القاهرة ـ خديجة حمودة
وجه الرئيس المصري حسني مبارك تحذيرا شديد اللهجة إلى إسرائيل امس، مؤكدا أن مصر تعمل على تعزيز قواتها المسلحة بهدف تأمين السلام، الذي يظل التزاما مصريا مادامت تلتزم به إسرائيل.
وقال مبارك إن جيش مصر قادر على «رد الصاع صاعين»، في حالة حدوث أي «عدوان» على أراضيها أو النيل من سيادتها.
وشدد الرئيس مبارك في كلمته خلال الاحتفال بـ«عيد الشرطة»، على أن الاتفاق الأمني، الذي وقعته وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليڤني، ونظيرتها الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، بشأن «منع تهريب الأسلحة» إلى قطاع غزة، «لا يلزمنا بشيء».
وجدد رفضه السماح بتواجد أي مراقبين أجانب على الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة «حماس».
وقال مبارك، إن جيش مصر لن ينجرف إلى «مغامرات غير محسوبة عواقبها»، أو إلى «خطوات تستفيد منها جهات إقليمية»، داعيا في الوقت نفسه إسرائيل إلى الابتعاد عن مصر وسيادتها على أراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية، في أي اتفاقات دولية مع أي أطراف خارجية.
وتابع قائلا: «فلسطين كانت وستظل في قلب شعب مصر»، معتبرا أنه «قدم الكثير من التضحيات» من أجل القضية الفلسطينية.
وحول المصالحة العربية اللتي تمت في الكويت اوضح الرئيس المصري «اقول بذات الصدق والمصارحة ان باب المصارحة العربية الذي فتحناه في قمة الكويت يظل رهناً بسلامة القصد وصدق النية وتطابق الاقوال والافعال ومراجعة المواقف والتوجهات من جانب الذين تطاولو على مصر ولا يزالون»
وبينما أكد أن مصر ستواصل دعمها للشعب الفلسطيني وقضيته، إلا أنه شدد على أن «الأولوية ستبقى لمصر أولا وأبدا وفوق كل اعتبار، لحماية أمنها وللدفاع عن مصالح شعبها».
وتطرق مبارك في كلمته إلى جهود مصر لوقف عملية «الرصاص المتدفق»، التي قام بها الجيش الإسرائيلي واستمرت 22 يوما، مخلفة أكثر من 1300 شهيد و5400 جريح، قائلا إن مصر تمكنت من وقف إطلاق النار في غزة، وتواصل السعي لتثبيته، مشيرا إلى أن «المقاومة ليست شعارات تستخف بأرواح الأبرياء».
كما نبه الرئيس المصري الى أن الأزمة التي شهدتها المنطقة بسبب الحرب على غزة كشفت محاولة استغلال العدوان الإسرائيلي لفرض واقع جديد على الوضع الفلسطيني والعربي الراهن قائلا «واقع جديد تغير معادلته ويعاد ترتيب أوراقه لصالح قوى إقليمية معروفة ولخدمة أجندتها ومخططاتها، كان الهدف سحب الشرعية من السلطة الفلسطينية ومنحها للفصائل، والهدف تكريس الانفصال القائم بين الضفة الغربية وقطاع غزة».
وأكد مبارك أن مصر لا تخضع للابتزاز، وقال «لن اسمح لأحد باستدراجنا الى لخطوات غير محسوبة العواقب، تنساق وراء مخططات قوى اقليمية معروفة، وتخدم أهدافها ومصالحها».
وأضاف: ان لمصر جيشا قويا قادرا لن ننجرف الى ما يقامر بأرواح ابنائه الا دفاعا عن ارض مصر وسيادتها ومصالحها العليا.
وحذر مبارك من الحديث عن مرجعية جديدة للشعب الفلسطيني متسائلا لصالح من نهدر الشرعية التاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ أليس من الأولى العمل على اصلاحها وتفعيلها؟ أولم تتفق جميع الفصائل على ذلك في القاهرة عام 2005؟ وتساءل مبارك هل كانت مصر بدورها ومواقفها هي المستهدفة منذ بداية العدوان على غزة؟ وقال: إن هذا التساؤل المشروع تعززه المتابعة المدققة لتسلسل الأحداث قبل العدوان وخلاله وبعد توقفه، لقد ترددت الدعوة لسحب مبادرة السلام العربية على مدار العام الماضي وعادت لتتردد بقوة خلال العدوان على غزة، وخلال اجتماع «الدوحة» والقمة العربية بالكويت، فهل كان هذا هو القصد من تصعيد الوضع في غزة؟
وأضــاف: بفرض سحــب المبــادرة أو تجميدها، فما البديــل؟ هل هو مجرد قطع العلاقات وإغلاق السفارات؟ أم هو الحرب إلى آخر جندي مصري؟ وهل كان الهدف النهائي هو ابتزاز مصر واستدراجها وتوريطها؟ مؤكدا أن المقاومــة ليســت شعــارات تستخف بأرواح الشهداء، وتتاجر بدماء الجرحى ومعاناة المدنيين الأبرياء.
ولفت الرئيس مبارك الى أن المحرضين على القتال وقفوا مكتوفي الأيدي أمام العدوان على غزة ولم يحركوا ساكنا واكتفوا بالخطب والشعارات، وقال: ان تاريخ عالمنا العربي حافل بأمثلة عديدة لمن علا صوتهم وتضاءلت أفعالهم ولمن عرضوا شعوبهم لمعاناة الحروب ومهانة الاحتلال بسياسات غير محسوبة وعلينا أن نتذكــر كيــف استدرجــت مصر لحرب وهزيمة 1967، وعلينا ألا ننسى أن المشهد العربي والفلسطيني الراهن هو بعض من تداعيات هذه الحرب وتلك الهزيمة.
واشار الى أن مصر ستواصل جهودها واتصالاتها لتثبيت وقف إطلاق النار واستعادة التهدئة، ومساعيها لفتح المعابر ورفع الحصار وتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني.. مشيرا الى مصر ستستضيف الشهر القادم مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار ما دمره العدوان على غزة.