بيروت ـ عمر حبنجر
تصريحات البطريرك الماروني نصرالله صفير حول الانتخابات النيابية والتي تضمنت تحذيره من مخاطر فوز قوى 8 آذار واقلها السعي للتخلص من الرئيس ميشال سليمان، فاجأت قوى 8 آذار، كما قوى 14 آذار، وسلطت الضوء واسعا على حجم القلق الذي يعتريه حيال الانقسامات المسيحية، واثارت ردود فعل متعاكسة بين مؤيدة له ومستغربة.
على انه بمقابل السخط الذي تبدى من ردود فعل فريق 8 آذار وبالذات فريق العماد ميشال عون، كان الترحيب الحار من جانب قوى 14 آذار التي اعتبرت في كلام البطريرك «حفرا وتنزيلا» اصاب كبد الحقيقة.
ولا شك ان البطريرك الماروني كان يتوقع ردات الفعل العكسية هذه على كلامه، لكنه قرر وضع النقاط على الحروف لاسباب تردها قوى 14 آذار الى تعاظم الحملة السياسية على الكتلة الوسطية التي يدعو هو الى انجاحها في الانتخابات، وتجاوب قوى 8 آذار مع هذه الحملة، وخصوصا كتلة العماد ميشال عون الذي يعتبر نفسه مستهدفا بالكتلة الوسطية.
وضمن العناصر الشاحنة لموقف البطريرك الصريح والمباشر من الانتخابات النيابية، كما يقول المطلعون، اعتذار العماد ميشال عون عن المشاركة الشخصية في قداس مار مارون، الذي يقام على المستوى الرسمي اليوم في عيد شفيع الطائفة المارونية، والذي يحضره الرؤساء الثلاثة، ميشال سليمان ونبيه بري وفؤاد السنيورة في كنيسة مار مارون في حي الجميزة في بيروت.
لماذا يغيب عون؟
وبررت مصادر كتلة التغيير والاصلاح غياب العماد عون عن القداس السنوي بارتباطه باجتماعات في الرابية، بينما يرى آخرون في هذا الغيا وجها من وجوه ردات الفعل على تصريحات البطريرك صفير حول الانتخابات، علما ان صفير لن يترأس هذا القداس بل مطران بيروت للموارنة بولص مطر.
خلوة مع قائد الجيش
في هذا السياق، شارك العماد جان قهوجي في قداس الاحد في بكركي امس، وعقد خلوة لنصف ساعة مع البطريرك الذي امل ان يجتاز لبنان المسافة الفاصلة عن الانتخابات بسلام.
رئيس حزب الكتائب امين الجميل دافع عن موقف البطريرك صفير بالقول ان البطريرك لا يتعاطى السياسة بالمعنى الضيق، وعلى اساس موقفه انطلقت ثورة الارز مبنية على مفهوم خاص للسيادة الوطنية، وكان العماد عون الى يمينه من عام 2000 حتى عام 2005.
وابلغ الجميل «النهار» ان البطريرك يعبر عن مخاوف لها علاقة بمستقبل لبنان وبمفهومه للسيادة الوطنية الذي يشاركه فيه معظم الناس ولا علاقة لمخاوفه بالسياسة المحلية الضيقة.
انتخابيا، قال الجميل انه يرد التحية بمثلها للنائب ميشال المر، وان يده ممدودة له للتعاون انتخابيا.
بدوره، الوزير الكتائبي ايلي ماروني اشاد بمواقف البطريرك صفير من الانتخابات، وقال: ان البطريرك هو رمز من رموز حماية لبنان وحماية سيادته وكرامته، وبالتالي فإن الانحراف الذي تحاول قوى 8 آذار جره اليه يسيء الى سيادة واستقلال لبنان.
إده يؤيد مخاوف البطريرك
عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده وافق قول البطريرك الماروني نصرالله صفير ان نجاح 8 آذار في الانتخابات سيكون كارثة كبيرة على لبنان لأنه سيغير وجه هذا البلد، معتبرا انه وفي حال فوز قوى 14 آذار لن تخترع العجائب انما تتم المحافظة على «الستاتيكو» القائم.
