بيروت – عمر حبنجر
لبنان الرسمي منصرف منذ عصر امس الى ملاقاة التحرك الديبلوماسي الدولي والعربي باتجاهه، ولبنان الشعبي انشغل امس بأكبر جولة للعماد ميشال عون رئيس كتلة الاصلاح والتغيير في الجنوب، على الايقاع التنظيمي والاعلامي لحزب الله، كما على التحضيرات الجارية لأول جلسة نيابية يكون على رأس جدول اعمالها موضوع التقسيمات الانتخابية.
فقد وصل امس وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ليطرح موضوعات ذات أبعاد اقليمية، خصوصا على مستوى العلاقات اللبنانية مع سورية التي سيزورها كوشنير لاحقا، ليطرح برنامج زيارة الرئيس ساركوزي لها الأسبوع المقبل.
وسيصل لاحقا مسؤول ملف لبنان في الخارجية الاميركية ديڤيد هيل ليراجع مع المسؤولين اللبنانيين آخر معطيات العلاقة اللبنانية – السورية، والأربعاء سيكون احمد ابوالغيط وزير خارجية مصر في بيروت لاستكمال ما جرى بحثه مع الرئيس السنيورة في الاسكندرية، اما الخميس، فسيكون يوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في لبنان الذي سيهنئ الرئيس ميشال سليمان بانتخابه للرئاسة ولافتتاح مقر سفارة فلسطين في بيروت بعد استكمال العلاقات.
وعلى المستوى الداخلي، هناك موضوع التعيينات المرحل الى مجلس الوزراء الخميس المقبل، وقانون الانتخاب، حيث من المقرر عرض جزء التقسيمات الانتخابية من مشروع القانون المتعلق بالانتخابات على مجلس النواب غدا.
جولة عون
وفي هذا السياق الأخير، تدخل الجولة الواسعة للعماد ميشال عون على القرى المسيحية في الجنوب اضافة الى بلدة بنت جبيل، قاعدة جبل عامل كما وصفها عون، ضمن اطار التحضير للانتخابات النيابية المنتظرة في الربيع المقبل.
ورافق العماد عون في جولته التي بدأت في قانا ومنها الى رميش فبنت جبيل وانتهت في جزين، نائب رئيس الحكومة اللواء عصام ابوجمرة ووزراء المعارضة ونواب حزب الله الذين كانوا بانتظاره، كما استقبله نواب حركة أمل في بنت جبيل، ارض الشهادة والمقاومة كما سماها النائب علي بزي الذي تحدث مرحبا بالعماد المقاوم في قانا حيث كان الشيخ نبيل قاوق باستقبال العماد عون الى جانب النائب حسن فضل الله، ومسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا عاهد رئيس كتلة التغيير والإصلاح، بالحفاظ على قدسية شهادتهم.
ضريح اللواء فرانسوا الحاج
ومن قانا الى رميش مسقط رأس اللواء الشهيد فرانسوا الحاج الذي اغتيل بواسطة سيارة ملغومة في بعبدا وهو في الطريق الى محل عمله في قيادة غرفة عمليات الجيش في وزارة الدفاع، وذلك بحضور عائلة الحاج، والقى كلمة بالمناسبة اكد فيها ان دماء الشهيد الحاج هي كدماء الشهداء المقاومين التي سالت من اجل الوطن.
ثم توجه عون الى كنيسة رميش حيث شارك في قداس الأحد داخل الكنيسة والقى كلمة اكد فيها على العيش الواحد بين أبناء الجنوب، وأشاد بتضحيات المقاومة والجيش خلال حرب يوليو واصفا اللواء الشهيد فرانسوا الحاج بالقائد الكبير ورفيق السلاح والأخ لي في الأيام السوداء والليالي العصيبة التي مرّ بها لبنان، وأمضى كل حياته العسكرية يقاوم ويدافع عن هذا الوطن الذي كثير اليوم يتنكرون له.
