دمشق ـ هدى العبود
أكد الرئيس السوري بشار الأسد انه في ظل المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة وإصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة هذا العدوان فانه لا يمكن الحديث حاليا عن أي أمل بالسلام في منطقة الشرق الأوسط.
واعتبر الرئيس الأسد خلال استقباله وفدا من معهد الولايات المتحدة للسلام أمس انه يجب على مراكز الدراسات والأبحاث الأميركية مساعدة الشعب الأميركي والإدارة الأميركية الجديدة لمعرفة المزيد عن منطقتنا من خلال الإصغاء إلى شعوبها ومعرفة قضاياها والمساهمة الايجابية والواقعية في حل مشاكلها.
وقدم الرئيس الأسد خلال اللقاء شرحا عن رؤية سورية لتطورات الأوضاع في المنطقة وخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق.
الى ذلك استبعد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن توسع إسرائيل رقعة الحرب التي تشنها على قطاع غزة لتشمل سورية أو لبنان وكشف عن جهود سورية وفرنسية تركية وقطرية لوقف إطلاق النار ورفع الحصار عن القطاع من خلال وساطة تركية.
وقال وزير الخارجية السوري امس إنه كان ينبغي على مجلس الأمن الدولي إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإلزام إسرائيل بوقف «عدوانها» على غزة وسحب قواتها منها.
وتابع المعلم في تصريحات بعد انتهاء اجتماعه مع وزير العلاقات الخارجية البرازيلي سيلسو أموريم إن إسرائيل «ارتكبت خمس جرائم حرب تستدعي كل واحدة منها قرارا ملزما تحت الفصل السابع الذي يهدد باستخدام القوة لتطبيق قرارات مجلس الأمن».
وأضاف: «من بين جرائم الحرب الخمس قتل الأطفال والنساء والمسنين وهم مدنيون في زمن الحرب، وقتل المسعفين والصحافيين وعدم إيصال المساعدات واستخدام قنابل فوسفورية، وكلها جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي».
وكـــان أموريم قد التقى الرئيس السوري بشار الأسد صباح امس قبل اجتماعه مع المعلم، وبحث معه آخر التطورات على الساحة الفلسطينية ـ الإسرائيلية.
ودعا المعلم إلى تشكيل لجان تحقيق في مجريات الأحداث في غزة.
وقال: «نقبل تشكيل لجان تحقيق حتى لو وضعوا ميليس على رأسها»، في إشارة إلى المحقق الألماني ديتليف ميليس الذي ترأس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والذي اتهمته سورية بالانحياز ضدها في التحقيق.
وبدوره، قال أموريم في تصريح مقتضب للصحافيين إن بلاده تؤمن بالحوار، «بغض الطرف عن رأينا فيمن تقع عليه المسؤولية».
وأضاف أموريم ان بلاده دافعت «عن قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، كما دافعنا عن حق إسرائيل في الوجود».
وقال المعلم إن سورية تجري اتصالات مع قطر وفرنسا لبذل جهود لوقف «العدوان الإسرائيلي وانسحاب القوات الإسرائيلية ورفع الحصار وفتح المعابر».
اجتماع وزاري
على صعيد متصل دعت قطر امس مجلس الجامعة العربية الى عقد اجتماع على المستوى الوزاري بأسرع وقت «نظرا لرفض اسرائيل الامتثال لقرار مجلس الامن» 1860.
ونقلت وكالة الانباء القطرية الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله «انه نظرا لرفض اسرائيل الامتثال لقرار مجلس الامن 1860 تقدمت قطر بطلب دعوة مجلس الجامعة العربية للاجتماع على المستوى الوزاري بأسرع وقت».
من جانبه انتقد رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، امس الدول العربية التي شاركت في الحصار على قطاع غزة قائلا: إن بعض الدول شاركت في ذلك «لتغليب فئة على أخرى».
وأضاف الشيخ حمد في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية أن «بعض العرب اجتهدوا في تأجيج الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني، خاصة بعد حصول حركة حماس على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية».
وقال إن «من بين الطرق التي استخدمت لتغليب طرف فلسطيني على آخر، تدريب القوات ومنع الرواتب عن الموظفين».
وأضاف أن دعوة بعض العرب لإنعاش الضفة على حساب القطاع لم تتحقق، طالبا بأن تكون المبادرة المصرية «موزونة» وتلبي المتطلبات العربية والدولية والإنسانية.
كما جدد رئيس مجلس الوزراء القطري دعوة بلاده لعقد قمة عربية طارئة لبحث «العدوان الإسرائيلي» على قطاع غزة.
المصالح الإسرائيلية
وفي نفس السياق أكدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليڤني أنه ليس هناك أي جدول زمني للعملية العسكرية على قطاع غزة، مشيرة إلى أن «الأهداف العسكرية هي التي تحدد المرحلة المقبلة وفق المضامين والأهداف والمصالح الإسرائيلية الخاصة».
ليڤني وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الألماني توجهت لوزراء الخارجية العرب «الذين انتقلوا للعيش في الأمم المتحدة»، مؤكدة لهم «أنهم لن يغيروا شيئا لأن إسرائيل وحدها هي التي تقرر وقف إطلاق النار»، مشيرة إلى أن إسرائيل تؤيد فتح المعابر شرط أن تكون تحت إشراف السلطة الفلسطينية.
