هدى العبود
كشف اليوم الاول، بعد دخول وقف اطلاق النار الهش في غزة امس حيز التنفيذ، عن حجم الدمار الهائل الذي تركته وراءها آلة الدمار الاسرائيلية، وعاود الفلسطينيون المصدومون الظهور في شوارع قطاع غزة المغطاة بالانقاض والدمار لانتشال شهدائهم وفحص منازلهم أو ما بقي منها بعدد 22 يوما من الضربات الجوية والقصف الاسرائيلي المدمر وبدت غزة بعده اشبه بمدينة تعرضت لزلزال عنيف لم يترك مدرسة ولا مسجدا وحتى مقار للهلال الاحمر الا واصابها.
وجلست السيدات تنتحب بكاء فوق ركام منازلهن وهم يخفين وجوههن وكان معظمهن غير قادرات على الحديث جراء الحزن الشديد.
وكانت اخريات تفتش الانقاض ليجمعن المتعلقات العزيزة على قلوبهن في حقائب بلاستيكية.
وحاول الأطفال انقاذ الحقائب المدرسية والكراسات الممزقة.
وتوقف القصف بعد دخول وقف اطلاق النار الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد حيز التنفيذ الساعة الرابعة فجر امس، على الرغم من استمرار وقوع اشتباكات محدودة بين القوات الاسرائيلية ونشطاء حركة المقاومة الاسلامية (حماس).
وفي دلالة على أنها مازالت تسيطر على غزة، نشرت حماس رجال شرطة في الشوارع.
حتى أن رجال شرطة المرور كانوا يقفون في الطرق المشوهة المليئة بالحفر.
وأزاحت الجرافات التابعة لسلطات البلدية السيارات وقطع الخرسانة المتساقطة بعيدا عن الشوارع، لكن لا شيء يمكنه اخفاء نطاق الدمار الذي جلبته الآلة العسكرية الاسرائيلية.
وقال رجل شرطة لقائده عبر جهاز اللاسلكي من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع «بعض الناس لا يمكنهم حتى التعرف على المكان الذي كان يوجد به منزلهم».
وتعاملت عربات الاسعاف مع الطرق الممزقة جراء القنابل وجنازير الدبابات كي تنتشل الجثث التي ترقد وسط الانقاض في بيت لاهيا والمناطق المفتوحة إلى الشمال، وقالت شرطة حماس انه تم اكتشاف 100 جثة تقريبا تعود معظمها لنشطاء ومن بينها 20 جثة على الأقل يعتقد انها لمقاتلين قضوا نحبهم في المعارك.
وبلغ عدد الشهداء الذي اعلنها الاطباء التابعون لوزارة الصحة 1300 من بينهم ما لا يقل عن 410 اطفال، كما اصيب 5300 شخص آخرين.
وخشية من تجدد الضربات الاسرائيلية، أمر قائد الشرطة في شمال قطاع غزة رجاله بالتحرك في جماعات صغيرة للغاية فقط وبحراسة مقرات الشرطة والمباني العامة وعدم الدخول إليها الا اذا اقتضت الضرورة القصوى.
وقال ضابط شرطة لاحد رجاله «كن حذرا هذا ليس هدوءا حقيقيا».
وتجولت «سرية» وهي سيدة عجوز ترتدي ملابس سوداء بين انقاض المجمع السكني التي كانت تعيش فيه.
وانتحبت وهي تصارع دموعها قائلة «ماذا يتعين علي أن اقول؟ هل يتعين علي أن اتحدث عن منزلي الذي دمر أم أرضي التي جرفت؟ لقد خرجت بما ارتديه فقط».
وفي اطار وقف اطلاق النار الحذر، افاد شهود عيان بأن الدبابات الاسرائيلية التي تمركزت قبل اسبوعين على الطريق الساحلي بين مدينة غزة ووسط قطاع غزة تراجعت ظهر امس واعادت تموضعها في المنطقة الشرقية لمستوطنة نتساريم السابقة جنوب القطاع.
في المقابل، أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتلا عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في دمشق موسى ابومرزوق بيانا عرضه التلفزيون السوري قال فيه «تعلن فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقف إطلاق النار من طرفنا في قطاع غزة».
وأضاف أبومرزوق «نؤكد على مطالبنا في انسحاب قوات العدو من قطاع غزة خلال أسبوع مع فتح جميع المعابر والممرات لدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات اللازمة لشعبنا في قطاع غزة».
وتابع أبومرزوق «نحن مستعدون مع أي جهود، خاصة الجهود المصرية والتركية والسورية والقطرية، للوصول إلى اتفاق محدد يلبي مطالبنا المعروفة برفع الحصار بشكل نهائي وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح مع تأكيدنا على القرارات الصادرة عن قمة غزة في الدوحة وتقديرنا لها».
الا ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نفت موافقتها على وقف إطلاق النار في غزة الذي أعلنته الفصائل الفلسطينية.
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ومسؤولها في قطاع غزة د.رباح مهنا في تصريح إن جبهته تنفي أن تكون قد وافقت على وقف إطلاق النار، وأضاف «نجدد موقفنا الثابت من أن المقاومة الفلسطينية مستمرة ما دام الاحتلال يحتل أرضنا ويتنكر لحقوقنا».
وتابع «لذلك سنستمر في مقاومتنا وتصدينا للاحتلال حتى إنهاء عدوانه على غزة وانسحاب قوات الاحتلال وفك الحصار وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح».
وأشار إلى أن الجبهة الشعبية دعت جميع الفصائل الفلسطينية للشروع فورا بتشكيل جبهة مقاومة موحدة لتحديد أشكال وتكتيكات المقاومة المناسبة على قاعدة حق شعبنا في المقاومة واستمرارها واختيار أنجع السبل لهذه المقاومة خدمة للمصالح الوطنية الفلسطينية.
ودعا لتشكيل قيادة وطنية موحدة تدير معركة العدوان المستمر على قطاع غزة وعلى شعبنا الفلسطيني بما يمهد لإنهاء حالة الانقسام التي تلحق أفدح الأضرار بقضيتنا الوطنية الفلسطينية.