وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما بمد يد الصداقة الى العالم الاسلامي وبالاصغاء الى مشاكله وذلك تنفيذا لوعود اطلقها خلال حملته الانتخابية.
وفي أول مقابلة تلفزيونية له مع قناة عربية منذ ان اصبح رئيسا للولايات المتحدة أبلغ أوباما قناة العربية التي تتخذ من دبي مقرا لها أن إدارته ستتبنى نهجا أكثر شمولية في علاقاتها مع العالم الاسلامي.
وأضاف قائلا: «من غير الممكن لنا أن نقصر تفكيرنا على الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي وألا نفكر فيما يحدث في سورية أو ايران أو لبنان أو افغانستان وباكستان.. هذه الاشياء مترابطة».
إشادة بخادم الحرمين
وقال الرئيس الأميركي انه ينبغي على إسرائيل والفلسطينيين ان يستأنفوا مفاوضات السلام مشيدا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لعرضه مبادرة عربية لإحلال السلام في الشرق الاوسط. ووصل جورج ميتشل مبعوث أوباما للشرق الاوسط الى المنطقة امس الاول في مسعى لتثبيت التهدئة الهشة بين حماس واسرائيل.
وتشمل البلدان التي سيزورها ميتشل اسرائيل والاراضي الفلسطينية ومصر والسعودية والاردن لكنها لن تشمل قطاع غزة أو إجراء أي محادثات مع حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وقال أوباما: «ارسال جورج ميتشل الى الشرق الاوسط هو وفاء بما وعدت به خلال الحملة الانتخابية من اننا لن ننتظر حتى نهاية فترة ادارتي لأبدأ مع السلام الفلسطيني ـ الاسرائيلي. سنبدأ من الآن».
استماع لا إملاء
واضاف: «ما أخبرت به ميتشل هو البدء بالاستماع لأن الولايات المتحدة عادة، لدرجة كبيرة، ما تبدأ بالإملاء، وعادة بدرجة كبيرة لا نعرف كل العوامل المتصلة».
ومنح اوباما مبعوثه الى الشرق الاوسط كل الصلاحيات الضرورية كي يجري محادثات «نشيطة» ويحقق «تقدما حقيقيا» نحو السلام. وشدد على أن إسرائيل ستظل حليفا قويا للولايات المتحدة وسيبقى أمنها يحظى بالأهمية القصوى. وقال إن أي حل للأزمة سيستغرق وقتا ، مؤكدا أنه يتحتم أن ينظر إلى الصراع في إطار منطقة الشرق الأوسط برمتها. وقال: «في نهاية المطاف لن نستطيع ان نقول للاسرائليين او الفلسطينيين ما هو أفضل بالنسبة لهم. عليهم ان يتخذوا بعض القرارات. لكنني اعتقد ان الوقت حان لأن يدرك الاسرائيليون والفلسطينيون ان المسار الذي يسيرون فيه لن يؤدي الي الازدهار والرخاء للشعبين وانه بدلا من ذلك جاء وقت العودة الى طاولة التفاوض». وامتدح الرئيس الأميركي الجديد خادم الحرمين الشريفين لمبادرة السلام التي طرحها وتدعو العرب لاقرار السلام مع اسرائيل مقابل انسحابها من الاراضي التي احتلتها في حرب عام 1967. وأضاف أوباما قائلا: «قد لا أتفق مع كل جوانب الاقتراح لكن يتطلب الامر قدرا كبيرا من الشجاعة لطرح شيء بهذه الاهمية. أعتقد ان هناك أفكارا في المنطقة بشأن سبل السعي للسلام».
لا عداء
وقال: «يجب الا نتصور ان الامر سيحل خلال اشهر، لكن اذا بدأنا تحقيق تقدم ثابت حول القضايا، فانني واثق من ان الولايات المتحدة بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي وروسيا وكل الدول العربية في المنطقة، انني واثق انه يمكننا تحقيق تقدم كبير». وأضاف انه عاش في دول اسلامية ولديه أقارب مسلمون «مهمتي مع العالم الاسلامي ان أوصل ان الأميركيين ليسوا أعداءكم». ودعا الناس في العالم الاسلامي الى ان يحكموا عليه بأفعاله مشيرا الى قرار اغلاق المعتقل الأميركي في غوانتانامو الذي احتجز فيه من يشتبه بأنهم ارهابيون دون توجيه اي اتهام لكثيرين منهم.