قرب انتهاء العملية
إلى ذلك وفيما اعلن نائب وزير الدفاع الاسرائيلي متان فيلنائي عن ان انتهاء الهجوم على قطاع غزة بات قريبا، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت امس إن إسرائيل تقترب من تحقيق الأهداف التي حددتها لنفسها قبل إطلاق العملية العسكرية في قطاع غزة في 27 ديسمبر الماضي.
وأضاف أولمرت في مستهل جلسة أسبوعية للحكومة الإسرائيلية: إلا أننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الصبر والعزيمة والجهد لتحقيق الأهداف المحددة لكي نغير الواقع الأمني في الجنوب بحيث سيتمكن المواطنون من الشعور بالأمان والاستقرار على أمد بعيد».
وأكد اولمرت أنه «لا يجوز لنا في اللحظة الأخيرة إهدار ما تم تحقيقه حتى الآن بفضل جهد وطني منقطع النظير أعاد روح الوحدة إلى الشعب الإسرائيلي».
وانتقد اولمرت الأصوات الداعية على الساحة الدولية إلى وقف العملية في غزة بقوله إن «أي دولة في العالم ـ حتى تلك الدول التي تعظنا اليوم ـ لم تكن لتبدي الصبر وضبط النفس بالقدر الذي أبدته إسرائيل».
من جانبه أعرب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي عن اعتقاده بأن «إسرائيل تقترب من إنهاء الحملة العسكرية إذ ان قرار مجلس الأمن الدولي لا يتيح لنا المضي قدما فيها لمدة طويلة».
مباحثات القاهرة
على صعيد مباحثات التهدئة أجرى وفد من قيادة حركة حماس امس مباحثات مع رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان بشأن المبادرة التي طرحها الرئيس حسني مبارك لوقف إطلاق النار في غزة.
كم أنهى الوفد امس جولة جديدة من المباحثات مع مسؤولي المخابرات المصرية حول اتفاق لوقف اطلاق النار في قطاع غزة من دون التوصل الى اتفاق.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة ان وفد حماس الذي يضم عضوي المكتب السياسي عماد العلمي ومحمد نصر بالاضافة الى قيادات الحركة في غزة: أيمن طه وجمال ابو هاشم وصلاح البردويل نقلوا للقاهرة اصرار حماس على وجود صفقة متكاملة تضمن الوصول الى تهدئة في غزة.
وأضافت المصادر لـ «يونايتد برس انترناشونال» ان وفد حماس أصر على ضرورة وقف اطلاق النار بشكل فوري والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ورفع الحصار وفتح المعابر.
وفي نفس السياق قالت مصادر مصرية عليمة ان الجانب المصري أصر على ضرورة وقف اطلاق النار فورا والاتفاق على هدنة طويلة الأمد.
وأضافت المصادر ان القاهرة طرحت صيغة جديدة لتنظيم إدارة المعابر تتضمن العودة الى اتفاقية عام 2005 على أن تكون حماس جزءا من فريق السلطة الفلسطينية الذي يشارك في إدارة المعابر.
وأضافت المصادر ان وفدا تركيا برئاسة مستشار رئيس الوزراء للسياسة الخارجية أحمد داوود أوغلو انظم الى المباحثات فور وصوله الى القاهرة صباح امس.
وفي وقت لاحق نفت وزارة الخارجية المصرية مشاركة تركيا في المحادثات التي تجريها مع حركة حماس ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية عن المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي قوله «إن ما نشر في الاعلام حول هذا الأمر ليس صحيحا... والمحادثات تقتصر على نحو ما جرت عليه العادة على الجانبين المصري والفلسطيني من دون مشاركة أي طرف ثالث».
في نفس السياق من المقرر أن يتوجه رئيس الهيئة السياسية والأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية الميجور جنرال احتياط عاموس جلعاد إلى القاهرة خلال هذا الأسبوع لإجراء مباحثات مع مدير المخابرات المصرية العامة.
وقال جلعاد امس إن إسرائيل تجري حوارا موضوعيا مع مصر في مسألة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ولا توجه إليها التهديدات.
وتابع خلال حديث مع الإذاعة الإسرائيلية «أن لمصر أجهزة أمن وجيشا على مستوى عال مما يتيح لها إمكانية وضع حد لجميع المظاهر المخلة بالأمن».
واضاف جلعاد ان «القوة الدولية لن تكون قادرة على منع تهريب الاسلحة من مصر الى قطاع غزة».
وفد أوروبي
وفي السياق نفسه قال ديبلوماسيون أوروبيون امس إن وفدا من برلمان الاتحاد الأوروبي وصل الى العريش ويحاول عبور الحدود المصرية عبر بوابة رفح الى غزة للاطلاع على الاوضاع الانسانية في القطاع.
واضاف الديبلوماسيون ان الوفد المكون من عشرة اعضاء برئاسة نائب رئيس البرلمان لويزا مورغانتيني يحاولون الحصول على ضمانات من الجانب الاسرائيلي لتأمين وصولهم الى غزة.
واشار الديبلوماسيون الى ان الجانب المصري لا يعترض على دخولهم من بوابة المعبر الا انهم ينتظرون الاجابة من الجانب الاسرائيلي.
وينتظر ان يزور الوفد الذي يضم نوابا من بريطانيا وايطاليا والبرتغال وفرنسا بعض المواقع والمستشفيات للاطلاع على اثار الهجمات الاسرائيلية التي دخلت اسبوعها الثالث.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )