دمشق - هدى العبود
قال الرئيس السوري بشار الأسد في حديث للتلفزيون الإيراني ردا على سؤال حول معنى العلاقات الاستراتيجية السورية - الإيرانية: إن العلاقات بين البلدين قوية جدا ومتينة، وان العلاقة الاستراتيجية التي تربط البلدين لم تنشأ من خلال اتفاق قام بعد الثورة الإيرانية بين الإمام الخميني والرئيس حافظ الأسد، وإنما نشأت نتيجة أشياء موضوعية وتراكمات لهذه العلاقات أدت إلى قيام علاقة استراتيجية بين البلدين وأضاف الرئيس الأسد: إن ايران كانت دائما تقف إلى جانب القضية الفلسطينية والحق العربي والحقوق السورية، ووقفت ضد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين وعلى اللبنانيين وعلى السوريين.
وأكد الرئيس الأسد أن الجانب المهم في جوانب هذه العلاقة الاستراتيجية بين البلدين هو استقلالية القرار السوري واستقلالية القرار الايراني، معربا عن اعتقاده أن هذا الجانب هو الأهم في وجود رابط استراتيجي بين العلاقتين.
ضد الرهان على الخارج
وعن رؤية سورية لمستقبل المنطقة بعد فشل المشروع الأميركى والرهانات الأميركية الجديدة، قال الرئيس الأسد: نحن بالأساس ضد الرهان على الخارج، وأي رهان على الخارج هو رهان فاشل، وعندما قلت في يوليو 2007 ان مستقبل المنطقة يحدد خلال عدة أشهر كنت اعرف أن القوى التي تفشل وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومن معها لابد أن يلعبوا أوراقهم الأخيرة، وهذه الأوراق الأخيرة إما أن تعيد الربح لهم وإما أن يخسروا كل شيء، طبعا قناعتي كانت بأنهم سيستمرون في الخسارة لأنهم لا يعرفون المنطقة ولا يفهمون حضارة الشعوب وثقافتها.
وأضاف الرئيس الأسد: الآن بعد 14 شهرا من قولي هذا ثبت أنهم ينتقلون من فشل إلى فشل وبسرعة اكبر من قبل، والآن الإدارة الأميركية ذاهبة، فماذا تستطيع أن تحقق في الأشهر الأخيرة، شيء وحيد المزيد من المشاكل، ولكن من الصعب عليها أن تحقق أي حل لأن من يفشل لسبع سنوات وثمانية أشهر من غير المعقول أن ينجح بأربعة أشهر.
ساركوزي يريد أن يستعيد الدور الأوروبي
وجوابا على سؤال حول اللقاء الرباعي الأخير في دمشق الذي حضره الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال الرئيس الأسد: ان الرئيس ساركوزي هو بلا شك يريد أن يستعيد الدور الفرنسي الذي كان موجودا دائما.
لاشك أن فترة الرئيس جاك شيراك ألغت تقريبا الدور الفرنسي السياسي من الوجود على الأقل خارج أوروبا وبشكل خاص في السنوات الأربع الأخيرة أو الخمس الأخيرة، وتحديدا بعد حرب العراق والرئيس ساركوزي يريد أن يستعيد الدور الأوروبي، طبعا لكي نكون واقعيين لا يمكن أن نفكر بدور سياسي أوروبي وخاصة تجاه دول مثل سورية وإيران ليس لها علاقة جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية، هذا الجانب الأول.
والجانب الثاني علينا ألا نتوقع أن يكون الغرب بالمدى المنظور أقرب إلينا من قربه لإسرائيل لأسباب تاريخية لها علاقة بموضوع اليهود وما شابه فإذا نحن لم نكن نتوقع أن يأتي إلينا مسؤول أوروبي ليقول لنا نحن معكم ومع الحق العربي والحق الفلسطيني ومع الحقوق الأخرى التي تمتلكها كل هذه الدول.
لكن بالوقت نفسه نحن نريد أن نرى بداية افتراق للدور الأوروبي عن الدور الأميركي وهذا ما نراه بالتعاطي مع القضايا المطروحة ونريد أن نرى مسؤولا أوروبيا يقول لنا.. لكم الحق بأن تستعيدوا أراضيكم كاملة.
وفيما يتعلق بحديث الرئيس الفرنسي ساركوزي عن الموضوع النووي الإيراني قال الرئيس الأسد: أولا الرئيس ساركوزي قال ان الموقف السوري غير الموقف الفرنسي بالنسبة لموضوع إيران هو قالها، الموقف السوري ينطلق من ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وبالتالي هذا يعنى بأن إسرائيل يجب ألا تمتلك قنابل نووية لأنها الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط الآن التي تمتلك قنبلة نووية.