وصرح أيضا بأنه سيعمل على الوفاء بما وعد به بسحب القوات الأميركية من العراق. وقال «سأفي بوعدي التحدث الى العالم الاسلامي من عاصمة بلد مسلم»، و«ما سنقدمه الى العالم الاسلامي هو يد الصداقة» بعد التوتر الذي تسببت فيه الحرب على العراق وسياسة بوش. وسئل أوباما عن الهجوم الشفهي الحاد الذي تعرض له من زعماء القاعدة المسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر عام 2001 فأجاب قائلا: «ما يكشفه ذلك لي هو ان أفكارهم فاسدة». وأضاف قائلا: «في خطاب تنصيبي قلت.. سيحكم عليك بما تبنيه لا بما تدمره. وما يفعلونه هو تدمير الاشياء. اعتقد ان العالم الاسلامي أدرك ان هذا الطريق لا يؤدي الى شيء سوى المزيد من الموت والدمار». ووعد بمواصلة الحرب الاميركية على الارهاب، لكنه قال ان ادارته ستميز «بشكل واضح» بين القاعدة والذين لا يتفقون معها.
يدنا ممدودة لإيران
وفيما يتعلق بإيران اعرب أوباما عن اعتقاده بأهمية استخدام كل الادوات المتاحة للولايات المتحدة مع طهران بما في ذلك الديبلوماسية. وقال: «من المهم لنا ان نكون راغبين في التحدث مع ايران وان نعبر بوضوح عن مواضع خلافاتنا، لكن هناك أيضا مسارات محتملة لتحقيق تقدم». وذكر ان ادارته ستحدد توجهها خلال الاشهر القليلة القادمة. وأضاف: «اذا رغبت دول مثل ايران في ان ترخي قبضتها ستجد يدا ممدودة من جانبنا».
الى ذلك شدد الرئيس الأميركي باراك اوباما امس على ضرورة إقرار خطة لإنعاش الاقتصاد الأميركي طالبا من خصومه الجمهوريين طرح الاعتبارات السياسية جانبا.
وقال اوباما بعد مداولات نادرة بالكونغرس مع نواب جمهوريين سعى لحملهم على تأييد خطة إنعاش اقتصادي تفوق قيمتها 800 مليار دولار «ان رسالتي الأساسية هي ان الإحصاءات تشير يوميا الى ان الوضع الاقتصادي ملح».
وتابع «لا أتوقع موافقة زملائي الجمهوريين بنسبة 100% لكن آمل ان نطرح جميعا السياسة جانبا ونقوم بما ينبغي القيام به من اجل الأميركيين».
ترحيب سعودي
على صعيد متصل أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن ترحيب المملكة بالتوجه الإيجابي الذي أبداه الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما في تصريحاته ورغبته الجادة في بناء علاقات قوية مع العالم الإسلامي وما أبداه من حرص لحل الأزمات في المنطقة.
وقال الفيصل في تصريح له بثته وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس» مساء امس «نعتقد أن مشكلة الشرق الأوسط تظل محور الأزمات في المنطقة وأحد أهم أسباب عدم استقرارها وأن تركيز الجهود الدولية لحل هذه الأزمة من شأنه أن يسهم تلقائيا في حل بقية أزمات المنطقة التي تعد أحد تداعياتها». وحول ما أبداه الرئيس الأميركي من ملاحظات على بعض عناصر المبادرة العربية للسلام قال الفيصل «إنه ليس لدينا أدنى شك في أن الدول العربية، وهي صاحبة القرار في هذا الشأن، لن يكون لديها أي تحفظ للحوار الهادف والبناء والإجابة على أي تساؤلات لدى الإدارة الأميركية عن المبادرة».