اده اعلن عزمه الترشح للانتخابات منفردا في دائرة جبيل، ووضع علامات استفهام على الكتلة الوسطية، معتبرا ان قيام هذه الكتلة يعني انه لن تكون الاكثرية لاحد.
رد غير مباشر من العماد عون
في المقابل، نقلت اذاعة «النور» الناطقة بلسان حزب الله عن مصادر في التيار الوطني الحر قريبة من العماد عون ان ما قاله البطريرك صفير يعني انه تبنى بالكامل قوى 14 آذار، واضافت المصادر تقول: نحن لا نعتبر التحالف مع حزب الله انخراطا في مشروع اقليمي، واننا حريصون على استقلال البلد اكثر من غيرنا.
من جهته، رد الرئيس عمر كرامي على البطريرك صفير دون ان يسميه، حيث دعا المرجعيات الدينية الى عدم الدخول في زواريب السياسة، واستدرك قائلا: لكن يبدو ان الطبع يغلب التطبع.
ورأى كرامي ان اي رجل دين يكون طرفا يعرض نفسه للانتقاد، لكن مع الاسف اذا كان البعض يريد ذلك فليتحمل المسؤولية.
كما انتقد كرامي ما وصفه بالتطاول على قيادة الجيش وعلى دورها، معتبرا ان التطاول ليس في مصلحة الوطن ولا مصلحة الاستقرار.
كرامي الذي كان يرد على مواقف للنائب وليد جنبلاط، قال ان مؤسسة الجيش ستبقى سليمة الى ابد الآبدين، وان سياسته مبنية على اساس وطني سليم، وما دام الجيش بخير فلبنان بخير، لذلك فإن التطاول على الجيش وقيادة الجيش ليس في مصلحة الاستقرار.
كلام البطريرك خطير
من جهته، وصف النائب كميل خوري عضو كتلة عون كلام البطريرك صفير بالخطير جدا، وابلغ «المنار» جاهزية المعارضة للانتخابات المقبلة.
لجنة الإستراتيجية
وكان النائب وليد جنبلاط قرر تعليق مشاركة مندوبه المقدم شريف فياض في اللجنة المنبثقة عن لجنة الحوار والمكلفة باستخلاص الاستراتيجية الدفاعية من الاوراق والافكار التي طرحها الفرقاء، وذلك من باب الرد على وزير الدفاع وقيادة الجيش على خلفية وجود ضابط في وزارة الاتصالات مكلف بمهمة يعتبرها جنبلاط مريبة.
ووجه جنبلاط انتقادات لموقف وزير الدفاع الياس المر انه انتقد بشدة وجود هذا الضابط المتخصص في شؤون التنصت داخل الاجتماع الوزاري في السراي، ثم قال للصحافيين في الخارج كلاما مختلفا.
واوضح رامي الريس، مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، ان تصريحات النائب جنبلاط لم تقصد الاساءة للجيش، انما تعكس الخوف من عودة النظام الامني السوري الى التسلل الى بعض الاجهزة الامنية اللبنانية مع الاصرار على الدور الايجابي للمؤسسة العسكرية.
نرفض بقاء لبنان أسيرا للمصالح
في غضون ذلك، اعتبر سعد الحريري رئيس كتلة المستقبل امام حشد من شباب تيار المستقبل ان الانتخابات المقبلة ستحدد اي لبنان يريده اللبنانيون، داعيا الى اوسع مشاركة، رافضا ان يبقى لبنان بعد ثلاثين عاما من الهيمنة على قراره اسيرا لمصالح اقليمية على حساب المصلحة الوطنية.
وقال: اننا متابعون لمسيرة الشهيد رفيق الحريري لنؤكد لمن قتله ان قتله لا يوقف مسيرته الاستقلالية.
ورأى ان التهديدات التي يطلقها البعض حيال الانتخابات ليست دليل قوة، بل دليل الخوف من 14 آذار، معتبرا ان اغتيال الحريري مشروع اغتيال لوطن بأكمله، وهم الآن يحاولون محو صورة الحريري وانجازاته من ذاكرة اللبنانيين لكنهم فشلوا في ذلك.