وحول المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية تركية وإمكانية انسحاب إسرائيل من الجولان المحتل قال الرئيس الأسد أولا، أريد أن أوضح ما الذي يحصل الآن، هي ليست مفاوضات بمعنى المفاوضات ولكن أطلق عليها هذه التسمية واستمرت في الإعلام وما يحصل هو مشابه لما حصل قبل مؤتمر مدريد في عام 1991 عندما أتى وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر وبدأ يتنقل بين سورية وإسرائيل لكي يضع أرضية للمفاوضات المباشرة والآن ما يتم هو نفس الشيء: وسيط تركي يتحرك بين سورية وإسرائيل ولكن بدلا من أن يتحرك جغرافيا أرسلت سورية مبعوثا إلى فندق في مدينة اسطنبول وإسرائيل أرسلت مبعوثا يجلس في فندق آخر في المدينة نفسها والوسيط التركي يتحرك بينهما والهدف هو أن نتأكد من أن الإسرائيلي سيعيد الجولان أم لا.
لا ثقة بإسرائيل
وأوضح الرئيس الأسد حتى الآن لم تنته هذه المرحلة وبالتالي لا نستطيع أن نقول ان الإسرائيلي قادر أو لديه الرغبة الحقيقية في السلام من خلال عودة الأراضي، انطباعنا في سورية بشكل عام على المستوى الرسمي والشعبي هو أننا لا نثق بالإسرائيليين بشكل عام، دائما هناك قتل مستمر وهناك العدوان على سورية والعدوان على لبنان والتهديدات لإيران وغيرها من الأعمال العدوانية.
فإسرائيل بنيت على العدوان ولا نستطيع أن نتوقع منها السلام إلا إذا رأينا شيئا على الواقع، نحن لا نثق بالإسرائيلي حتى يثبت العكس عندما يثبت العكس نقول اننا نثق به.
وأضاف الرئيس الأسد: انه بغض النظر عن هذه المفاوضات فالعمل على فصل سورية عن إيران وسورية عن المقاومة مستمر منذ عدة سنوات، وما طرح في الإعلام من أن المفاوضات غير المباشرة بدأت بناء على فكرة ابتعاد سورية عن المقاومة أو ابتعاد سورية عن إيران فهذا الكلام غير صحيح والسبب بسيط لان الإسرائيلي يعرف تماما أين تسير سورية وكيف تسير.
وقال الرئيس الأسد: نحن لسنا من الدول التي تبنى علاقات مؤقتة أو مرحلية أو ظرفية نحن دول لدينا مبادئ ولدينا مصالح والعلاقة بين سورية وإيران لم تبن من خلال عملية السلام أو من خلال عملية الحرب كما قلت قبل قليل هناك عوامل عديدة أوجدت هذه العلاقة السورية الإيرانية وهذه العوامل لم تتغير.
الحرب الباردة فرضت من قبل أميركا
وبشأن رؤية سورية للدور الروسي بعد ما حدث في منطقة القوقاز وإمكانية عودة الحرب الباردة قال: أولا الحرب الباردة لم تبدأ بجورجيا بدأت منذ أتى الرئيس فلاديمير بوتين إلى الرئاسة منذ حوالي عشر السنوات عندما بدأ يعيد الهيبة للدولة الروسية ويعيد الدور لهذه الدولة داخليا وخارجيا ومن الواضح أن هذه الحرب الباردة كانت موجودة وبشكل مستمر وإلا فكيف نفسر الدرع الصاروخي، ولكن قضية جورجيا كانت هي الذروة في هذه الحرب وبالمقابل روسيا حاولت في السنوات الماضية أن تمتص ما يقوم به الغرب وتحاول أن تبني علاقة صداقة مع الغرب، فإذا الحرب الباردة فرضت من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا ولم تفرض من روسيا وغير صحيح أنها بدأت فهي موجودة ولكنها تتطور.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن روسيا تدعمنا، ولكن أحيانا في السابق كانت تتردد في أن تأخذ موقفا قويا على الرغم من قناعاتها بمواقفنا وحقوقنا لسبب له علاقة بالتوازن الدولي.
والآن اعتقد أن روسيا ستلعب دورا أكثر قوة وفاعلية تجاه قضايانا وقضاياكم.