دعا وزير النفط سفيان العلاو المواطنين من خلال الإعلام الرسمي الشهر الماضي إلى البدء في صرف قسائم المازوت المدعومة التي بحوزتهم منذ الآن قبل حلول فصل الشتاء والوقوع في اختناقات.
ويبدو أن العلاو كان يتوقع مسبقا حدوث تلك الاختناقات، خصوصا أنه أشار إلى أن الناس لا يحصلون على المازوت حاليا والمخازين في ذروتها، وإذا أضفنا تصريح وزير النفط إلى بعض التصريحات الحكومية المنشورة في الصحف الرسمية من أن الصعوبات التي تواجه سورية الآن تكمن في زيادة كميات المازوت المخزنة والمتعاقد عليها للاستيراد عن الحاجة الفعلية في ضوء انخفاض الطلب الكبير على هذه المادة بعد رفع أسعارها، سنكتشف أننا كمواطنين نظلم الحكومة ونتجنى عليها، وأما المسكينة، فتبذل جهدها في دعوتنا لملء خزاناتنا الضخمة بالمازوت.
ويبدو أنه وعندما اكتشف المواطن المكتفي من مادة المازوت أنه لن يستطيع وضع أكثر من خزان على سطح منزله، ونظرا لعدم حاجته، وترفه الواضح، فقد قرر هو وكثر مثله إلى بيع هذه القسائم على أساس أن «الكاش» أحسن من قسيمة قد ينتهي مفعولها في الشهر الرابع قبل أن يستخدمها، فنشطت تجارة قسائم المازوت بشكل واضح وشبه معلن مع الاستعداد لفصل الشتاء «والذي من المتوقع أن يأتي قاسيا».
ففي الوقت الذي تم فيه توزيع دفتر قسائم المازوت الذي يخول صاحبه شراء 1000 ليتر بالسعر المدعوم (تسع ليرات) بيع وقتها للتجار والباعة الجوالين بمبالغ «ما بينحكى فيها» ما بين 4000 و6000 ليرة، بينما وصل سعره حاليا إلى ما بين 14 إلى 18 ألف ليرة.
بالأرقام والدلائل
وفقا للبيانات الرسمية لفروع الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (المحروقات) فقد تسلمت منذ بداية شهر مايو ولغاية نهاية شهر أغسطس الماضي نحو 11.276 مليون قسيمة أي بمتوسط شهري يبلغ نحو 2.819 مليون قسيمة، وبنسبة تصل الى 26.74% من إجمالي عدد القسائم الموزعة في جميع أنحاء محافظات القطر إلى تاريخه والتي تبلغ تبعا لبيانات وزارة الداخلية نحو 42.171 مليون قسيمة.
وللمسألة وجهان ولكن ليس لعملة واحدة، فمن البديهي أن النسبة السابقة قد يعتبرها البعض من المعنيين في شركة المحروقات ومحطات الوقود نسبة إيجابية، إن لم نقل مشجعة، ولكن ومن جهة ثانية، لابد من أن تكون الفكرة البديهية التي خطرت في البال أن هذه النسبة «الكبيرة نوعا ما» إنما بيعت في موسم الصيف أي في أقل الفترات استهلاكا للمازوت، وماذا يعني ذلك؟
المعنى الوحيد والمنطقي أن من صرف تلك القسائم هم التجار الذين استغلوا حاجة الناس البسطاء، وليس المواطن المحتاج فعلا للمازوت، فهل يحق لنا أن نسأل عما لو كان من الأفضل لو أن الحكومة أخذت على عاتقها إعطاء المواطن فترة الشتاء كاملة لصرف مستحقاتهم من المازوت، وهل من يجيب المواطن نفسه، عندما سيدق البرد القارس جميع الأبواب، كيف سيستطيع أن يدفئ عائلته وأولاده والأكيد أن حرارة الحب والإيمان لن تفي بالغرض هذه المرة.
تزوير وضبوط
ضمن المعلومات المصرح بها للصحف الرسمية، فقد أشارت الجهات المعنية إلى أنها ضبطت لغاية الشهر الماضي ما يقرب من 222 دفتر قسائم مزورة (والدفتر يضم 10 قسائم وبكمية مازوت قدرها 1000 ليتر) و248 قسيمة مزورة من فئة الـ 100 ليتر (أي أن عدد القسائم المزورة يصل إلى نحو 2468 قسيمة من فئة ال 100 ليتر» بمجموع كميات مازوت كانت ستصرف بموجبها تبلغ 249.2 ألف ليتر وبقيمة مالية تصل إلى نحو 6.230 مليون ليرة سورية، حيث تم توقيف 65 شخصا حتى تاريخه وآلات طباعية وتصوير وأحبار خاصة لإزالة الأختام..الخ.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )