تصاعدت حدة التوتر بين الغرب وروسيا على وقع الاعتراف الروسي رسميا باستقلال اوسيتيا وابخازيا الاقليمين المنفصلين عن جورجيا حليفة اميركا.
ووصل التوتر الى اقصاه امس حيث اعلن مساعد رئيس اركان القوات المسلحة الروسية اناتولي نوغوفيتسيني ان الاسطول الروسي يراقب تحركات سفن دول الحلف الاطلسي «الناتو» في البحر الاسود.
في غضون ذلك رست عدة قطع عسكرية تابعة للاسطول الروسي في البحر الاسود وبينها الطراد «موسكفا» في مرسى سوخومي عاصمة جمهورية ابخازيا الانفصالية الجورجية وذلك «للقيام بمهام مراقبة في المياه الاقليمية ومنع تهريب الاسلحة»، بحسب قيادة الاسطول.
في هذه الاثناء افرغت سفينة عسكرية اميركية حمولتها من المساعدات الانسانية الى جورجيا في مرفأ باتومي الجورجي (جنوب غرب) متجنبة مرفأ بوتي حيث مازال يوجد جنود روس هناك.
وتتهم موسكو الغرب بتزويد تبيليسي بالاسلحة حيث قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان منذ يومين ان البعض «في الولايات المتحدة وفي عواصم اوروبية يعدون بحماية الحلف الاطلسي ويدعون الى اعادة تسليح نظام تبيليسي وقد بدأوا اصلا بنقل شحنات جديدة من الاسلحة».
التوتر العسكري صاحبه توتر سياسي اشد منه حيث تخوفت فرنسا، التي توسطت لوقف اطلاق النار بين روسيا وجورجيا مؤخرا، من انفتاح الشهية الروسية على دول اخرى في القوقاز موالية للغرب.
وفي ذلك قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، التي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الاوروبي، إن روسيا «تنتهك القانون الدولي»، مضيفا ان «أهدافا أخرى» لروسيا قد تكون الان «شبه جزيرة القرم وأوكرانيا ومولدوفا».
وقال كوشنير في حديث اذاعي: «لا يمكننا قبول تلك الانتهاكات للقانون الدولي أو سيطرة جيش دولة مجاورة على أحد الاقاليم»، وتوعد بأن يرد الاتحاد الاوروبي على الاجراءات الروسية في اجتماع يعقد الاثنين المقبل.
وكانت القرم تعتبر ارضا روسية الى ان تخلى عنها الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف عام 1954 لكييف في مبادرة حسن نية، ورأى كوشنير ان «النزاعات في القوقاز حادة جدا، لقد تواجهوا لقرون» مؤكدا ان «الحل السياسي هو الذي يجب ان يرجح»، هذا وفيما سعت موسكو لتبرير اعترافها باستقلال الاقليمين عن جورجيا، طالبها «الناتو» بالتراجع عن قرارها.
وجاء في بيان صدر اثر اجتماع لسفراء الحلف الـ 26 ان «مجلس حلف شمال الاطلسي يندد بقرار روسيا الاتحادية الاعتراف بمنطقتي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا ويدعوها الى التراجع عن قرارها».
واضاف البيان: «قرار روسيا ينتهك قرارات عديدة لمجلس الامن الدولي تتعلق بوحدة اراضي جورجيا».
من جانبه برر الرئيس الروسي ديمتري مدڤيديڤ قرار الاعتراف الذي اتخذه بمسارعة الغرب في وقت سابق الى الاعتراف باستقلال اقليم كوسوڤو عن صربيا وهو ما تعارضه موسكو بشدة.
جاء ذلك في مقال كتبه مدڤيديڤ في صحيفة فاينانشال تايمز اللندنية امس حيث قال عن اعتراف بلاده باستقلال اوسيتيا وابخازيا: «لم تكن خطوة اتخذت ببساطة أو دون تفهم كامل للعواقب».
واضاف: «في تجاهل للتحذيرات الروسية سارعت الدول الغربية في الاعتراف باعلان كوسوڤو غير الشرعي الاستقلال عن صربيا، وقال الرئيس الروسي ان بلاده استندت في قرار الاعتراف الى حق شعبي اوسيتيا وابخازيا في الحرية وعلى اساس مبادئ ميثاق الامم المتحدة ووثائق اخرى للقانون الدولي».