بيروت ـ عمر حبنجر
جديد مؤتمر الحوار الوطني الثالث الذي انعقد في بيروت امس، تشديد الاقطاب الاربعة عشر على متابعة سياسة التهدئة الراهنة، وتجنب التشنج، وتشكيل لجنة من اهل الاختصاص لدراسة التصورات المطروحة من اقطاب الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، لاستنباط القواسم المشتركة وتقديمها للمؤتمر في دورته الرابعة قبل ظهر الثاني والعشرين من يناير المقبل.
وشارك في المؤتمر الذي ترأسه الرئيس ميشال سليمان في القصر الجمهوري كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة والرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل للاستراتيجية الدفاعية ورئيس التيار الوطني الحر ميشال عون ورئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة، ممثل حزب الله، محمد رعد والوزير محمد الصفدي ورئيس الكتلة الشعبية الياس السكاف والنواب وليد جنبلاط وبطرس حرب وغسان تويني.
وكان واضحا حتى قبيل انعقاد الجلسة انها لن تختلف من حيث النتائج عن سابقتيها، في ضوء اعراب النائب جنبلاط عن قناعته بأن اقرار الاستراتيجية الدفاعية سيتأخر، مقترحا صب الاهتمام الآن على السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، اي التابع للجهات السورية.
وترتبط عمليات تأجيل الامور الشائكة بالانتخابات النيابية في الربيع والى حد ما بانطلاق المحكمة الدولية في مارس، وقد حرك طرح سمير جعع لتصوره النقاش داخل الجلسة، فيما تعذر على النائب بطرس حرب طرح تصوره هو الآخر بسبب ضيق الوقت، وارجأ ذلك الى الدورة الرابعة المقبلة.
حرب: الوطن أهم من مزارع شبعا
وفي المعلومات ان تصوري حرب وجعجع انتهيا الى خلاصات واهداف واحدة، وان صاغ كل منها افكاره بمقاربة مختلفة.
ويدعو تصور حرب الذي لم يتقدم به امس للعودة الى المبادئ الاساسية التي يقوم عليها اتفاق الطائف والميثاق الوطني والنظام الداخلي اللبناني ويحث على الانطلاق من هذه المبادئ لتحديد السياسة الدفاعية، محذرا من ان الاستمرار في طرح نظريات جديدة غير مقبولة محليا ودوليا يشكل خطر انقلاب جديد أو تفجير جديد للوضع ويؤدي بالتالي الى سقوط الدولة.
ويؤكد حرب في تصوره المؤجل الاعلان عن ان الوطن اهم من مزارع شبعا، وانه لابد من العودة الى القواعد والاصول والمنطق العملاني للمحافظة على الدولة والوحدة.
جعجع والطراز السويسري
اما تصور جعجع فيقع في عشر صفحات، وهو يتلاقى مع النائب حرب في اعلاء منطق الدولة، وهو يستند الى ضرورة حصر السلاح في يد الجيش والقوى الامنية عملا باتفاق الطائف واعتماد نظام دفاعي شبيه بالنظام السويسري، حيث تكون المقاومة الشعبية تحت سيطرة الدولة، وبإشرافها وبقرار منها، ويشدد على الالتزام بالقرارات الدولية واقامة استراتيجية دفاعية تتلاءم مع قدرات لبنان الاقتصادية والمالية وضرورة تفعيل دور الجيش، لاسيما الوحدات الخاصة مع تعزيزه عتادا وعديدا.
وقال جعجع لصحيفة «السفير»: ان ما قدمه ليس رد فعل ولا انتصارا لمبدأ ايديولوجي معين، كما انه ليس نصا جامدا، أو نهائيا، بل مجموعة افكار مطروحة للتداول من اجل التوافق حولها.
واضاف انه اخذ من سويسرا النموذج الدولي ومن حزب الله النموذج العملاني الذي مضى على تطبيقه اكثر من 25 سنة، معتبرا ان التحدي يتمثل في المطابقة والمواءمة بين النموذجين، مشددا على انه لا تجوز مقاربة اي استراتيجية من الفراغ، بل يجب ان تنطلق من ظروف الدولة المعنية بها، وخصائصها.
