هدى العبود ـ عمر حبنجر
استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، امس رئيس «التيار الوطني الحر» ميشال عون، فور وصوله إلى دمشق في مستهل زيارة غير مسبوقة له إلى سورية، تستمر أياما.
عون وصل الى مطار دمشق الدولي على متن «الطائرة الخاصة للرئيس بشار الأسد»، كما ذكر الموقع الالكتروني للتيار الوطني الحر.
وكان في استقباله على ارض المطار نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، قبل ان ينتقل الى قصر المهاجرين للقاء الرئيس بشار الأسد بحيث تخطت الخلوة موعدها لتتجاوز الساعة.
وبعد اللقاء عقد عون مؤتمرا صحافيا مطولا أكد خلاله ان ما كان يعتقد أنه محرم أصبح حلالا وحلالا جدا، مشيرا بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد الى «الجرأة في مواجهة الماضي وليس الهروب منه ولن نمحوه من ذاكرتنا حتى لا نكرر الأخطاء، مشددا على ان الحديث مع الأسد كان واضحا والمواضيع طرحت بصراحة لأننا نريد بناء المستقبل وليس الهروب من الماضي، مسميا اللقاء بـ «عملية القلب المفتوح» لتنقية الوجدانين اللبناني والسوري لأن «الماضي فيه أشياء أليمة ولكن المستقبل زاهر».
وفي موضوع المفقودين أكد ان هناك لجانا تعمل، وان البحث مع الأسد تطرق لهذا الموضوع، معتبرا «ان اللجان ستتوصل الى نتيجة، لأن هناك بحثا عن الأسماء الموجودة على اللوائح وماذا حدث بها، وان شاء الله يعلن عن النتائج في هذا الموضوع ولا تطول النتائج».
وأشار عون الى ان مواضيع البحث كانت كثيرة، معتبرا ان «الفرق كبير والظروف تغيرت اليوم والتقييم تغير كما ان المسؤولين تغيروا».
واضاف عون «نحن لسنا مستنسخين عن بعضنا والأحداث ليست مستنسخة، كل الظروف تغيرت اليوم واليوم لسنا بصدد بحث تحليلي ماذا حدث في الماضي ولكن المرحلة نتركها لحكم التاريخ».
وأعرب عون عن إرادة طيبة بين الدولتين لمواجهة مشاكل المنطقة، مادام هناك وعي وعقل يتحكم فسنصل حكما الى حل لكل المشاكل السابقة، مضيفا «أنا لست وزيرا او رئيس جمهورية ولكن هذا استطلاع واستشراف للمستقبل، اذا انا خرجت مرتاحا والأسد خرج مرتاحا من اللقاء كل واحد يستطيع أن يطمئن شعبه».
وفي قضية التوطين شدد عون على «ان المبادئ تنطلق من حق العودة للفلسطينيين، منتقدا بعض الدول التي تحاول التسوية على حق العودة، مؤكدا على التمسك بهذا الحق، مشددا «على ان أي تسوية أخرى ستحدث اذا قبل بها الفلسطينيون لن تكون على حساب الدول التي تحملت أعباء 60 سنة، بل على حساب الدول التي أوجدت المشكلة».
من جهة ثانية رفض عون ان تسمى «العلاقة القديمة» له مع سورية بـ «العداوة»، مسميا هذه العلاقة بالخلاف والخصومة الذي من الممكن ان يحصل في اي وقت وبين اي فريقين، معتبرا انه «حتى الحرب التي فيها مهزوم ومنتصر تنتهي بتفاوض كيف اذا كنا نفتح صفحة جديدة ليس فيها مهزوم ولا منتصر، اليوم، وان الماضي انقلب صفحة بيضاء وطبعا نريد أن نزيد هذا البياض مع الأيام».
واضاف «نتائج الزيارة هي التي تقيمها اذا كانت تبعية أو استقلالية أو فيها ندية، متوجها لمنتقدي هذه الزيارة التاريخية بالقول: «الطائرة التي تطير على ارتفاع 60 كلم لا تهتم بالصواريخ التي تنفجر على علو 40 كلم».
وبالنسبة لمسألة مزارع شبعا لفت عون الى انها «ليست إشكالية فسورية قالت ان المزارع لبنانية، ولكن الاختلاف على توقيت الترسيم، فالأمم المتحدة تطالب بترسيمها الآن، متسائلا مثلما رسموها حاليا هل احترموا رأي سورية ولبنان؟ مشيرا الى انه في حال «الاختلاف على شبر في الترسيم لا سورية ستحتج ولا لبنان سيحتج، والأمم المتحدة تملك خرائط ويمكنها الاعتراف اذا أرادت».
وفي الموضوع الانتخابي أكد عون ان سورية لن تتدخل في الانتخابات اللبنانية، لأنها تشجع على اجراء الانتخابات في لبنان فهي لا توزع خدمات صحية او مدرسية.
واضاف عون «قد أخسر بعض الأصوات من الزيارة وأربح غيرهم، ولكن هذا ليس الهدف من الزيارة، عندما حوصرنا من البحر والجو ألم يشعروا أن فقط حدود سورية بقيت مفتوحة، فليفكروا اذا أرادوا في حدود مصلحية ضيقة أين مدخل لبنان الى الدول العربية، يجب أن نكون واقعيين ومنطقيين».
واعتبر ان المال كان له تأثير في كل عهود التاريخ من أيام النبي موسى ثم السيد المسيح، منبها أن الإنسان لا يستطيع ان يخدم اثنين: المال والله، وان هناك سقوطا للمجتمعات بالمال، والمجتمع المستهدف حاليا والمسيحيون بصورة خاصة لن يسقطوا بالمال لأنهم يعتقدون أن السيد المسيح صلب وقام ولكن لبنان اذا صلبوه وقتلوه لن يقوم.
وردا على سؤال عن اعتذار سوري للبنانيين على كل السنوات الماضية التي حكم فيها الجيش السوري لبنان أجاب عون: هل اعتذر الموجودون في بيروت الذين كانوا شركاء في مرحلة معينة لما حصل والهجومات والاتهامات الدائمة لسورية، ويجب أن يعتذر الموجودون في بيروت، أولا نبدأ من بيروت ثم نصل الى الشام».
وحول العلاقات مع الولايات المتحدة، اعتبر عون انها مثل الطقس المتقلب، لافتا الى ان العداء هو للمواقف الاميركية التي تؤذي لبنان لا الدولة الاميركية، وإذا كان هناك تغيير كما أعلن الرئيس الجديد باراك أوباما عن تغيير استراتيجي للأهداف والاستعداد لبناء علاقات مع الدول الصغيرة، نحن على استعداد للتعامل مع اي توجه لمصلحة المنطقة في حال احترام «مصالحنا واستقلالنا» اما اذا استمروا على أهدافهم القديمة، فـ «نحن لن نخسر بل سنربح على أرضنا ولكن جماعة أميركا هم الذين سيخسرون عندما ينتهي رأسمالهم».
وختم العماد عون، مطمئنا المسيحيين و«ليس الموارنة فقط» ان المسيحية المشرقية التي نريدها هي أن تستيقظ على جذورها الأصيلة وليس كما حاول البعض ان يصورها.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )