في جلسة حاسمة وبعد مباحثات ماراثونية استمرت عدة ايام صوت مجلس النواب العراقي امس بالاغلبية الساحقة للاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة وسط اعتراضات واحتجاجات وهتافات نواب التيار الصدري: كلا كلا للاتفاقية، كلا كلا للباطل. وحصلت الاتفاقية على اجماع جميع الكتل البرلمانية الثلاث الكبرى (الائتلاف العراقي الموحد الشيعية، والتحالف الكردستاني، وجبهة التوافق السنية) وصوت لصالحها 149 نائبا من اصل 198 حضروا الجلسة التي شهدت احتجاجا شديدا من قبل الكتلة الصدرية
واستهلت جلسة الامس بالتصويت على مشروع الاصلاح السياسي الذي تم اعتماده كقانون بعد التصويت عليه باغلبية 149 نائبا.
اللحظات الأخيرة
وجاء التصويت لمصلحة الاتفاقية اثر مباحثات مكثفة في اللحظات الاخيرة حاولت التوفيق بين وثيقتين الاولى قدمتها جبهة التوافق السنية تحت اسم «وثيقة الاصلاح السياسي» واخرى للائتلاف الشيعي تحت عنوان «الاصلاح الوطني» الامر الذي اجل جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة صباحا لمدة خمس ساعات حيث تم الاتفاق على صيغة توافقية للوثيقة الثانية التي كانت بحثت مع مجلس الرئاسة العراقية.
وكان الائتلاف الشيعي الحاكم قد رفض بشدة بتأييد من التحالف الكردستاني في وقت سابق امس الغاء اجتثاث البعث والمحكمة الجنائية مؤكدا ان ذلك مخالف للدستور العراقي الذي اعتبر حزب البعث وافكاره فاشية كما نص على تشكيل المحكمة لمقاضاة اركان النظام البائد عن الجرائم التي ارتكبها.
وضمت وثيقة الاصلاح السياسي بنودا دعت الحكومة العراقية لمراجعة حصانة الجنود الاميركان مع الحكومة الاميركية والتزام التداول السلمي للسلطة والحرص على الديموقراطية ووحدة البلاد والعمل لاستعادة سيادة الدولة كاملة واخراج العراق من عقوبات الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة.
المعتقلون والاستفتاء
نصت كذلك على اطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لم يرتكبوا جرائم والغاء جميع التشكيلات غير الدستورية والتحقيق في ملفات حقوق الانسان.
واكدت على رعاية مجالس الصحوات واستيعابها في مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية وعدم ملاحقة افرادها الا الذين ارتكبوا جرائم وكذلك استيعاب العناصر التي القت السلاح او التي ترغب في القائه في جهود المصالحة الوطنية والانخراط في العملية السياسية.
كما تضمنت وثيقة الاصلاح السياسي بندا ينص على اجراء استفتاء شعبي حول الاتفاقية في 30 يوليو المقبل.
وفي حال رفض الشعب العراقي الاتفاقية سيكون على الحكومة اما الغاءها واما التفاوض عليها من جديد وبعد إقرار الاتفاقية من مجلس النواب فإنه يجب الآن المصادقة عليها من قبل جميع اعضاء مجلس الرئاسة والذي يتكون من الرئيس جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي القيادي في الائتلاف الشيعي وطارق الهاشمي القيادي في جبهة التوافق السنية اذ ان مجرد رفض احدهم لها سيعيدها مرة اخرى الى مجلس النواب.
من جانبه أكد المتحدث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي أحمد المسعودي أن الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة غير شرعية، وغير ملزمة لأبناء الشعب العراقي بل للذين صوتوا عليها.
وقال المسعودي «إننا نرفض هذه الاتفاقية من الناحية القانونية والدستورية لمخالفتها اتفاقية ڤيينا للمعاهدات الدولية لعام 1969، ولمخالفتها شروط صحة عقد المعاهدات والاتفاقيات بين الدول».
وأضاف أن اليوم تبدأ مرحلة الانتداب وليس الانسحاب، وتعريض مصالح الشعب للخطر الحقيقي الذي يمثله الاحتلال في العراق حتى يوم الانسحاب الموافق 31 ديسمبر 2011، معتبرا أن هذا التاريخ خدعة سيكتشفها الشعب العراقي فيما بعد بعقد اتفاقيات أخرى.
وأشار المتحدث باسم الكتلة الصدرية إلى أنه تم التصويت على الاتفاقية الأمنية بالضغط على أعضاء مجلس النواب بالتزامن مع دعم قوى الإرهاب اشاعة أجواء من الخوف بين صفوف الشعب العراقي، مشيرا إلى أن الاتفاقية الأمنية قد أقرت بطريقة مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية وللدستور العراقي.
ترحيب أميركي
وفي اول رد فعل لها رحبت الولايات المتحدة بمصادقة مجلس النواب على الاتفاقية وافاد بيان مشترك صادر عن السفير راين كروكر والجنرال اوديرنو «ترحيب الولايات المتحدة بموافقة مجلس النواب العراقي على اتفاقية الاطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، كما نتطلع الى تصديق مجلس الرئاسة العراقي على هذا التصويت».
ووجه الرئيس الاميركي جورج بوش «تهنئة» الى العراقيين اثر اقرار البرلمان الاتفاقية، قائلا ان «التصويت الذي حصل يؤكد على تطور الديموقراطية في العراق وقدرته المتنامية على ضمان امنه بقدراته الذاتية».