شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ان الإرهاب ما كان ليظهر لولا غياب مبدأ التسامح والعدالة.
وقال خادم الحرمين في كلمته امام مؤتمر حوار الاديان الذي عقد في مقر الامم المتحدة بنيويورك امس «ان الارهاب والاجرام من أعداء الله وأعداء كل دين وحضارة، وما كانا ليظهرا لولا غياب مبدأ التسامح، والضياع الذي يلف حياة كثير من الشباب كما أن المخدرات والجرائم، لم تنتشر إلا بعد انهيار روابط الأسرة التي أرادها الله عز وجل ثابتة قوية».
واضاف «أمام هذا الجمع من قادة العالم، ومن الجمعية العامة ضمير الأمم المتحدة، نقول اليوم بصوت واحد ان الأديان التي أراد بها الله عز وجل إسعاد البشر لا ينبغي أن تكون من أسباب شقائهم، وان الإنسان نظير الإنسان وشريكه على هذا الكوكب، فإما أن يعيشا معا في سلام وصفاء، واما أن ينتهيا بنيران سوء الفهم والحقد والكراهية».
واعتبر الملك عبدالله «ان التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات قاد إلى التعصب، وبسبب ذلك قامت حروب مدمرة سالت فيها دماء كثيرة لم يكن لها مبرر من منطق أو فكر سليم» داعيا الى «التعلم من دروس الماضي القاسية، وأن نجتمع على الأخلاق والمثل العليا التي نؤمن بها جميعا، وما نختلف عليه سيفصل فيه الرب سبحانه وتعالى يوم الحساب» ورأى خادم الحرمين «ان كل مأساة يشهدها العالم اليوم ناتجة عن التخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها كل الأديان والثقافات فمشاكل العالم كلها لا تعني سوى تنكر البشر لمبدأ العدالة».
وقال «ان حوارنا الذي سيتم بطريقة حضارية كفيل ـ بإذن الله ـ بإحياء القيم السامية، وترسيخها في نفوس الشعوب والأمم، ولا شك بإذن الله أن ذلك سيمثل انتصارا باهرا لأحسن ما في الإنسان على أسوأ ما فيه ويمنح الإنسانية الأمل في مستقبل يسود فيه العدل والأمن والحياة الكريمة على الظلم والخوف والفقر».
وشكر الملك عبدالله رئيس الجمعية العامة بان كي مون على تنظيم هذا اللقاء الى جانب اصدقائه من زعماء العالم وقادته على حضورهم من مشارق الأرض ومغاربها، معتزا بصداقتهم ومشاركتهم».
ودعا خادم الحرمين «المتحاورين في مدريد إلى اختيار لجنة منهم تتولى مسؤولية الحوار في الأيام والأعوام المقبلة»، مؤكدا لهم ولمختلف دول شعوب العالم «ان اهتمامنا بالحوار ينطلق من ديننا وقيمنا الإسلامية، وخوفنا على العالم الإنساني وإننا سنتابع ما بدأنا، وسنمد أيدينا لكل محبي السلام والعدل والتسامح»، وكان اجتماع الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة بدأ في مقر الأمم المتحدة بنيويورك امس، وشارك فيه حوالي 17 رئيس دولة وحكومة، بينهم عدد كبير من الدول العربية بالإضافة إلى إسرائيل والولايات المتحدة أمس، وبحضور60 دولة.
ومن جانبه، أكد الرئيس الحالي للجمعية العامة سفير نيكاراغوا ميغيل ديسكوتو بروكمان الذي يستضيف الاجتماع، أن المناقشات ستركز على القيم المشتركة أكثر من الجانب الديني.
وقد حضر خادم الحرمين مأدبة عشاء دعا لها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون امس الأول تكريما للزعماء المشاركين في اجتماع نيويورك، وشارك فيها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، إلا ان تقريرا لقناة «العربية» أفاد بأن خادم الحرمين جلس على طاولة منفصلة عن بيريز.
وفي وقت سابق، أكد مسؤولون سعوديون أنه لا توجد خطط لعقد لقاءات مباشرة بين الملك عبدالله والرئيس الإسرائيلي.
من جانبها، ذكرت صحيفة «الوطن» السعودية أن الرئيس الإسرائيلي أبلغ من قبل مسؤولين في الأمم المتحدة ألا يحاول مصافحة خادم الحرمين قبل أو بعد الكلمة التي ألقاها امس.
وأثارت مشاركة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في المؤتمر استياء من قوى عربية وإقليمية.
وتحدث الرئيس الإسرائيلي امام الجمعية العامة وقال ان حكومته وافقت على اقتراح السلام الذي قدمته السعودية لتسوية الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
وأضاف بيريز أن إسرائيل تتفق مع الدعوة العربية بأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لا يمكن حله بالوسائل العسكرية وأن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط هو «الخيار الاستراتيجي للدول العربية كما «أن هذه هي استراتيجية إسرائيل أيضا».
وأضاف «هذه التعبيرات في المبادرة العربية للسلام ملهمة وواعدة - الانفراجة المهمة للتقدم الحقيقي». وقال بيريز إن التسوية الشاملة تتطلب إتمام المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين «المشاركة في التكلفة الموجعة».
وتابع «إننا مستعدون لهذا مثلما أثبتنا في مرات عدة في الماضي».
بدوره قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الأطراف الرئيسية في عملية السلام في الشرق الأوسط تأمل أن تتصدر القضية أولويات الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما مع توليه الرئاسة في يناير.
وأضاف في مؤتمر صحافي «نتوقع أن تستمر المفاوضات دون انقطاع خلال فترة الانتقال».
وعبر عن تطلع «كل الأطراف إلى الإدارة الاميركية المقبلة كي تشارك مبكرا باعتبار الأمر أعلى أولوية، والهدف مازال واضحا للجميع، نهاية للصراع، نهاية للاحتلال وحل على أساس إقامة دولتين».
وفيما يتعلق بالتزام اوباما بعملية السلام في الشرق الأوسط نقل عنه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر قوله إن الرئيس المنتخب سيعيد إطلاق عملية السلام فور تسلمه مقاليد السلطة.