واشنطن ـ أحمد عبدالله
عقد مجلس سياسة الشرق الاوسط بالعاصمة الاميركية واشنطن ندوة بعنوان «هل يمكن انقاذ حل الدولتين؟» ناقش فيها تأثير مذابح غزة على حل الدولتين في الاراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما بعد تولي ادارة جديدة زمام السلطة في الولايات المتحدة.
وشارك في الندوة رئيس المجلس تشاز فريمان الذي تنقل من قبل في عدد من المناصب بوزارتي الخارجية والدفاع فضلا عن عمله سفيرا في عدد من البلدان العربية.
كما شارك ايضا عضو مجلس الامن القومي الاسبق الذي التحق منذ سنوات بالعمل الأكاديمي وانتهى به الأمر استاذا في جامعة فيرجينيا وليام كوانت، كما شهدت الندوة حضور الاستاذ الفلسطيني في جامعة حيفا اسد غانم والباحث في معهد فلسطين على ابونعمة والباحث في معهد الشؤون الدولية واستاذ العلوم السياسية بجامعة نيويورك آلون بن آمي.
وضع غاية في الصعوبة
وبدأ فريمان الندوة قائلا «ان الرئيس اوباما سيرث وضعا غاية في الصعوبة بسبب الفظائع التي ارتكبتها اسرائيل في غزة، وليس واضحا بعد مدى تأثير تلك الفظائع على الأمد الطويل ولكن الاحتكام للسوابق التاريخية يوضح انها ستفضي على الأرجح الى تقوية التيارات المتشددة بين الفلسطينيين والعرب بصفة عامة وذلك بدلا من دعم المعتدلين الذين ابدوا استعدادهم للعمل مع اسرائيل من اجل التوصل الى صيغة مقبولة لإنشاء الدولتين».
وتابع فريمان قائلا «مصداقية الولايات المتحدة والنظرة الى اسرائيل والى القيادة الفلسطينية الممثلة في السلطة الوطنية تكاد تقترب من الصفر، ويعني ذلك ان حل الدولتين يصبح يوما بعد يوم اكثر صعوبة.
وهناك من يخشون ان يكون قد تجاوز بالفعل خط اللاعودة».
مقاربات جديدة
من جانبه قال كوانت ان الأزمة التي خلفتها الحرب على غزة وتولي رئيس جديد مقاليد الامور في واشنطن يفتحان الباب نحو مقاربات جديدة رغم الصعوبات الجمة التي تواجه حل الدولتين في اللحظة الراهنة.
وسأل كوانت «لا اعرف اذا كان يمكن لأي حكومة اسرائيلية ان تجبر 100 الف او 150 الفا من اولئك المستوطنين على الرحيل، ولا اعتقد ان ذلك امر مستحيل اذ كما رحل المستوطنون الى تلك المواقع بإغراءات وتسهيلات حكومية يمكن لهم ايضا مغادرتها عبر الأسلوب ذاته، غير انني مقتنع مع ذلك بان هذا الأمر سيكون بالغ الصعوبة في كل الاحوال».
وتابع: ان المشكلة عادة تكمن في ضعف القيادات السياسية التي تحسب حساب الانتخابات بأكثر مما تتصرف على اساس المعطيات الضرورية للحل وذلك في الاراضي الفلسطينية واسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء.
واشار الى ان الانقسام الفلسطيني يضعف اي احتمالات بتواجد قيادة فلسطينية قوية وقادرة على اتخاذ قرارات جريئة وان طبيعة تكوين التركيبة السياسية في اسرائيل لا تدعو الى الاعتقاد انه من الممكن بروز اغلبية قوية في الكنيست تدعو للسلام.
وقال ان الادارة الاميركية الجديدة ستستفيد لبعض الوقت من الشعبية التي حصلت عليها في العالم العربي بسبب كونها ليست ادارة بوش الا ان نظر العرب الى المستشارين الذي اختارهم اوباما للتعامل مع الشرق الاوسط ستدعوهم الى اعتقاد أننا عدنا الى ادارة كلينتون وخطواتها التدريجية البطيئة والثرثرة حول اجراءات اعادة بناء الثقة وهي ثرثرة لا تؤدي في تقديره الى بدء التفاوض.
واستطرد كوانت «في اعتقادي ان المسار السوري ـ الاسرائيلي سهل نسبيا اذ ان من زاروا دمشق مؤخرا يؤكدون ان الرئيس بشار الاسد مستعد للسلام.
الا ان ذلك لا ينبغي ان يقود الى الاعتقاد ان الأمر يمكن ان ينتهي بين يوم وليلة، وانا لا أرى تنافسا بين هذا المسار والمسار الفلسطيني بل اعتقد ان توقيع السلام بين سورية واسرائيل سيساعد عملية السلام مع الفلسطينيين».
تدمير مفهوم المقاومة
بدوره، قال ابو نعمة ان هدف العمليات الاسرائيلية في غزة لم يكن حماس وانما تدمير مفهوم المقاومة الفلسطينية وقارن بين اسرائيل وجنوب افريقيا قائلا ان اسرائيل لن تسلم بحل الدولتين الا اذا اجبرت على ذلك وان واشنطن لاتزال غير مستعدة لاجبارها اذ انها مستعدة فحسب لاستئناف فقاعة عملية السلام التي لا تنتهي ابدا الى حل.
واكد ابو نعمة ان وقت حل الدولتين قد ولى وان الحل الآن يكمن في دولة واحدة ديموقراطية تعيش على اساس السلام وان ذلك سيعني ان الفلسطينيين سيحكمون في نهاية المطاف بسبب زيادة عددهم عن عدد اليهود في فلسطين.
وقال البروفيسور اسد غانم ان الاسرائيليين لم يؤمنوا ابدا بحل الدولتين الا في الفترة من 1993 حتى 1996، حتى اعتقادهم به كانوا يقصدون شيئا آخر غير ما يقصده الفلسطينيون، اذ كانوا يقصدون اقامة دولة فلسطينية مجزأة تتكون من 5 تجمعات تعمل على نحو شبه مستقل وتخضع في اهم قراراتها الحيوية للسيادة الاسرائيلية.
واضاف: «لقد هجر شارون تماما مفهوم اسحاق رابين وحوله الى مجرد ادارة للأزمة تعتمد على الانسحاب من غزة والاستمرار في بناء المستوطنات في الضفة الغربية».
واضاف انه لا يعتقد ان اسرائيل ستطبق حل الدولتين في اي حال اذ لا توجد حكومة قادرة على تطبيق هذا الحل في اسرائيل كما ان التصور الاسرائيلي عن الدولة الفلسطينية لن يكون مقبولا لدى الفلسطينيين.
وتحدث البروفيسور بن آمي موضحا انه لا مناص من الاعتراف أولا بان الاسرائيليين يتواجدون في تلك الارض اما لاعتبارات تاريخية او دينية او بحكم الواقع العملي اذ انهم هناك حسب قوله منذ 60 عاما على الأقل.
واضاف ان الفلسطينيين يتواجدون هناك ايضا منذ آلاف السنين وان لهم حقا لا يمكن تجريدهم منه في البقاء هناك، واوضح ان اسرائيل عرضت على العرب اعادة كل الاراضي المحتلة عام 1967 وذلك في يوليو من العام نفسه وان الرد جاء من قمة الخرطوم التي اعلنت عما اسماه اللاءات الثلاث اي لا للسلام ولا للصلح ولا للاعتراف.
وتابع «لقد ضيع الفلسطينيون فرصا كثيرة كما فعل الاسرائيليون الامر ذاته.
ولا يمكن القول ان اسرائيل وحدها هي التي ارتكبت فظائع ولكن الفلسطينيين ايضا ارتكبوا اعمالا ارهابية لا يمكن حصرها ضد المدنيين الاسرائيليين، ويفترض الآن ان نتجاوز عمليات الحكم وان نفكر في المستقبل».
وتابع: «رغم كل ذلك فان المؤكد هو ان حل الدولتين ليس حلا من مجموعة من الحلول المقترحة، انه الحل الوحيد، ان على الادارة الاميركية الجديدة ان تتعامل مع اسرائيل بقدر من الحسم الودي، ان جاز التعبير، اي نعم نحن نضمن امن اسرائيل ولكن من المهم ايضا اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على 99% من اراضي الضفة الغربية وغزة، وبالإمكان التوصل الى حل ولكننا نحتاج الى دور قيادي من هنا من هذه المدينة اي من واشنطن».