واضاف: اسمع أحاديث لأناس بدأوا يتنكرون له في هذه الأيام، فلا يعترفون بالهوية ولا بالأرض ولا اعرف من اين مقصوصين والى من ينتمون؟ انما انتماء فرانسوا الحاج ورفاقه والمقاومة هو الى هذه الارض، والأهم هو وحدة الشعب اللبناني التي تجلت بالتضامن في هذه الحرب وان كنا سمعنا في هذه الأثناء أصوات ناشزة لا تفهم ما تقول ولا تعلم ما قيمة الوحدة الوطنية.
حتمية الإستراتيجية الدفاعية
ومن رميش الى بلده مارون الرأس التي دحرت الاسرائيليين في حرب 2006 ومنها تابع إلى بنت جبيل حيث نظم حزب الله احتفالا شعبيا للعماد عون واعضاء كتلته علت فيه اعلام الحزب وامل والتيار الوطني الحر، الذي رفع في الهواء بأيدي فتيات محجبات، وعلى ايقاع موسيقى كشافة الرسالة الاسلامية، حيث اكد على العمل الدائم بجميع القوى، سواء كانت شعبية او كانت مقاومة او عسكرية من اجل صنع استراتيجيتنا الدفاعية حتى تجهيز دولتنا، الدولة القادرة، القوية العادلة، التي نصفها ولأننا نتكلم عن جمهورية بعيدة المنال.
واضاف: هذه الجمهورية ليست بعيدة المنال، ويكفي ان نعلم ما في نفوسنا.
وتحدث عون عن الشراكة بين حزب الله والتيار الوطني الحر لبناء دولة المؤسسات والقانون والعدالة، والتي يسود فيها العدل والمساواة بين المواطنين.
التفاهم مع حزب الله بداية
وقال ان التفاهم مع حزب الله ما هو الا بداية لطريق، ووجودي اليوم محطة لتعزيز الروابط الاجتماعية بين الجنوبيين وبين الجنوبيين والشماليين، فكل متر مربع من ارض لبنان ينضم إلينا اليوم، ينتظر لان نلتقي بمن عليه في الايام الآتية.
واضاف: بالامس القريب، ومنذ اسبوع تماما حصل التلاقي بين عكار والبقاع في غابة القموعة، اجمل غابة في لبنان واليوم نلتقي في الجنوب وغدا في بعلبك وزحلة وجبل لبنان.
ان شريعتنا هي التلاقي مع الآخر مع الاعتراف بحق الاختلاف، لاننا نواجه اليوم ثورة غريبة الشكل وما حدث في الاسبوع الماضي من اعتراض على تفاهم يعترف به الانسان بأخيه الانسان بألا يكفره والا يقتله اثار استنكار البعض وهذا ما لا نستطيع فهمه.
اننا نولد متساوين ونموت متساوين انما نعيش مختلفين، واعتقد ان فن الحياة هو ادارة هذا الاختلاف والعيش فيه بطمأنينة وسلام.
او ما يجب ان نعترف به هو حق الآخر، وهو الذي يطور الخلافات ويكبرها ويتسبب في الصدام، وإذا ما اعترف كل منا بحق الاختلاف فاننا نصل ولا شك الى حالة السلام في المجتمع.
نحن اليوم بحاجة إلى هذه المبادئ، والى الاخلاقية الثابتة الصارمة التي وحدها تصون القوانين والحقوق والوحدة الوطنية.
وبعد محطتي مارون الراس، وبنت جبيل توجه العماد عون والوفد المرافق الى بلدة «الطيري» حيث اقام حزب الله مأدبة غداء على شرفه في استراحة «فاميلي بارك».
في جزين
وكانت المحطة الاخيرة في جولة عون، في بلدة جزين، القرية المارونية الرئيسية في الجنوب، حيث اقام التيار الوطني الحر مهرجانا سياسيا عند الخامسة من عصر امس.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )