دخل العراق العام الجديد مستعيدا سيادته القانونية بعد تسلمه للقصر الجمهوري من قوات التحالف التي حكمت هذا البلد منذ الغزو عام 2003.
وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي امس لدى استلام القصر الجمهوري الواقع داخل المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في وسط بغداد ان «الحلم أصبح حقيقة» و«السيادة عادت» الى العراق.
وغداة انتهاء تفويض الأمم المتحدة الذي نظم وجود القوات الاجنبية في هذا البلد، سلمت قوات التحالف اول ايام العام الجديد القصر الجمهوري، ابرز رموز السيادة بعد ان كانت قد شغلته منذ الاجتياح عام 2003.
وأوضح المالكي بعد مراسم رفع العلم العراقي امام القصر انه «قبل عام من هذا التاريخ، كان حلما مجرد التفكير بسحب القوات الأجنبية من العراق».
تحقق الحلم
وأضاف «لكن الحلم أصبح حقيقة بعد ان ألغيت العقوبات وتمت الاتفاقية والأكثر من ذلك هو بدء تنفيذ الاتفاقية».
واعتبارا من يوم امس، ستعمل القوات الأميركية تحت سلطة الحكومة العراقية بموجب اتفاقية امنية وقعتها واشنطن وبغداد في وقت سابق.
وتحدد الاتفاقية مهلة للقوات الأميركية مدتها 3 سنوات لتنسحب من العراق كما تسحب الاتفاقية من القوات الأميركية سلطة احتجاز عراقيين دون صدور امر اعتقال من قاض عراقي وتخضع المتعاقدين وفي بعض الحالات القوات الأميركية للقانون العراقي.
وحصل على هذه الشروط الجديدة للوجود الأميركي المالكي الذي ازدادت ثقته بنفسه وشجعه على ذلك عملية ديموقراطية آخذة في التبلور وانتصارات عسكرية ضد الميليشيات الشيعية وتقدم ضد مقاتلي القاعدة.
وتابع رئيس الوزراء من مقر رئيس النظام العراقي المقبور صدام حسين في غياب اي مسؤول اميركي، ان «القصر عنوان للسيادة العراقية وتسلمه رسالة حقيقية، ان السيادة عادت الينا».
وأضاف «من حقنا اعتبار هذا يوم السيادة وبداية استعادة كل ذرة من ترابه انه عيد وطني كبير تزامن مع مجموعة الأعياد» في اشارة الى أعياد الميلاد ورأس السنة الهجرية والميلادية.
وقال المالكي «من حقنا ان نفرح ونقيم الاحتفالات»، داعيا «مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء الى اعتبار هذا اليوم يوما وطنيا يحتفل به كل عام».
وأضاف انه «سيتم تسلم المسؤولية في المنطقة الخضراء اليوم وهذه رسالة ثانية عن تطور العملية السياسية».
وجرت المراسم في احدى قاعات القصر الجمهوري باشراف وتنظيم عراقيين فقط ولم يكن هناك اي اميركي في المكان.
وحضر المراسم عدد من الوزراء بينهم وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي ومسؤولون آخرون.
واعتبر العبيدي تسلم القصر الجمهوري «دليلا على تحسن الأوضاع الأمنية».
وذكرت مصادر ان الأميركيين غادروا المكان بعد ان انزلوا علمهم اول من امس، مؤكدة ان «المنطقة الخضراء ستكون بإمرة لواء بغداد» بقيادة الفريق عبود قنبر.
وكان القصر الجمهوري مقرا للسفارة الأميركية بعد سقوط بغداد في ابريل 2003.
والقصر من ابرز مباني المنطقة الخضراء الشديدة التحصين التي تضم مقار الحكومة العراقية والسفارتين الأميركية والبريطانية والأمم المتحدة. وستسلم القوات العراقية في وقت لاحق المسؤولية الأمنية في المنطقة الخضراء من قوات التحالف.
وقال اللواء قاسم عطا الناطق باسم عمليات بغداد ان «انسحاب الأميركيين من المنطقة الخضراء سيكون بشكل تدريجي مع بقاء جميع معدات التفتيش في اماكنها، بالتنسيق مع القوات الأميركية».
تسلّم مطار البصرة
بالتزامن سلمت القوات البريطانية امس مطار البصرة، ابرز معسكراتها في جنوب العراق الى السلطات المحلية إيذانا ببدء العمل بالاتفاق الذي وقعه الطرفان الثلاثاء الماضي وفقا لمراسل «فرانس برس».
وكانت القوات البريطانية انسحبت قبل أشهر من وسط البصرة الى المطار.
ووقعت الحكومة العراقية ممثلة بوزير الدفاع عبدالقادر العبيدي مع سفير بريطانيا الثلاثاء الماضي، عشية انتهاء تفويض الأمم المتحدة اتفاقية تنظم وجود قوات هذه الدولة ومهامها وانسحابها.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري لوكالة «فرانس برس» ان «وزير الدفاع وقع مع سفير بريطانيا كريستوفر برنتيس الاتفاقية التي تحدد مهام القوات البريطانية بين يناير و31 يوليو 2009».
واضاف ان «مهام القوات البريطانية ستكون محصورة بدعم وتدريب القوات العراقية من دون ان تتولى اي مهام قتالية».
ولبريطانيا العدد الأكبر بين القوات الأجنبية غير الأميركية مع 4100 جندي.