Note: English translation is not 100% accurate
إيران تتبنى إستراتيجية التنازلات الجزئيةالتي تتبخر لاحقاً في الهواء
الأربعاء
2006/11/1
المصدر : الصحافة العالمية
روبرت كابلان
عادت الأزمة النووية الإيرانية لتطل برأسها من جديد بعد إعلان طهران نجاحها في تشغيل جهاز إضافي للطرد المركزي وبنجاح. الرئيس الأميركي جورج بوش تعهد مرة أخرى بأنه لن يسمح لطهران بامتلاك السلاح النووي، وطالبت وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس مجلس الأمن باتخاذ أقصى العقوبات على طهران لإعادة الاعتبار لمجلس الأمن.
نجاح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في الحصول على دعوة من مجلس العلاقات الخارجية والحديث أمام أعضائه بعدما هدد أكثر من مرة بتدمير إسرائيل، يعني أن إيران تتقن ما يطلق عليه في اللغة العسكرية «العمليات المعلوماتية».
ففي عصر تنتشر فيه وسائل الإعلام على نطاق واسع، تنتصر الرمزية على الجوهر ليتوارى تأثير قسوة الاستقبال الذي لقيه أحمدي نجاد من قبل المجلس أمام رمزية الاستقبال نفسه الذي حظي به.
ويضاف إلى ذلك أن الطبيعة المهيبة للمجلس أضفت قيمة رمزية أخرى على تصرفات الرئيس الإيراني، وساهمت أيضاً إلى جانب اللقاءات التي أجراها الرئيس الإيراني مع الصحافيين وخطابه في الأمم المتحدة إلى وضعه تحت الأضواء الكاشفة.
وبعبارة أخرى كانت استضافة أحمدي نجاد من قبل «مجلس العلاقات الخارجية» انتصاراً صغيراً أحرزته إيران في معركة جديدة يطلق عليها الخبراء الاستراتيجيون «بالحرب المركبة».
ويحيل التعبير الذي صكه لأول مرة جيمس كالارد وبيتر فابر العقيدان الأميركيان في سلاح الجو، إلى أهمية إدماج جميع العناصر المتاحة في الحرب سواء كانت عسكرية، أو إعلامية، أو مالية، بقصد فتح جميع الجبهات وتحويل الضغط إلى معسكر الخصم.
وإيران التي تدرك طبيعة هذه الحرب ساعدتها المناورة في تحجيم الأصوات الداخلية المعارضة ومحاصرة الإعلام والنخب السياسية داخل البلاد.
والنتيجة أنها انصرفت إلى التركيز على الخارج، حيث يجادل الرئيس أحمدي نجاد الصحفيين الأجانب ويذهلهم بتصريحاته، وحيث يعقد رجال الدين المعممون صفقات تجارية مع رجال الأعمال في دافوس بسويسرا، وتشجع أجهزة الاستخبارات الإيرانية احتجاجات الشارع الإسلامي لإضعاف أوروبا، وحيث ينتهج الديبلوماسيون الإيرانيون استراتيجية المماطلة والتنازلات الجزئية التي سرعان ما تتبخر في الهواء.
والهدف هو ربح الوقت بينما العلماء الإيرانيون يعملون على مدار اليوم لتطوير قدراتهم النووية وتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط. وفقط لدى النخب الغربية مازالت القوة مقسمة بين الاقتصادي والعسكري دون إدراك منهم بأن القوة الحقيقية هي التي تجمع بين الاثنين وهي تُعزز أو تُستنفد تبعاً للإرادة السياسية المطلوبة لتوظيفهما المستندة إلى قناعة راسخة بجدوى ما يقوم به المرء وأحقيته.
وبتعبير آخر تمتلك إيران من رباطة الجأش ما تتفوق به على الغرب ليترجم في النهاية إلى نوع من القوة لصالحها.
وفي الجانب الآخر حيث يقف خصم طهران اللدود توجد إدارة الرئيس بوش التي أضعفت بسبب فشلها في العراق. كما أن عدم إصغاء «مجلس العلاقات الخارجية» لتلميحات البيت الأبيض بإلغاء الدعوة تعبر بشكل واضح عن ضعف الإدارة في المرحلة الحالية.
هذا الوهن الذي باتت تعاني منه الإدارة الأميركية يساهم فيه أيضاً اقتناع النخب السياسية، لا سيما في أوروبا بأن الرئيس بوش غير قادر على شن حرب جديدة على إيران.
وهنا تحديداً تكمن المشكلة الحقيقية، حيث إن التشكيك في قدرة الرئيس بوش على خوض حرب، هو تشكيك أيضاً في أحقية شنها.
وحتى إذا ما رحل بوش عن البيت الأبيض عام 2009 فإنه يلزم الإدارة الجديدة بعض الوقت للإمساك بزمام الأمور في الملف الإيراني، وحتى يتحقق ذلك سيكون الوقت قد فات. وهكذا إذا ما نزعت الشرعية عن حق الولايات المتحدة في شن حرب على إيران، فإن الشرعية تُنزع أيضاً عن القوة التي يمكن استخدامها لاحقاً كخيار ضد طهران.
وبالرجوع قليلاً إلى التاريخ نجد أن نزع الشرعية عن القوة هو الذي وفر الأساس للتهدئة في أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية. فقد كانت أوروبا خارجة لتوها من حرب ألحقت دماراً كبيراً بالقارة العجوز، ولم يتخيل أحد أنهم مقبلون على حرب أخرى، لذا سارعوا للتصالح مع هتلر.
ورغم أن أحمدي نجاد مختلف عن هتلر، فإنه لا سبيل لنجاح المساعي الديبلوماسية مع إيران، دون أن تكون مدعومة بإرادة حقيقية وذات مصداقية في استخدام القوة، وهو ما يستدعي البدء في رسم الخطط العسكرية للحرب.
وإذا ما استمر منتقدو الإدارة الأميركية في سحب الشرعية من احتمال اللجوء إلى القوة، فإنهم يقضون على آخر فرصة لنجاح الديبلوماسية.
عن «لوس أنجليس تايمز»
اقرأ أيضاً