Note: English translation is not 100% accurate
موجة اكتئاب تجتاح اللبنانيين مرتبطة بمرحلة ما بعد الحرب
السبت
2006/11/18
المصدر : الانباء
بعد حرب يوليو خفتت الرغبة في الحياة لدى اللبنانيين، بمعنى ان السهر والحفلات التي كانت تميز ليالي بيروت، شهدت تراجعا كبيرا بسبب عوامل عديدة، أبرزها فقدان الشعور بالأمن.
انه يعيش في حال حداد على ما حصل (1200 قتيل)، وعلى فقدان الثقة بالمستقبل وبأن ما حصل في يوليو لن يتكرر، إضافة الى الصعوبات الاقتصادية التي أفرزتها الحرب والتي تحتاج الى وقت كبير لتجاوزها، مع الاشارة الى انها فوق طاقة الدولة والشعب، وهي في حاجة الى مشروع دولي ضخم والى اعادة الإعمار، وكذلك ارتفاع نسبة البطالة واقفال المصانع وضربها وتهدمها، كل هذه العوامل أثرت بشكل أو بآخر على انطلاقة اللبنانيين في مغامرة الحياة والعمل وصولا الى غد أفضل، وأدت بالكثير منهم الى الهجرة يأسا، وبآخرين الى الوقوع في المرض، ولكن، هذا الواقع المؤلم، لا يعني ان نتوقف عن المقاومة اليومية في سبيل الاستمرار في الحياة، بل علينا باصرار وبعزم اكتشاف ذواتنا من جديد من خلال المعاناة التي نمر بها حاليا في سبيل انطلاقة أفضل.
يعتبر الشعب اللبناني من أكثر الشعوب العالمية إدمانا على السياسة، فهي خبزه اليومي يتلقفها بكل اهتمام، ويتمحور حولها حديثه ونقاشاته على مدى ساعات النهار والليل، وقد ساهمت الحرية الإعلامية التي يتمتع بها لبنان، الى اقحامه في زواريبها الضيقة، والى إدمانه على مشاهدة البرامج السياسية، عله يستشف من خلالها بصيص نور أو أملا بالمستقبل، أو تتوضح آفاق مستقبله، الا انه يبقى الى اليوم، عاجزا عن وضع نقاط مشتركة يمكن ان تشكل بداية لحل ما يقيه شر الحرب من جديد.
الملاحظ انه خلال شهر رمضان المبارك، توقفت البرامج السياسية على الشاشات، فأخذ اللبنانيون فرصة للتنفس خارج اطار السجالات اليومية، واندفعوا بقوة الى حضور المسلسلات الدرامية، لأنهم اطمأنوا بأن أي حرب لن تقع خلال هذا الشهر الفضيل، وغاب القلق بعض الشيء عن حياتهم، فانصرفوا الى الاهتمام بأمور أخرى، أهمها الشأن الغذائي، ولكن ما ان انتهى عيد الفطر السعيد، حتى عادوا الى التخبط في الأزمات السياسية على أنواعها من جديد. يؤكد د.بزي، ان لبنان كان منذ فترة طويلة قبل حرب يوليو، من أوائل الدول في العالم استهلاكا للحبوب المهدئة للأعصاب، وتعتبر فاتورة هذه الأدوية، الأغلى في العالم بالنسبة الى عدد السكان، وذلك بسبب الكم الهائل من المشاكل التي عاناها اللبنانيون ولا يزالون عبر الحروب العديدة التي عايشوها، منها ما هو خارجي، ومنها ما هو داخلي.
ويحذر د.بزي من ان عدم وجود التوجيه، وعدم توافر الفرق العلاجية المتخصصة التي تهتم بهذه الظاهرة الخطيرة المتنامية في المجتمع اللبناني، يؤدي بالكثير من المصابين اما الى الإدمان على الأدوية المهدئة، او سلوك الطرق الملتوية مثل الجنوح، أو الهروب من المدرسة أو الفشل في القدرة الانتاجية، أو بروز المشاكل الأسرية، وحالات العنف العائلي، وكلها آثار ترتد على جميع اللبنانيين من دون استثناء. كونه محللا نفسيا، يلاحظ د.بزي تزايد عدد اللبنانيين الذين يقصدون المحللين النفسيين والأطباء والمعالجين، بعد الحرب الأخيرة وذلك نظرا للحاجة الملحة للخروج من دوامة الاكتئاب التي أضحت اليوم العنوان البارز لحياة هؤلاء.
بالرغم من كل هذا الواقع المؤلم، أؤكد بشكل قاطع، ان لبنان والأمل، صنوان لا يفترقان، فمهما اشتدت الأزمات، سيبقى هذا البلد مشعاً، لأن التنوع والتعددية الموجودان فيه يضمنان بقاءه وتفرده، تجاوز لبنان في ماضيه العديد من المحن، ولكن، بفضل تضافر جهود أبنائه، اليوم اعتقد بحزم انه سيعود أفضل مما كان. وبعد، يجدر التساؤل: هذا اللبناني الذي دفع من صحته وصحة أبنائه الكثير ثمنا للحروب المتكررة على أرضه، من يستطيع ان يخبره الى أين المطاف، ألا يكفي ست حروب الى اليوم؟
اقرأ أيضاً