقليمية في موضوع التعيينات، مشيرا الى ان اهل مكة ادرى بشعابها، ويقصد الرئيس ميشال سليمان الضليع بشؤون المؤسسة العسكرية.
واشار الى شغور في الادارة والمؤسسات في 48 مؤسسة عامة.
وان هناك 3 أو 4 مؤسسات لم تنته مدة شاغليها، مجددا التأكيد على ان هذه الحكومة هي حكومة وحدة وطنية.
داعيا الى ابعاد الادارة عن السياسة. مشيرا، وبشكل صريح الى ان هناك وظائف معينة لطائفة معينة، ولا يجوز الاختباء وراء اصابعنا.
وحول الدعوة الى توسيع مؤتمر الحوار والخلاف حوله قال: الاعلام يعمل من الحبة قبة.
في موضوع تحديد صلاحيات رئيس الحكومة، لفت بري الى ان الامور هي بالثقة في العمل، مشيرا الى ان وجود النصوص الواضحة يؤدي الى الغاية، ولم يرد التدخل في عمل مجلس الوزراء حتى لا يتدخل رئيس الحكومة في عمل مجلس النواب.
وحول ورقة التفاهم بين حزب الله والسلفيين تمنى بري الحديث عن مضمون هذا التفاهم، وختم بالقول: حقيقة ان التعصب ابعد ما يكون عن الدين والتدين.
واكد الرئيس بري ان اولوية الحوار الوطني المرتقب لحل المسائل الخلافية هي الاستراتيجية الدفاعية التي سيتم في اطارها بحث قضية سلاح حزب الله التي ستؤدي حتما الى بحث امور اخرى.
وقال بري للصحافيين ان: الحوار الوطني الذي بدأ عام 2006 كانت على جدول اعماله امور عديدة جرى الاجماع عليها باستثناء امرين: انتخاب رئيس الجمهورية والاستراتيجية الدفاعية.
واضاف انه «تم انتخاب الرئيس وبقي موضوع الاستراتيجية الدفاعية الذي يجب ان يكون الموضوع الاساسي والاول على طاولة الحوار».
وقال بري: اطمئن انه عندما نبحث في الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان سيجري التطرق الى امور كثيرة جدا وعلى رأسها ماهية الدولة والاقتصاد والدفاع والجيش.
قائد بالإجماع
وفي موضوع تعيين قائد للجيش، جال وزير الدفاع الياس المر على رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وفؤاد السنيورة، وعلى رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، بهدف تأمين الاجماع على شخص القائد الجديد، اذ لا يجوز ان يأتي التعيين بناء على التصويت، لأن الدور الوطني للجيش لا يتحمل اي انقسام حول قائده.
ويبدو ان الخيار بات محصورا في اسمين من اصل 4 عمداء مرشحين للقيادة وهم: جورج خوري مدير المخابرات، مروان بيطان رئيس لجنة التنسيق العسكرية اللبنانية – السورية، وقائدا اللواء، جان قهوجي وشارل شيخاني، في حين رجحت صحيفة «الاخبار» القريبة من حزب الله كفة العميد قهوجي للقيادة.
اما بقية التعيينات الأمنية والعسكرية فثمة اتجاه الى تأجيلها الى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة، بحيث تتولى الحكومة التي تنبثق عن هذه الانتخابات خوض هذا الملف.
الصفحة في ملف ( pdf )