البيان الرسمي للمؤتمر
كما تابع المتحاورون مناقشة موضوع الاستراتيجية الدفاعية وفي نتيجة المداولات توافق المجتمعون على الامور الآتية:
التزام نهج التهدئة السياسية والإعلامية (على مستوى فرقاء الداخل وفي اتجاه الدول الشقيقة والصديقة والمسؤولين فيها)، بما يخدم مقتضيات السلم الاهلي ومصالح لبنان العليا.
الاعراب عن التضامن السياسي مع غزة وشعبها في مواجهة الحصار الاسرائيلي اللاانساني الذي تتعرض له.
التنبه الى المخاطر التي تنجم عن تطورات الظروف الاقليمية.
المضي في السعي لتحقيق المزيد من المصالحات وتعزيز فرص نجاح الحوار.
استكمال البحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية الوطنية (ضمن المهل المناسبة) والعمل من خلال لجنة من الخبراء المنتدبين على ايجاد خلاصات وقواسم مشتركة بين مختلف الطروحات.
تحديد الساعة الحادية عشرة من نهار الخميس 22/1/2008 موعدا للجلسة الرابعة في قصر بعبدا.
كما اغتنم الرئيس ميشال سليمان هذه المناسبة ليتوجه بأطيب تمنياته الى فرقاء الحوار والى الشعب اللبناني بمناسبة الاعياد، معربا عن امله في ان تعم مناخات التوافق والسلام على كل الأراضي اللبنانية.
النائب فرعون ومرجعية القرار
بدوره دعا نائب بيروت ميشال فرعون، المتحاورين الى حسم مرجعية قرار الحرب والسلم اولا وقبل اي شيء آخر، خصوصا ان الصراعات الاقليمية مازالت طاغية ولا يتحمل لبنان دفع اي ثمن لسلبياتها.
كما اكد على دعم الحكومة في تنفيذ قرار مؤتمر الحوار السابق حول السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وكذلك على صعيد تحديد مزارع شبعا، بعد ارسال سورية خرائط الجولان.
وحول اعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن افتتاح السفارة السورية بعد عيد الميلاد مباشرة، قال ان هذا الأمر مشجع، لكن هناك ملفين مهمين ايضا، ملف المعتقلين وملف السلاح الفلسطيني.
النائب محمد رعد، ممثل حزب الله قال قبل انعقاد الحوار انه متشوق لسماع ما سيقوله جعجع ودون احكام مسبقة.
وقال رعد نحن جاهزون، ولكن قد لا يكون اليوم الوقت المناسب لنفتح محفظة افكارنا حتى تكتمل مروحة المشاريع المقترحة من اقطاب طاولة الحوار.
رعد: في تصور جعجع أمور جيدة
قال جعجع وبعد انتهاء جلسة الحوار ردا على اسئلة الصحافيين حول رد فعل حزب الله على تصوره للاستراتيجية الدفاعية، ان النائب محمد رعد ممثل الحزب، اعتبر في مداخلته ان هذه الورقة تم العمل عليها وهي تحتوي على امور جيدة، لكن يتعين ان تدرس من قبل الحزب، ليعطي رأيه فيها في الجلسة المقبلة.
من جهته، النائب رعد قال انه تقرر تشكيل لجنة لدراسة التقاطعات التي قدمت منذ الجلسة الأولى حتى الساعة.
بطرس حرب بعد الجلسة
أما النائب بطرس حرب فقد برر الارجاء الى مدة شهر بالرغبة في متابعة بحث الاستراتيجية الدفاعية، كاشفا عن ان الوقت لم يتسع لتقديم تصوره الخاص بهذا الشأن، بعدما تقدم د.سمير جعجع بتصوره، ودار نقاش طويل قبل تقديم الطرح وبعده، حول الظروف الاقليمية والدولية، والعسكرية في المنطقة، مما استدعى وضع تصوري الشخصي على جدول اعمال الجلسة التالية في 22 يناير.
واوضح ان لجنة الفنيين التي تقرر تشكيلها لجمع وتنسيق الافكار المطروحة منعا للتناقض وللخروج بتصور موحد على اساس القواسم المشتركة ستضم ممثلين متخصصين عن اصحاب الطروحات، تحت ادارة رئيس الجمهورية.
وقال ان المجتمعين قرروا بالاجماع الدعوة الى التهدئة، وتجنب اي سجال خارج النطاق الديموقراطي بمعنى عدم العودة الى تهييج الرأي العام.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )