دمشق- هدى العبود
مع تسارع الأحداث المهمة، من اجتماع دول الإتحاد من اجل المتوسط إلى اكتشاف الشبكة الإرهابية التي ارتكبت جريمة القزاز في دمشق إلى الملف النووي الإيراني إلى مستجدات الفوز الساحق لباراك أوباما، وارتباط سورية الوثيق بهذه الملفات ليس هناك اكثر خبرة من وزير الخارجية وليد المعلم ليطلع قراء «الأنباء» على موقف دمشق مما جرى ويجري خصوصا بعد الغارة الأميركية على مدينة «البوكمال» وتفاعلاتها، وفيما يلي تفاصيل حوار المعلم مع «الأنباء»:
هل ستقوم سورية بخطوات ايجابية «تتعلق بإعادة فتح المدرسة الأميركية والمركز الثقافي لاسيما بعد رسالة الرئيس الأسد لأوباما مهنئا بالفوز وداعيا للحوار؟
هذا يتوقف على إرادة الإدارة الأميركية الجديدة فيما إذا قررت أن تنتهج تعاملا مختلفا وجذريا عن أسلوب الإدارة الأميركية الراحلة، حوار جاد وموضوعي مع سورية فانه سيكون بالامكان، حينئذ يمكن أن يطرأ تحسن في العلاقات مع التأكيد على الالتزام الأميركي المعلن والصريح، فإذا ما تحقق ذلك كله عندئذ سيكون ذلك الأمر ضمن جدول أعمال الحوار. الإدارة الأميركية بشكل عام لم تكن جادة في حل مشاكل الشرق الأوسط رغم الإعلانات المتكررة لحل هذه المشكلة.
هل تتوقعون من الإدارة الجديدة أن تساهم في حل هذه المشكلة بكل ابعادها؟
من دون شك سيكون عهد أوباما مختلفا عن عهد الرئيس بوش لسبب بسيط أن أحد أسباب فوز أوباما فشل سياسة بوش الداخلية والخارجية، نحن نأمل دون أن نفرط في التفاؤل في ان تكون من أولويات إدارة الرئيس أوباما إحلال السلام العادل والشامل في المنطقة، العرب جاهزون وعلينا الوقوف على حقيقة ما إذا كانت لدى إسرائيل نية صنع السلام.
هل ستشهد العلاقات السورية - السعودية مزيدا من التصعيد بعد عرض شريط اعترافات منفذي عملية القزاز بأنهم يتلقون تمويلا من تيار المستقبل «المدعوم سعوديا»؟
إن التفكير في العمق ومنطق الأمور يقول العكس لأن ما فعلته أجهزة الأمن السورية في إلقاء القبض على أفراد هذه المجموعة الإرهابية لا يخدم أمن المواطن السوري فحسب بل أمن المواطنين في كل دول المنطقة. لأن هذا التنظيم لا يستهدف سورية وحدها بدليل ما قام به في لبنان والعراق وربما غيرهما.
بعد تأجيل اجتماعات اللجنة العليا السورية - العراقية هل سيشهد ملف العلاقات السورية -العراقية مزيدا من التصعيد؟
هذا يتوقف على الأشقاء في العراق نحن كنا وما زلنا نتطلع إلى علاقات أخوية مستقرة بين البلدين الشقيقين، بادرنا قبل الكثيرين إلى فتح السفارة السورية في بغداد، وبتعيين السفير هناك، ما نريده ونأمله ألا تستخدم الأراضي العراقية لشن عدوان على سورية.
إذا ما تحقق ذلك رغم تقديرنا للظروف الموضوعية التي يعيشها العراق اليوم فان لا شيء يبرر عدم إدانة العدوان الإرهابي الذي قامت به القوات الأميركية انطلاقا من الأراضي العراقية.
بعد وصول أوباما وتعينه لرام عمانوئيل كبيرا لموظفي البيت الابيض هل تعتقد ان إسرائيل سيكون لها اليد الطولى في القرارات الأميركية من خلاله؟
يتوهم كل محلل عربي إذا اعتقد وجود خلل في الالتزام الأميركي تجاه اسرائيل، لكن إذا أدرك الأميركيون والإسرائيليون أن مصلحة إسرائيل وأمنها لا يتحقق إلا بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وضمان حقوق الشعب الفلسطيني فان على عمانوئيل وغيره من العاملين في إدارة أوباما أن يسعوا للسلام العادل والشامل خدمة لإسرائيل قبل غيرها على المدى المنظور والبعيد.
مصدر امني لبناني نقلت عنه وسائل الإعلام أن لبنان على استعداد أن يعطي لسورية أي شخص للتحقيق معه، هل يمكن أن تطلب سورية أشخاصا محددين لهم علاقة بعملية القزاز؟
هذا شأن تقرره الجهات الأمنية في البلدين الشقيقين اللذين يعملان من أجل امن المواطنين السوريين واللبنانيين.
وماذا عن السفراء في كل من سورية ولبنان هل بحثتم من هو السفير السوري في لبنان؟
من المعروف في العرف الديبلوماسي أن أسماء السفراء لا يعلن عنها الا بعد حصول الموافقة على تسميتهم من الدولة المضيفة نحن الآن بصدد البحث عن مبنى لائق في بيروت والرئيس الأسد هو الذي يقرر.
الى أين وصلت الجهود السورية لردم الفجوة أو تضييقها ما بين الغرب والجمهورية الإسلامية الإيرانية فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني؟
الموضوع ليس موضوع أن تؤثر سورية على إيران ولا أن تتوسط سورية بين إيران والغرب، هناك فجوة من عدم الثقة بين الطرفين ما تفعله سورية هو تضييق الفجوة وصولا إلى استئناف الحوار بين إيران والغرب.
لقد أكد لنا الإيرانيون مرارا أن برنامجهم النووي برنامج سلمي ومن هنا فان استئناف الحوار للوصول إلى أرضية تفاهم مشتركة بين إيران والغرب سيؤدي إلى حل ديبلوماسي لهذا الملف.
ما تقييمكم لنتائج اجتماع وزراء دول الاتحاد من أجل المتوسط في مرسيليا؟
كان الاجتماع مهما لأنه أقر بالإجماع مشاركة الجامعة العربية كعضو كامل في كل اجتماعات هذا الإتحاد السياسية والفنية، كما تم اعتماد برشلونة مقرا للأمانة الدائمة للاتحاد وسيكون الأمين العام من بلدان الجنوب، وتم إقرار ستة مشاريع حيوية يتم العمل القطاعي فيها بتوافق الأطراف، بالإضافة إلى إقرار المجتمعين فقرة سياسية حول عملية السلام في الشرق الأوسط استندت إلى مرجعية مؤتمر مدريد للسلام وقراري مجلس الأمن 242- 338 ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وأشادوا بانطلاق المحادثات غير المباشرة بين وسورية وإسرائيل بوساطة تركية كما أشادوا بالقرار السوري واللبناني بتبادل التمثيل الديبلوماسي، اعتقد أن الجانب العربي في هذا الاجتماع تمكن من تحقيق معظم ما كان يطالب به ونحن نرى أن هذه الثمار جيدة وتؤسس لمزيد من التفاعل بين دول شمال المتوسط وجنوبه والعرب وأوربا على وجه الخصوص.
تسرب الحكومة الإسرائيلية معلومات حول استعدادها لمحادثات مباشرة مع سورية هل نضجت الأمور لإمكانية هذه المفاوضات؟
ما زلنا في مرحلة بناء قاعدة صالحة للانطلاق نحو المفاوضات المباشرة والكرة في الملعب الإسرائيلي والإسرائيليون يعرفون تماما ما يجب عليهم أن يفعلوه.
في حال تشكيل حكومة متشددة في إسرائيل هل «سيكون ما توصلتم إليه من بناء القاعدة التي تتحدث عنها صالحة لاستمرار المفاوضات؟
سورية فاوضت حكومات ترأسها شامير ثم رابين ثم بيريز ثم نتنياهو ثم باراك ثم أولمرت إلى آخره، وجميعهم يعرفون ما الحقوق السورية إذا أرادوا صنع السلام مع سورية.