وصف مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة على مدى السنوات الخمس الماضية لكبح طموحات إيران النووية بأنها «فاشلة» لأن طهران تقترب أكثر فأكثر من امتلاك التقنية اللازمة لتطوير السلاح الذري.
ونسبت صحيفة «لوس أنجيليس تايمز» الى البرادعي امس قوله «لم نتقدم إنشا واحدا في اتجاه حل هذه المسألة واعتقد أن السياسة المعتمدة فاشلة حتى اللحظة».
وحض البرادعي في مقابلة خاصة للصحيفة نشرت امس زعماء العالم على تبني معالجة أوسع نطاقا للمشاكل الأمنية والفقر والظلم في العالم بدلا من الاكتفاء بالتركيز على مشاكل ضيقة كالأسلحة النووية.
وقال «الآن أتكلم أكثر عن الفقر ومتلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وغيرها من الأمور، أما القضية النووية فليست إلا غيضا من فيض»، معتبرا أن السبيل الأفضل لتجنب انتشار السلاح النووي هو بناء ثقة دولية.
وأضاف «لا يجب أن يرتكز النظام على القول بأنني الأقوى عسكريا بل على مقولة ما الذي أقدمه للحضارة في العالم» واعتبر أن تشديد العقوبات على إيران ربما أدى إلى مزيد من التصلب في موقفها مشيرا إلى أن «عددا كبيرا من الإيرانيين ممن لا يحبون النظام يتكتلون حوله الآن لأنهم يشعرون بأن بلادهم تحت الحصار».
وأبدى البرادعي تفاؤله لاحتمال إقامة تسوية بين طهران والغرب لافتا الى أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما أوحى له «بآمال كثيرة» بعدما أدخل اقتراحا لحظر كل الأسلحة النووية على منصة الحزب الديموقراطي ودعا إلى فتح قنوات للحوار الديبلوماسي مع خصوم الولايات المتحدة.
وأضاف «انه (أوباما) مستعد للتحدث الى خصومه وأعدائه بمن فيهم إيران وكوريا (الشمالية)» وهذا ما رفضته إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش.
«فالاستمرار في الضرب على الطاولة والقول (أنا لا أريد التحدث اليك) والتعالي والفوقية تزيد من المشكلة».
ورأى أن احد الحلول الديبلوماسية الممكنة لملف إيران النووي هو أن يلتقي زعماء البلدين وأن يبحثوا ليس في الملفات النووية فحسب بل في كل المظالم الممتدة حتى الخمسينيات من القرن الماضي عندما ساهمت الولايات المتحدة في الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديموقراطيا وصولا إلى اليوم مع تنازع الأميركيين والإيرانيين على السيادة والتفوق في ساحات المعارك في الشرق الأوسط.
ودعا الى عقد «صفقة كبرى» بين الغرب وإيران من خلال الاعتراف بدور طهران في المنطقة وإعطائها «القوة والهيبة والتأثير» الذي تتوق إليه.
وقال انه كمصري أمضى غالبية سنوات عمله في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتصارع مع الطموحات النووية لكل من إيران والعراق وكوريا وليبيا قد بات يفهم بشكل فريد «الأمراض العقلية» للشرق أوسطيين.
وتابع: صرت قادرا على التواصل معهم بلغاتهم الخاصة وأفهم بعض أساطيرهم كنظرية المؤامرة والشعور بأنهم في موقع الضحية.
وتجاهل البرادعي في حديثه إلى الصحيفة وصف بعض المحللين الغربيين لإيران كدولة شر تتوق لشن حرب على إسرائيل.
وقال «عندما ازور إيران أرى أن فيها مشارب وألوانا مختلفة من الملحدين إلى المتزمتين دينيا ولذلك اقول ان ايران لا تختلف عن أي دولة أخرى وأعني أنهم على تواصل مع باقي العالم».
وفاز محمد مصطفى البرادعي بجائزة نوبل للسلام عام 2005 ويبلغ من العمر 66 عاما.
وتنتهي ولايته في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام المقبل وينوي بعدها العيش في جنوب فرنسا حيث اشترى منزلا مؤخرا.