بيروت ـ عمر حبنجر
بدا لبنان امس كدأبه دائما الاكثر تأثرا بالتطورات العربية، والاسرع تفاعلا مع مقتضيات الترحيب او الاستنكار، وعلى هذا لم يكن مفاجئا خروج المتظاهرين الى شوارع المدن والمخيمات لاستنكار الغزوة الجوية الاسرائيلية الوحشية لمدينة غزة، معطوفا على حملة سياسية غير مسبوقة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ضد الموقف المصري من هذه الاحداث، مقرونة بالدعوة الى انتفاضة شعبية وعسكرية مصرية، والمسبوقة ببعض أعمال الشغب أمام مبنى السفارة المصرية في منطقة بئر حسن.
القيادات الأمنية
وعلى الرغم من الحرص البالغ على عدم تكرار ما حصل من مصادمات بين قوى الامن والمتظاهرين الذين تجمعوا حول مبنى السفارة فإن القيادات الامنية ضاعفت من اجراءاتها حول السفارة المصرية امس تحسبا لاختراق صفوفها من جانب المتظاهرين الذين دعاهم نصرالله الى الاحتشاد في ملعب الراية بالضاحية، فأخليت الشوارع الرئيسية المحتمل مرور المتظاهرين بها من السيارات وانتشرت قوات التدخل ومكافحة الشغب في مختلف المفارق.
وقد ساعد لقاء عقده رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ليل الاحد ـ الاثنين في عين التينة في بلورة مناخ ايجابي كابح للانفعالات المحتملة.
وتزامن مع ذلك انعقاد هيئة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني في لقاء تنسيقي بالسراي الكبير جرى خلاله البحث في كيفية توصيل المساعدات الى الشعب الفلسطيني في غزة.
وشارك في هذا اللقاء الذي افتتحه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ممثل منظمة التحرير عباس زكي وممثل حماس في لبنان اسامة حمدان ورئيس بعثة الاتحاد الاوروبي باتريك لوران وممثل «الانروا» والمنظمات المعنية، واتفق فيه على حصر التحركات الشعبية داخل المخيمات، وان يلتقي ممثلو هذه الفصائل بالرئيس ميشال سليمان في بعبدا لوضعه في اجواء تحركهم.
وكان الرئيس سليمان استقبل سفير فرنسا اندريه باران وبحث معه امكانية الضغط الفرنسي على اسرائيل لوقف الغارات عن غزة، كما بحث معه في زيارة الرئيس ساركوزي الى لبنان في السادس من يناير المقبل.
بدوره، اجرى الرئيس فؤاد السنيورة اتصالا بوزير خارجية اسبانيا ميغل انغل موراتينوس للغاية عينها اعتقادا ان لبلاده كلمة تقولها للاسرائيليين.
خطاب جماهيري
من جهة أخرى أطل أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أمس على مئات الآلاف من الجماهير التي لبت نداءه استنكارا لما تتعرض له غزة وفلسطين المحتلة.
وأكد أن «تلبية الجماهير للمظاهرة في ملعب الراية تنديدا بالاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني هي تلبية طبيعية ومنسجمة مع حاضر وتاريخ جمهور المقاومة لأنها تعبير عن الواجب ولأنها صرخة لكل العالم الذي يجب أن يفهم أن غزة ليست وحدها وفلسطين ستبقى في وجدان هذه الأمة وان عشرات السنين ووسائل الإعلام المخذلة وتراجع النخب السياسية التي تتدعي العلم لا يمكن أن يسقط فلسطين من عقل وقلب الأمة»، مؤكدا ان «الزمن لا يمكن أن يجعل الحق باطلا والباطل حقا، ومن يقف مع فلسطين يقف مع الحق وستبقى إسرائيل هي الباطل مهما تقدم الزمن».
السيد نصرالله وفي كلمة له امام المتظاهرين في ملعب الراية دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان «كونه رئيسا توافقيا أن يطالب بوقف العدوان على غزة دون قيد أو شرط وأن يبذل جهدا ويلعب دورا مركزيا للدفع باتجاه عقد القمة العربية لأن هناك من يعمل على تعطيل انعقادها»، وقال «كما سمعنا صوت الرئيس الشجاع في مؤتمر الأديان يجب أن يكون صوته مدويا في القمة العربية دفاعا عن الشعب المظلوم في غزة»، واشار الى ان الموقع الرسمي اللبناني يجب أن يكون متضامنا مع غزة وليس متضامنا مع هذا الموقع العربي أو ذلك»، داعيا الحكام العرب للتحرك بسرعة لوقف العدوان على القطاع.
وتوجه السيد نصرالله إلى الشعب الفلسطيني داعيا إياه للتوحد والتماسك والتعاون، مؤكدا انه «مخطئ من يعتقد أن الحرب هي على «حماس» بل هي على الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه»، موضحا أنه «بالنسبة للإدارة الأميركية، ومشروعها في السيطرة على المنطقة لتثبت إسرائيل كقوة مركزية عاتية لا يعنيها من يحكم في بيروت أو بغداد أو أي بلد»، معتبرا أن «المهم لديها هو برنامجها السياسي والموقف من إسرائيل وأميركا وإنهاء مشروع المقاومة الذي يرفض التخلي عن أسير أو عن أرض محتلة او عن السيادة الحقيقية».
وأضاف السيد نصرالله «المستهدف في غزة هو بقية المقاومة والارادة الفلسطينية ولذلك أنا أضم صوتي الى كل أصوات القيادات الفلسطينية التي دعت الى انتفاضة ثالثة في فلسطين والى انتفاضة على صعيد الأمة العربية لأننا نواجه معركة مصير في فلسطين، لذلك ادعو كل الفصائل الفلسطينية الى التوحد والعمل بجد لوقف العدوان دون السماح له أن يحقق أهدافه».
وإذ أشار السيد نصر الله الى أنه «كان يعرف أنه سيقابل بسيل من الاتهامات والشتائم عندما سمى الأشياء بأسمائها بالأمس»، اكد أن الدفاع عن غزة يستحق الانسان أن يقدم دمه فكيف اذا تعرض لبعض الشتائم هذا أقل ما يفعله الانسان»، لافتا الى أنه «كان من الممكن أن نتظاهر امام السفارة المصرية لكننا تجنبنا ذلك»، مشيرا الى «أننا نقوم بتحرك سلمي لتغيير الموقف المصري ولا نعتدي على أحد».
وأكد أن أول شرط لتعزيز صمود المقاومة في غزة هو أن يفتح الباب إليها والموقف الميداني وثبات القيادات العسكرية والسياسية والحضور الميداني للمقاومة والاحتضان الشعبي واستمرار إطلاق الصواريخ، مشيرا الى ان «سلاح الجو الصهيوني سيعجز عن النيل من إطلاق الصواريخ وسيبقى المستوطنون على بعد 20 و40 كلم من غزة في الملاجئ».
جنبلاط لا يصرح
رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط قام بزيارة خاطفة الى بكركي استغرقت خمس دقائق، حيث هنأ البطريرك صفير بالاعياد ورفض التعليق على ما يجري في غزة او على خطاب نصرالله، مكتفيا بالقول انه زار البطريرك للتهنئة بالاعياد.
رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رأى ان ما يجري في غزة اليوم يستصرخ الضمير العربي ازاء الصمت الملتبس للانظمة والحكومات، وطالب بارادة جامعة تفرض موقفا عربيا حازما حيال ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، مشددا على ان ما يحصل هو مسؤولية في اعناق كل العرب.
وسجلت اعتصامات داخل المساجد في بيروت والضاحية الجنوبية وطرابلس وصيدا حدادا على ارواح شهداء غزة، وكذا الحال في النبطية وبعلبك. وفي صيدا، رفعت يافطات وشعارات تحمّل الرئيس المصري حسني مبارك مسؤولية ما يحصل في غزة، وقد انطلقت تظاهرة الى ساحة النجمة في وسط المدينة حيث تم حرق اعلام اميركية واسرائيلية.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )