لندن ـ عاصم علي
دعا وزير الخارجية البريطانية ديڤيد ميليباند زعماء العالم العربي للانخراط في العملية السلمية كليا وعدم الوقوف مكتوفي الايدي لأن الفلسطينيين وحدهم «لا يمكنهم تقديم ما يمنح اسرائيل احساسا بأن امنها مضمون».
واشار في كلمة ألقاها في أبوظبي في مؤتمر الطاقة السنوي الرابع عشر وحصلت «الأنباء» في لندن على نسخة كاملة منها الى بدايات انخراط بريطانيا في هذه المنطقة والتي تعود الى القرن الثامن عشر بسبب التجارة والحاجة لحماية مياه الخليج.
موضحا أن «ذلك سرعان ما تبعه حتما الانخراط السياسي، حيث آن أمن البحر كان يتطلب تحقيق الاستقرار على البر.
وما بدأ بعدد محدود من الاتفاقيات الثنائية في أوائل القرن التاسع عشر أدى لأن تصبح بريطانيا قوة خارجية مسيطرة هنا في نهاية الحرب العالمية الأولى».
وفيما يشبه التبرؤ من التاريخ البريطاني الاستعماري قال ميليباتد «إنني مدرك تماما أن تاريخنا الاستعماري، وفق معايير اليوم، ليس تاريخ تحرير أو حرية، وليس تاريخ تنمية اجتماعية واقتصادية سريعة، وليس تاريخ شراكة.
ليس باستطاعتنا أن نعكس دوران عقارب الزمن ونتمنى لو أنه لم يكن لنا دور في الانتداب في فلسطين أو توابع ذلك الدور.
ويوجد هنا في الخليج من شعروا بأننا نتخلى عنهم عندما أعلنا، في عام 1968، عن عزمنا على الانسحاب من معاهدات الحماية الموقعة مع دول الخليج».
وفي العراق ورغم التقدم الذي تم إحرازه في الوقت الراهن اعترف بأن «هناك أخطاء كبيرة قد ارتكبت. لكن هناك بالطبع قصة إيجابية علينا ألا ننساها» معددا أزمة البريمي في عام 1955-1956، وجهود القوات البريطانية للدفاع عن سلطنة عمان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
والمساعدة في صد «غزو عراقي للكويت عام 1961، وساهمنا لاحقا في تحريرها عام 1991.
وعن عملية السلام أكد ميليباند «أن مشاكل المنطقة مرتبطة ببعضها البعض. واستنتاجي هو أن السلام الوحيد سيكون سلاما شاملا: سلام تكون دولة فلسطينية مستقلة في صميمه، لكن يدعمها سلام أوسع بين إسرائيل وسائر دول العالم العربي».
موضحا ان ذلك يعني «تسوية تضم 23 دولة ـ 22 دولة في جامعة الدول العربية إلى جانب إسرائيل.
إنني على قناعة بأن مثل هذا السلام هو أفضل أمل لنا، إن لم يكن أملنا الوحيد.
ذلك لأن القيادة الفلسطينية بحاجة لدعم الدول العربية لأجل أن تتوصل إلى اتفاق وتنفذه. ولأن فقط من خلال عملية يتوصل للاتفاق عليها العرب تصبح المصالحة الفلسطينية ممكنة.
ولأن الفلسطينيين وحدهم ليس لديهم بكل بساطة ما يكفي ليقدموه لإسرائيل لأجل التوصل إلى اتفاق. فالجائزة الحقيقية، بل الوحيدة، بالنسبة لإسرائيل هي إحساسها بأن أمنها في المنطقة مضمون.
ودعا القادة العرب لأن يكونوا «جزءا من المشاركين الإيجابيين في عملية سلام متجددة وشاملة، أن يكونوا مشاركين فاعلين لديهم مصالح وعليهم مسؤوليات، لا ليكونوا بديلين عن المتفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن كذلك لا ليقفوا متفرجين مكتوفي الأيدي»
وجدد وزير الخارجية البريطاني اعتباره «إن عام 2009 هو فرصة هامة جدا.
لأنه من الواضح أن جهود المجتمع الدولي غير قادرة على تحقيق النجاح، فالأوضاع على أرض الواقع في تدهور.
في إسرائيل يتحدث كبار الشخصيات الإسرائيلية الآن، عن مبادرة السلام العربية: ليس فقط كاتفاق مفصل إما يؤخذ به أو لا، بل كمفهوم الأرض مقابل الأمن الذي يمكن فقط للتطبيع أن يبدأ بتحقيقه.
وفي الملف الايراني رأى «ان امتلاك إيران للأسلحة النووية سيكون ضربة قاضية ضد الساعين للترويج للحلول البراغماتية والسلمية لمشاكل المنطقة.
وسباق التسلح النووي الذي سينجم عن ذلك سيكون خطيرا للغاية. وامتلاك الأسلحة النووية سيقوي مكانة طهران في المنطقة، ويعزز محاولاتها لإيقاد الفرقة ونشر حالة عدم الاستقرار بثقة كبرى».
واكد حرص بلاده للعمل مع دول الخليج بشأن هذا الموضوع، داعيا اياها الى «اتخاذ تدابير أخرى أكثر تقييدا تكون في جزء منها قيودا مالية، ولكنها تتضمن كذلك على سبيل المثال منع عمليات التهريب أو تضييق ضوابط تصدير البضائع التي يمكن أن تكون مساندة للأسلحة النووية».
وقال «هناك الكثير مما يمكن للدول العربية القيام به لدحض مزاعم طهران بأن سعيها لتحقيق سيطرة كبرى في المنطقة وبرنامجها النووي يحظيان بتأييد ضمني في جميع أنحاء المنطقة. وختم «عام 2009 هو العام الذي يتعين علينا خلاله أن نتعاون مع بعضنا البعض بشأن هذه القضايا».