من المرجح انتخاب آصف علي زرداري اليوم رئيسا لباكستان باصوات الغالبية النيابية، ولو ان اسمه ظل لفترة طويلة رمزا للفساد حين كانت زوجته الراحلة بينظير بوتو تقود البلاد الى حد انه مازال يلقب بـ«السيد عشرة في المائة» لاتهامه بتقاضي عمولات.
وقد قضى زرداري 11 عاما في السجن حتى 2004 ثم تمت تبرئته من قسم من الاتهامات الموجهة اليه فيما شطبت التهم الباقية عندما عفا عنه الرئيس برويز مشرف عام 2007 قبل ان يستقيل في 18 اغسطس الماضي.
غير ان زرداري مازال يعاني من سمعة سيئة ويرى الصحافيون والخبراء السياسيون انه ما كان ليخلف مشرف لو لم تقتل زوجته في نهاية 2007 في عملية انتحارية ولو كانت انتخابات اليوم تجري بالاقتراع العام المباشر.
كما يشكك كاتبو مقالات الراي في الصحف الباكستانية في قدرة زرداري على الاضطلاع بمهام الرئاسة في القوة النووية الوحيدة في العالم الاسلامي، ما ينسجم مع رأي قسم كبير من حوالي 160 مليون باكستاني.
وسيكون زرداري مخولا عند وصوله الى سدة الرئاسة حل البرلمان واقالة الحكومة والقيام بتعيينات في المناصب الاساسية في الدولة والجيش.
وذكر احد اشهر كتاب الرأي النائب السابق شفقة محمود ان «زرداري له سمعة مثيرة للجدل، وقد اتهمه القضاء من جملة ما اتهمه به بالفساد واختلاس الاموال وحتى القتل» (قتل احد اخوة زوجته) في وقت كانت بوتو على رأس السلطة (1988-1990 و1993-1996).
ويردد زرداري (52 عاما) ان هذه التهم «سياسية» وان القضاء «اعترف ببراءته» وببراءة زوجته التي اضطرت للانتقال الى المنفى نتيجة تعرضها للاجراءات القضائية ذاتها.
الى ذلك وعلى الرغم من الاحتجاج الباكستاني الرسمي والشعبي على غارتين سابقتين قامت اميركا بهجوم ثالث امس قتل 7 أشخاص بينهم 4 أطفال إثر إطلاق طائرة تجسس أميركية صواريخ باتجاههم في إقليم وزيرستان الشمالي قرب الحدود الباكستانية - الأفغانية.
ونقل تلفزيون «جيو» الباكستاني عن شهود عيان قولهم ان طائرة تجسس أميركية أطلقت 3 صواريخ على منزلين في بلدة غوروفيك في إقليم وزيرستان الشمالي ما أدى الى مقتل 4 أطفال و3 نساء وإصابة عدد آخر بجروح.
وقتل 4 متشددين إسلاميين امس الاول في غارة جوية شنتها طائرة أميركية بدون طيار على منزل في منطقة وزيرستان القبلية وذلك بعد يوم واحد على مقتل 20 شخصا في هجوم بري شنته قوات كوماندوز اميركية في نفس المنطقة عبر الحدود مع افغانستان.
وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي ان بلاده مصممة على الدفاع عن سلامة اراضيها مع تصاعد الغضب بشأن الغارات الجوية والبرية شنتها القوات الأميركية على قرية حدودية نائية.
ووصف قريشي الهجوم الأخير بأنه انتهاك مخز لكل قواعد الاشتباك المتفق عليها مع القوات التي تقودها الولايات المتحدة في افغانستان.
وقال أمام الجمعية الوطنية: «لن نتنازل امام اي انتهاك لسيادتنا».
وتابع يقول: «سندافع ولدينا تصميم قوي وإجماع وطني في باكستان على الدفاع عن سلامة ووحدة أراضينا». وتبنى مجلسا البرلمان في وقت لاحق قرارين يدينان الهجوم الاميركي.
ضحايا مدنيون
وأبلغ قريشي المجلس قائلا: «ليس لدينا معلومات ولم يتم ابلاغ العالم بأن هناك إرهابيا معروفا أو هدفا ذا قيمة كبيرة بين الضحايا».
وأضاف أن التحقيقات كشفت أن ثمة مواطنين أبرياء بينهم نساء وأطفال قد استهدفوا.
وفيما لم تعلق وزارة الدفاع الاميركية عن الغارة الجوية عندما سئل المتحدث باسم الپنتاغون عن ظروف الحادثة قال المتحدث العسكري الباكستاني الميجر جنرال آثار عباس ان هذه الغارة عمل يائس فيما يبدو في الأيام الاخيرة لإدارة الرئيس الاميركي جورج بوش.
وقال المتحدث العسكري الباكستاني: «انهم في فترة انتخابات ومن الواضح ان ادارة بوش تحتاج بشدة الى تسجيل نقاط».
واضاف ان مثل هذه الهجمات تخاطر بدفع الناس الى احضان المتشددين وتحرض على انتفاضة في المناطق القبلية.
ونفى حلف شمال الأطلسي الذي يقود قوات حفظ سلام في افغانستان أي مشاركة في هذه الغارة.
وتتولى الولايات المتحدة قيادة قوات منفصلة لمواجهة التمرد في افغانستان.
اعتراف أميركي
وعندما سئل برايان ويتمان المتحدث باسم الپنتاغون بشأن الغارة قال «ليست لدي معلومات أقدمها لكم بشأن هذه التقارير».
وأحالت وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.ايه) كل الأسئلة الى الپنتاغون.
واعترف مسؤولون أميركيون بتنفيذ جنود كوماندوز أميركيين للغارة البرية في وزيرستان لكنهم نفوا مسؤوليتهم عن وقوع قتلى.
وبحسب مسؤولين باكستانيين قتل في الغارة المذكورة 20 شخصا بينهم نساء واطفال.
وقال مسؤولون أميركيون ان الهجوم الذي شنته قوات خاصة استهدف اشخاصا يشتبه في انهم ينتمون لتنظيم القاعدة ويشير الى تكثيف محتمل للجهود الأميركية لكشف المخابئ الآمنة للمتشددين في باكستان.
وتقول الولايات المتحدة ان متشددين ينتمون لتنظيمي القاعدة وطالبان يتمركزون في أماكن آمنة في مناطق قبائل البشتون شمال غرب باكستان على الحدود الأفغانية ينطلقون لشن هجمات في افغانستان وباكستان ويخططون لأعمال عنف في الغرب.