واشنطن ـ أحمد عبدالله
توقع خبراء اميركيون بإدارة الرئيس باراك اوباما تفضل اتباع ديبلوماسية سرية في حوارها المرتقب مع طهران في حين طالبها آخرون بأرجائه لمعرفة الرئيس الإيراني الجديد المقرر انتخابه في يونيو المقبل.
وعقد المجلس القومي الإيراني ـ الأميركي ندوة في واشنطن الاسبوع الماضي حول احتمالات نجاح سياسة الرئيس اوباما بالحوار مع طهران وذلك ضمن مسلسل من النقاشات التي يديرها المجلس حول هذه القضية، وشارك في الندوة الديبلوماسي الاميركي جيمس دوبنز الذي سبق ان شغل موقع مساعد وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الخاص في افغانستان بعد حرب 2001 وشاركت فيها الأكاديمية الأميركية الإيرانية الأصل فريدة فارحي.
تفاؤل غير واقعي
وقال السفير دوبنز انه لاحظ ان هناك تفاؤلا وصفه بغير الواقعي من احتمالات نجاح المفاوضات الايرانية ـ الاميركية.
واضاف «هناك مشكلات صعبة للغاية بين البلدين ويبدو ان البعض يتحركون على اساس من الافتراض بان الحوار في ذاته سيحل هذه المشكلات، ان الحوار ليس حلا ولكنه عملية استكشاف لمواقف الآخرين وتحديد لاحتمالات الاتفاق».
وتابع يقول «في المشهد العام بالنسبة لايران فان امرا واحدا يبدو مؤكدا بالنسبة لي وذلك هو ان قليلاً هنا في واشنطن يعرفون الحقيقة عن مواقف ايران وآليات اتخاذ القرار هناك.
ان التصور الاميركي عن ايران يتأسس على افتراضات وعلى معلومات مستقاة من مصادر اخرى، ومن الضروري الآن ان نبلور تصوراتنا نحن».
تفضيل الديبلوماسية السرية
وقال دوبنز انه قرأ مثل الآخرين ما تردد قبل اسابيع عن احتمال تعيين دينيس روس منسقا عاما لسياسة الادارة تجاه طهران، واضاف «ولكننا جميعا لاحظنا ان هذا القرار لم يصدر. وفي تقديري ان لذلك تفسيرا واحدا هو ان الادارة فضلت اتباع الديبلوماسية غير العلنية في اتصالاتها مع طهران.
فحين يتقرر اتباع ديبلوماسية القنوات غير المعلنة فان ذلك لا يستدعي تعيين مبعوث رئاسي يستقطب بحركته كل اجهزة الاعلام لاسيما فيما يتصل بموضوع حساس مثل موضوع الحوار مع الايرانيين».
وقال دوبنز «هناك احتمال قائم حتى الآن ان يعين الرئيس اوباما مبعوثه الخاص في الملف الايراني سواء كان دينيس روس او اي مبعوث آخر.
ولكنني اعتقد انه في كل الاحوال فان الشق الاكبر من المفاوضات الايرانية ـ الاميركية سيبقى بعيدا عن العلن ولن يعرف عنه احد شيئا.
واعتقد ان ذلك هو تكتيك ذكي اذ انه يقلل الضغط على الادارة خلال تقدمها في هذا الحوار كما انه يعفي الايرانيين ايضا من الحرج وذلك حتى وصول المفاوضات الى نتيجتها مهما كانت تلك النتيجة».
مفاوضات تستغرق وقتا طويلا
وقال دوبنز ان صعوبة القضايا التي ستناقش وحرص الادارة على مناقشتها بقدر كبير من التفصيل يعني ان تلك المفاوضات ستستغرق وقتا طويلا.
يمكن القول اذن وباختصار انني اعتقد اننا لن نعرف مقدما عن الشق الاكبر مما يدور من اتصالات بين البلدين وان تلك الاتصالات قد لا تنتهي الى اتفاق ولكنها بالتأكيد ستنتهي الى فهم افضل من كل جانب لمواقف الجانب الآخر كما انها ستكون مفاوضات طويلة وشاقة».
بدورها قالت الاكاديمية فارحي ان طبيعة التركيبة السياسية لايران تحول دون ان يظهر اي طرف هناك بمظهر من يسعى الى ارضاء الولايات المتحدة، واضافت ان «الثقافة الشعبية التي ترسخت عبر سنوات بسبب طبيعة السياسات الاميركية تجاه ايران وبسبب المزايدات السياسة التي ترافق اي نظام يشهد حراكا سياسيا متصلا كالنظام الايراني هي ان اميركا عدو تجب مواجهته».
وقالت «معنى هذا من الوجهة العملية ان المسؤولين الايرانيين سينزعون دوما الى مهاجمة الولايات المتحدة علنا حتى وهم يتفاوضون معها سرا».
تهدئة إعلامية
وتابعت «انا لا اعرف ان هناك مفاوضات قد بدأت بالفعل ولكنني اعرف ان هناك مفاوضات ستبدأ.
ويتعين ان تلتزم الادارة بصرامة بتصريحات تصالحية لان الهجوم الاعلامي والكلامي من قبل المسؤولين الاميركيين على ايران يزيد الايرانيين عنادا ويجعل من الصعب بالنسبة لهم تحريك الموقف الى نقطة اكثر مرونة في المفاوضات».
وانتقدت فارحي بتركيز شديد سياسات الادارة السابقة قائلة «العقوبات التي كانت تشدد دون توقف فشلت فشلا ذريعا ولم تسفر الا عن المزيد من العداء في علاقات البلدين. والحديث عن تغيير النظام ادى الى تقوية النظام.
والحديث عن متشددين ومعتدلين في ايران ادى الى تصعيد حدة التصريحات المعادية للولايات المتحدة هناك من الجانبين معا واعلان اننا نفضل المعتدلين قضى على اي فرصة لهم في تحقيق انجازات ملموسة على الصعيد السياسي».
خامنئي يريد حواراً جاداً
وتابعت «علينا ان ندرك ان القرار النهائي هو في يد مرشد الثورة آية الله علي خامئني وانه هو الذي يمتلك القدرة على تحديد الاتجاه العام لمواقف بلاده.
وطبقا لتحليل دقيق لمواقف خامئني فانه يتمتع بحس سياسي براغماتي ويحسب الامور بدقة من زاوية المكسب والخسارة لبلاده من وجهة نظره بطبيعة الحال.
ويحافظ خامئني على التوازنات الحساسة على الساحة السياسية الايرانية ولذا فانه لا يتدخل بقوة الا اذا كان الامر يستدعي تعديلا في الاستراتيجية العامة للسياسة الايرانية. واعتقد ويعتقد معي كثيرون ان خامئني يريد حوارا جادا مع الولايات المتحدة. واتفق تماما مع اراء جيمس دوبنز بان تلك المفاوضات ستكون طويلة وشاقة ولن نعرف نتائجها ربما في العام الحالي».
دعوة للتريث
بموازاة ذلك دعا تقرير سياسي الرئيس أوباما إلى الانتظار حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية في إيران، قبل إطلاق السعي الجدي للتفاوض مع طهران، دون إهمال احتمال الاتصال المباشر بمرشد الثورة الإسلامية في البلاد، علي الخامنئي، صاحب القرار النهائي على المستوى السياسي.
وذكر التقرير، الذي يعتمد على آراء مجموعة من الخبراء بالشأن الإيراني، أن لواشنطن الكثير من المصالح المشتركة مع طهران، يمكن أن تشكل مدخلا للمفاوضات الثنائية، التي يحدد التقرير الهدف الأميركي منها بتجميد برنامج إيران النووي ووقف دعم حماس وحزب الله، إلا أنه يحذر من أن إيران لن تقدم الكثير على الأرض قبل حصول تطور بالمفاوضات.
التقرير الذي نشرته مجلة تايم، حمل آراء عدد كبير من الخبراء في ملفات طهران، بينهم علي أنصاري، الباحث بالشأن الإيراني لدى مركز أبحاث «شاثم هاوس» البريطاني الذي قال إن على أوباما التريث إلى ما بعد يونيو المقبل بانتظار تحديد هوية الرئيس الإيراني المنتخب.
ولفت أنصاري إلى أن الرئيس الإيراني الحالي، أحمدي نجاد، قد يخسر السباق أمام الرئيس السابق الأكثر انفتاحا على الغرب، محمد خاتمي، أو قد يجد نفسه مدفوعا إلى إبداء المزيد من الليونة أمام الغرب بسبب عودة خاتمي لميدان السياسة، كي يفقد منافسه ورقة القوة الأساسية لديه.